&

اجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع وزيري خارجية المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وكذلك مع كل من مساعد وزير الخارجية البريطاني والمبعوث الأممي لليمن يوم الخميس الماضي إلى جانب الاجتماع الذي سيعقد كيري مع نظرائه الخليجيين، كل ذلك يؤشر على انتباه جديد للولايات المتحدة حيال الصراع الجاري في اليمن، لاسيما بعد انهيار المحادثات بين الطرفين في الكويت.

التوجه الأمريكي الجديد الذي يعكس إصرارا على حل الأزمة اليمنية، خصوصا بعد الاجتماعات الدبلوماسية المرتقبة والتي ستضم نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، سيكشف بالضرورة عن ترتيبات جديدة في ظل مؤشرات بدا معها واضحا أن ثمة خطة دولية يجري إعدادها بالتزامن مع الملف السوري بين اللاعبين الدوليين، بعد أن انتهت مسارات كل من الملفين اليمني والسوري إلى حالة مع الاستعصاء أصبحت تمثل تهديدا مباشر للمصالح الغربية والإقليمية المشتركة في منطقة الشرق الأوسط.

في العادة، ومنذ بداية عملية عاصفة الحزم التي أطلقتها المملكة في اليمن لمواجهة النفوذ الإيراني هناك، كان واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت موقفا شبه محايد في تصريحات الدبلوماسيين الأمريكيين منذ العام الماضي.

ونتيجة للتطورات التي قد تفضي إلى استمرار الأزمة في اليمن في ظل انسداد مسار المفاوضات، وتجدد القتال على جبهات مختلفة بين الطرفين، ربما كان دور الضغوط السياسية للولايات المتحدة تأثيرا سياسيا قد يسمح بتسجيل اختراق إيجابي نحو انهاء الأزمة في اليمن، ولعل هذا المعنى هو أوضح تعبيرات الإصرار في تصريحات وزير الخارجية الأمريكي في هذا الصدد.

تملك الولايات المتحدة بالتنسيق مع الروس إمكانيات عديدة لتدبير حل للأزمة، فلدى كل من البلدين من أدوات الضغط والتأثير ما يسمح بانفراجات ممكنة حيال الوضع اليمني.

إن المصير السياسي لقضية الصراع في اليمن هو الأفق الوحيد الذي يمكن أن تلتقي فيه مصلحة جميع الأطراف سواء الإقليمية أو الدولية، ولهذا فإن الترتيبات والاجتماعات القادمة حول الأزمة في اليمن بين الأطراف الخليجية والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا ستكشف عن الكثير من بوادر الانفراج. وهذا تحديدا ما صرح به مسؤول أمريكي خلال زيارة كيري للمملكة حين قال "الاجتماع متعدد الأطراف بشأن اليمن يهدف لمشاركة الآراء والمبادرات من أجل إعادة النقاش السياسي إلى مساره ومحاولة التوصل لحل سياسي."

ذلك أن الوضع في اليمن أصبح تهديدا محتملا للكثير من المصالح الأمنية والسياسية في المنطقة، لاسيما في ظل احتمال الفوضى والإرهاب الذي قد ينذر بكوارث حقيقية تطال آثارها الجميع.

ملف الصراع في اليمن متعدد المحاور والأطراف ؛ فإلى جانب الصراع بين الحوثيين وقوى الشرعية اليمنية، ظل اليمن مسرحا للعمليات الإرهابية بعد انتقال قيادة القاعدة في جزيرة العرب إليه، واحتلال التنظيم لمدينة المكلا اليمنية والعديد من المناطق هناك لفترة طويلة، إلى جانب وجود لتنظيم داعش الذي صار ينشط في ظل مناخ الفوضى الذي أصبح عليه الوضع في اليمن.

ويبدو أن فشل مفاوضات الكويت التي عول عليها البعض، وتجدد الصراع واحتمالات تمدد الخطر الإرهابي للقاعدة وداعش هناك، نبه المجتمع الدولي إلى ضرورة حسم ملف الصراع في اليمن، واستباق النتائج المحتملة والخطيرة في حال ترك الوضع اليمني إلى مصير مجهول.

في كل الأحوال، هناك ترتيبات جديدة وذات اهتمام دولي بالوضع في اليمن , وإذا ما تم اتفاق وتنسيق روسي بريطاني أمريكي خليجي في سبيل حل سياسي للوضع اليمني فإن احتمالات النجاح في إنهاء الصراع هذه المرة ستكون أقرب إلى الحقيقة. أو على الأقل، هذا ما قد تكشف عنه الأيام في المرحلة القادمة.