نادرون في البلدان العربية والإسلامية أولئك المفكرون الاحرار والواعون، الذين لديهم جرأة نقد التطرف والتزمت الاسلاميين في اشخاص هذا الداعية المتزمت او ذاك. كان ذلك ما عرفناه منذ العشرينيات ايام تكفير طه حسين وعلي عبد الرازق، وصارت المهمة اكثر صعوبة بل وخطورة مع ظهور حركة الاخوان وازدياد المد المتطرف واتساعه في العقود القليلة الماضية. حملات المتزمتين وأدعياء التقوى والإسلام (الطاهر) آدت لاغتيال فرج فوده ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ. وجاءت الخمينية جيشا اضافيا لمناهضة الفكر ألانتقادي الحر، حتى ان عددا من كبار رجال الدين الشيعة الايرانيين تعرضوا الى الحجز والاعتقال ومنهم حسين منتظري، الذي نشر ابنه تسجيلات عن عمليات الاعدام الالفية في سجون الخميني.. (جريمة) سيد القمني منذ بدأ بنشر افكاره المضيئة كونه يفضح ويدين وبالشواهد والبينات والمقتطفات الطبعة الرديئة من الاسلام كما يعرضه ويروج له دعاة التزمت المهووسون بتأثيم جسد المرأة والتحريض ضد دعاة الاصلاح الديني ونقاد التزمت والتعصب الدينيين والمذهبيين المتزمتون، من رجال دين وأصحاب المناصب وقادة احزاب اسلامية، يبشرون في القرن 21، ورغم الاعلان الدولي لحقوق الانسان والإعلانات المناصرة للمرأة وللطفولة بتحليل زواج الطفلة وخطبة الرضيعة ورجم المرأة علنا حتى الموت وتحريم مصافحة المرأة واعتبار غير المسلمين (كفرة)... الخ... كان كبار رجال الدين في العهد العثماني (الذي يريد اردوغان العودة اليه بثوب جديد) يصدرون الفتاوى لتبرير حروب الامبراطورية العثمانية. وكان رجال الدين المتزمتون في العراق في اواخر القرن 19 وبعدئذ يحرمون تعليم الانثى وفتح مدارس للبنات. ولكن تيار التحضر اكتسحهم رغما عنهم ولكن التخويف من المرأة ظل هاجسا لحد يومنا هذا. سيد القمني تعرض الى هجمات متتالية، كانت تطغي ثم تخفت ولكنها لم تنته لحد يومنا هذا. وان من واجب المثقفين والساسة الاحرار الوقوف معه تضامنا كتعبير عن الدفاع حرية الرأي والتفكير والعقيدة. ان المتزمتين والمتطرفين الدينين كانوا سيدعون الى قتل ابن رشد والمعري وعمر الخيام لو كانوا يعيشون هذه الايام. ان الشعوب الغربية كانت هي الاخرى في زمن من الازمان ضحايا للتطرف الكنسي ولكنها ومع الزمن فكت عنها القيود وجرت اصلاحات دينية عميقة وتم التوصل الى فصل الكنيسة عن الدولة وفقا للشعار الفرنسي : ( المعلم في المدرسة والقس في الكنيسة ورئيس البلدية في البلدية).

وقد رأينا العواقب الوخيمة لسيطرة التيارات الدينية المتطرفة والمسيسة في ايران، وأيام حكم الاخوان في مصر، وفي العراق وما جلبته حركة طالبان والقاعدة، واليوم داعش من مصائب وكوارث وسيول دماء ومقابر جماعية ومصر العزيزة يجب ان تكون فخورة بأمثال سيد القمني، فهو من بلد احمد لطفي السيد وطه حسين وعلي عبد الرازق وسلامة موسى وفرح انطون وفرج فوده ونجيب محفوظ وغيرهم من رموز الانفتاح والفكر الحر. والنظام المصري الراهن الذي جاءت به انتفاضة الشعب والجيش ضد حكم الاخوان، مرجوّ منه ان يكون حارسا لحرية الرأي وسداً امام هيمنة الفكر المتزمت والتطرف الديني المسيس، وان يلجم صرخات وتحركات من يريدون العودة بمصر والمنطقة الى العهود الوسطى، وهم في الواقع يروجون بأساليب وصيغ ومواقف اخرى لأفكار الاخوان.

&

ومرحى لسيد القمني، والف تحية.