مع حصول تركيا على الضوء الأخضر الأميركي المدعوم روسيا الى حد كبير اصابت الدبلوماسية الامريكية عدة عصافير بدلا من عصفورين في وقت واحد!

أولا: بعد البرود الذي شاب علاقاتها مع تركيا واتهام امريكا بالتورط بشكل من الاشكال في الحركة الانقلابية ضد اوردوغان تراجعت الولايات المتحدة الاميركية عن موقفها المتصلب السابق من انشاء منطقة منزوعة السلاح على الحدود التركية وسمحت للقوات التركية بدخول جرابلس لتطمئن تركيا على عدم ربط المناطق الكوردية المحررة بمنطقة عفرين وشمالي حلب وبالتالي للحيلولة دون تحقيق الكورد لطموحاتهم المشروعة في سوريا ديموقراطية جديدة، كل هذا بذريعة محاربة داعش والإرهاب الدولي وضرورة الاستفادة من ثاني اكبر جيش في حلف الناتو، طبعا مع تناسي المواقف السابقة للحكومة التركية وعلاقاتها المشبوهة بداعش.

ثانيا: إرضاء الجيوب العربية والتركمانية والى حد ما دول الخليج والتأكيد على ان أميركا لا تدعم الفصائل الكوردية فقط وانما تقف الى جانب العرب والتركمان ولا تسمح باي تغييرات ديموغرافية حسب ما يعتقدون وأنها في النهاية مع ما يسمى بسوريا موحدة مع انها لم تعد موجودة.

ثالثا: رغم تحجيم الدور والمشروع الكوردي تتحجج بانها سبق وان اخطرت القوات الكوردية بعدم العبور الى الضفة الغربية لنهر الفرات وبانها ستوقف دعمها اللوجستي فيما اذا أقدمت القوات الكوردية على هذه الخطوة في نفس الوقت الذي تعلن فيه أمريكا عن تأييدها المشروط لما يمكن تسميته بنظام الكانتونات التي يطرحها الكورد وعدم ممانعتها في ضمان حقوق الكورد في اية ترتيبات مستقبلية فيما اذا تم التوصل الى حل نهائي وفي كل الأحوال فان دفرسوار جرابلس لن يؤثر كثيرا لا على الوجود الكوردي في هذه المناطق ولا على المشروع الكوردي المستقبلي فما ضاع حق ورائه مطالب.

رابعا: بتقدم القوات التركية في هذه المناطق وتحديد منطقة عازلة اتاحت الولايات المتحدة الاميركية للدول الغربية وعموم اوروبا والمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والتي تستقبل أفواج اللاجئين، من انشاء مخيمات ومناطق سكنية للمهاجرين وبالتالي تخفيف العبء على دافع الضرائب الأوربي والتقليل من حدة الصراع الثقافي والتهديدات المزعومة حول ما يسمى بالهجوم الإسلامي.

خامسا: بفتح الطريق امام القوات التركية التي دخلت المنطقة دون أي مقاومة تذكر! والتمركز قريبا من حلب أرسلت أمريكا رسالة لا لبس فيها لبقية الأطراف لا سيما الند الروسي بانها وقوات الناتو التركية موجودة وتستطيع في أي وقت إعادة خلط أوراق اللعبة وان عليهم إعادة النظر في مواقفهم وحساباتهم.

انها أميركا أيا كان سيد البيت الأبيض تمارس وتطبق حرفيا وبحرفية المبدأ القائل بانه ليس هناك أصدقاء دائمون ولكن هناك مصالح دائمة وطبعا في مقدمة هذه المصالح مصالح الولايات المتحدة الاميركية حتى إذا كان ذلك على حساب الام ومعاناة الاخرين.

[email protected]