السيناريوهات المحتملة الناجمة عن الاتصال بالحضارات الكونية:

يجير أنصار التواصل مع الحضارات الفضائية هذه الذرائع لصالحهم ويقولون " لو أن حضارة متطورة وأقدم منا فإنها ستكون والحالة هذه، قد اكتسبت الحكمة وتجاوزت مشاكل الفتوة والمراهقة والحماقات الكونية التي نمر بها نحن البشر الآن على الأرض، كالحروب ومخاطر البيئة والتلوث البيئي وأسلحة التدمير الشامل والسباق على استهلاك وهدر الطاقة. وعلى ضوء هذا التشخيص، لماذا لا نفترض أنهم سيقومون بمساعدتنا لإيجاد حلول لمشكلة الاحتباس الحراري réchauffement climatique، على سبيل المثال. ويضيف العلماء المتحمسين للاتصال بالحضارات الكونية الأخرى قائلين ": إن المسافات بين النجوم من الكبر بمكان تتطلب أن يتم التحضير والتخطيط لمشاريع استكشاف الفضاء على مدى قرون وربما آلاف السنين. وإن حضارة تخوض غمار مثل هذا المغامرة وتفكر بأنها ستظل حية بعد ألف عام لإدارة المشروع واستكماله ستبدو حكيمة ورصينة وهادئة حيال صورتها كما يعتقد لوك آرنولد Luc Arnold، وهو عالم فلك في مرصد أعالي البروفانس الفرنسي. فالرهان على بقائها على قيد الحياة يبدو أقل حراجة وهو رهان علينا أن نقوم به.

على أية حال لقد فات الأوان بخصوص النقاش حول ملائمة إرسال رسائل بشرية إلى الفضاء أم لا. فلقد تم ذلك بالفعل وأرسلت البشرية عدة رسائل، وإن كانت بدائية ساذجة، إلى الفضاء الخارجي القريب من الأرض. والواقع هو إن كل حضارة متمكنة من السفر بين النجوم يمكنها أن تلتقط التسلل غير المقصود وغير الممنهج للإشارات الأرضية باتجاه الفضاء كموجات الراديو والتلفزيون وغيرها كما يقول دوغلاس فاكوش. فأية حضارة أكثر قدماً منا بــ 200 أو 300 سنة فقط يمكنها التقاط إشارات على بعد بضعة مئات من السنوات الضوئية، فإرسال رسائل راديوية لا يغير من الأمر شيئاً. ففي حالة وجود الحضارات الكونية فإنها تكون قد عثرت علينا واكتشفت وجودنا دون الحاجة لرسائل من قبلنا. وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى فيلم ّ اتصال contact " الذي كتبه عالم الفلك الراحل كارل ساغان، والذي يلقي الضوء بدقة على مثل هذه القضية وبصورة صاعقة وصادمة. ففي هذا الفيلم، وهو من نوع الخيال العلمي الذي أنتج سنة 1997، يتواصل الغرباء الفضائيون مع بني البشر من خلال إعادة إرسال أول رسالة البشرية إلى مرسليها بعد تلقيها، وهي عبارة عن صور لأدولف هتلر وهو يفتتح دورة الألعاب الأولمبية في برلين سنة 1936 وهي أول حدث عالمي يعرض بالبث المباشر. يدحض المعارضين لهذه الأطروحة، وبالأرقام مثل هذا التبريرويقولون، إنه من أجل التقاط ورصد هذه البرامج والإشارات البدائية غير المقصودة والضعيفة جداً،:" يتطلب الأمر وجود هوائي استقبال ضخم ذو كلفة هائلة" كما يقول كاتب الخيال العلمي والعالم الفلكي، والعضو السابق في معهد سيتي، والمناهض العنيد لهذه النظرية أي لمشروع إرسال الرسائل البشرية إلى الفضاء الخارجي وهو دافيد بران David Brin، ويضيف:" لو أنه سبق أن تم اكتشاف وجودنا من قبلهم فما الحاجة إلى الصراخ في الكون الفسيح لجلب انتباههم؟. ولتقدم النقاش وتطويره قدم باحثون عدة سيناريوهات ممكنة في هذا إلإطار للقاء محتمل مع حضارة كونية لا أرضية وهي على ثلاث أنواع أهمها وأخطرها لقاء النوع الثالث: آخذين بالاعتبار نفسيتهم ودوافعهم وهل هم غزاة أم مستكشفين، غير أنانيين أم لا مبالين، وفي النتيجة تبين أن السيناريوهات الكارثية هي الأرجح والأكثر عدداً. فهم إما أن يهاجمونا لتوسيع رقعة نفوذهم ومواقعهم أو ياكلوننا، أو يخضعوننا لهم كعبيد، أو يبيدونا أو يستأصلونا لأننا نشكل لهم خطراً كامناً عليهم وعلى باقي المجرة،، أو بدون قصد ينقلون لنا أمراضاً فضائية فتاكة لا نعرفها وليس بمقدورنا وقفها أو معالجتها أو ينقلون لنا عينات أو أنواع من الكائنات الغازية التي تهدد الحياة على الأرض كنوع من الحشرات التي تأكل الأخضر واليابس، وباختصار لا شيء جديد يتعدى ما تم ذكره في الكتب والروايات والأفلام الخيالية العلمية، وكتاب هذه الدراسة يعترفون بذلك بأنفسهم ويفتقدون التقويم الكمومي للأخطار المحدقة والحقيقية وليس المتخيلة والافتراضية. أما المناهضين لمشروع ميتي فهم يطالبون بهدنة ووقفة تتيح لهم دراسة المسألة من كافة جوانبها، والتعمق في كافة الاحتمالات الممكنة، في حين يعترض على ذلك البعض الآخر ويقولون نحن نحث الجميع على التصرف كعلماء حقيقيين ناضجين فعندما يعترض زميل عالم على النقاش وعلى سبيل التحوط، فليس من الخطأ منحه بعض الرضا وتلبية مطلبه، لكن المتعصبين لمشروع ميتي يتفادون الخوض في افتراضاتهم المحرجة. نقاشات مثل هذه موجودة في مجالات واختصاصات أخرى. فهناك قواعد وضعت في مجال البحث الجيني أو الوراثي والهندسة الوراثية بغية تفادي الانحرافات والتجاوزات في مجال الاستنساخ البشري الممنوع رسمياً في جميع أنحاء العالم. كما إن مكتب حماية الكوكب في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا يعمل على تطهير وتعقيم الأجهزة والمعدات المرسلة إلى كوكب المريخ بغية تفادي حدوث عدوى هناك يمكن أن تصيب الكائنات العضوية البدائية أو الجرثومية فيما لو كانت موجودة أو التي يمكن أو يفترض أن تتواجد هناك. والحال أنه لا توجد أية قواعد لتنظيم وتقنين مسألة الاتصالات مع الكائنات الفضائية داخل المؤسسات الدولية. لذلك قام دوغلاس فاكوش في تموز سنة 2015 بتأسيس منظمة ميتي العالمية، بديلاً لــ سيتي، جامعاً من حوله عدد من العلماء من جميع أنحاء العالم، ومن مختلف الاختصاصات، والهدف واضح وهو تشجيع كل محاولة للاتصال وكل مشروع لإرسال الإشارات إلى المخلوقات الفضائية المفترضة أو المحتملة الوجود في الفضاء الخارجي ولكن قبل التحدث باسم الإنسانية جمعاء ينبغي القيام بقليل من التأمل والتأني وهو ليس بالأمر العسير أو الزائد عن الحاجة.

ظاهرة الحياة: هل هي أرضية أم كونية؟

منذ فجر الإنسانية والبشر يتساءلون هل نحن وحيدون في هذا الكون؟ من البديهي القول أن الحياة ظهرت على كوكب الأرض منذ مليارات السنين، من شكلها البدائي أحادي الخلية إلى شكلها المعقد العاقل والذكي الذي بات يغزو الفضاء ويحقق المعجزات التكنولوجية في كل يوم. ولكن كيف ظهرت الحياة؟ ولماذا على الأرض حصراً؟ لماذا لم تظهر في كواكب أخرى في المنظومة الشمسية؟ ومن يعلم حقاً أنها لم تظهر في النظام الشمسي قبل الأرض؟ وماذا تعني الأرض بالنسبة لمكونات الكون المرئي المنظور والمرصود المليء بمليارات المليارات من السدم والحشود المجرية وعناقيد المجرات والنجوم والكواكب وغيره من المكونات المادية والطاقات المعروفة والخفية؟ وهل من المعقول القول أن الحياة وجدت في كوكب واحد في هذا الكون الهائل الاتساع والباقي مجرد ديكورات أو إكسسوارات لا أكثر؟ من العبث التفكير بهذه الطريقة وإنكار ما لانعرفه أو نجهله.&

والأمر يتطلب حقاً نظرية في فيزياء الحياة biophysique تثبت أن نظرية التطور الداروينية في النشوء والارتقاء والانتخاب الطبيعي ما هي إلا جزء صغير من صيرورة أكبر وأوسع وأشمل، حدثت وتحدث في كل وقت في الكون المرئي برمته.

&

الغبار النجمي يحمل بذور بدء الحياة:

إن نظامنا الشمسي ملئ بالغبار الناتج عن العديد من التفاعلات بما فيها تكسّر المذنبات. لذا فإن رحلة صغيرة إلى مكونات الغبار النجمي ستنقلنا إلى عالم من الأجوبة حول كيفية بدء الحياة على كوكب الأرض. قام جون برادلي من مختبر "لورانس ليفرمور" الوطني في كاليفورنيا وزملاؤه بدراسة على الغلاف الخارجي للغبار المستخرج من الغلاف الجوي الطبقي للكرة الأرضية (الستراتوسفير). باستخدام مجهر متناهي الدقة واستطاعوا ملاحظة وجود تجاويف مائية صغيرة تحت سطح ذرات الغبار.

يقول العلماء أن التجاويف المائية تكوّنت بفعل تعرض ذرات الغبار هذه إلى الرياح الشمسية المشحونة، حيث يتكون الغبار النجمي بمعظمه من السيليكات التي تحتوي على أوكسجين، وبينما يسافر هذا الغبار عبر الفضاء يصطدم بالرياح الشمسية التي تحوي على تدفقات من ذرات هيدروجين متأينة ذات طاقة عالية، عندها يندمج الأوكسجين والهيدروجين مشكلين بذلك الماء.

يعتقد العلماء أن الأرض تلقت أمطاراً من الغبار الكوني في فترة ما من مراحل نشوء الحياة الأولى رغم أن هذا لا يفسر حساب ملايين الكيلومترات المكعبة من الماء التي تغطي سطح الأرض. ولكن، ومن ناحية أخرى، تعتبر الكويكبات المحملة بالماء والمذنبات التي اصطدمت بالأرض في مراحل سابقة، مصدرًا هامًا لوجود الماء على الأرض.

يأتي هذا الاكتشاف مرتبطًا بدراسات سابقة حول وجود مركبات عضوية في الغبار الكوني، حيث يتبين من النتائج وجود المكونات الأساسية للحياة كالكربون العضوي والماء في الغبار النجمي والكوني. وبما أن ذرات الغبار هذه منتشرة بين جميع مجرات الكون فإن هذا يبشر بوجود حياة في مكان ما في هذا الكون حسب استنتاج العديد من العلماء.

جيريمي بريتون، وهو فيزيائي يبلغ من العمر 31 عاما ويعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، يعتقد انه وجدت الفيزياء الأساسية العتلة الدافعة لتشكيل أصل و تطور الحياة.

الحياة ظاهرة كيمائية:

من يصدق كيفية تطور العقل البشري ومستوى إدراكه خلال بضعة قرون قليلة؟ لقد كان هناك علماء فطاحل في زمنهم، لكنهم كانوا يؤمنون بمعتقدات ساذجة بعيدة عن العلم وأقرب إلى الخرافة والخيال.

وليام هيرشل William Herschel مكتشف كوكب أورانوس ومستكشف السماء الموهوب كان يعتقد أن الشمس مسكونة، بل وحتى إسحق نيوتن كان يعتقد أن الشمس مأهولة بالسكان، ولقد استغل الكاتب ميلييه سنة 1904 هذه الثيمة في كتابه " رحلة عبر المستحيل متخيلاً عربات مجمدة ينقل فيها مسافريه إلى هناك , ولقد تبين للعلماء أن الشمس ساخنة جداً لدرجة لا يمكنها أن تحتضن الحياة داخلها أو فوق سطحها. فدرجة الحرارة على سطحها تصل إلى 6000 درجة وأكثر من ذلك بكثير في أعماقها وهي درجات حرارة لا يمكن أن يقاومها أي كائن عضوي فالماء على سبيل المثال، ليس فقط سوف يتبخر على الفور فحسب، بل سيتحلل إلى هيدروجين وأوكسجين فلا يمكن لأي كائن عضوي جزيئي مركب أن يبقى على قيد الحياة. وهناك نجوم أخرى أكثر سخونة بكثير من حرارة شمسنا وتبلغ درجة حرارة السطح في بعضها 1000000 درجة، فما بالك بدرجة حرارة الأعماق والنواة، في حين توجد نجوم لا تتجاوز درجة الحرارة فيها 2000 درجة وهي من المستوى الأرضي لأن القوس الكهربائي يسمح بالوصول إلى 3000 درجة، ومن أجل الدراسة الدقيقة للتأثيرات الحرارية، نحن نعرف أن الجزئيات البسيطة لأوكسيد التيتان والزركونيوم، يمكنها تحمل ومقاومة مثل هذه الدرجة الحرارية ولكن لا يمكن على الإطلاق للجزيئات العضوية المركبة أن تقاوم ذلك.

ولكل درجة حرارة جسم، يوجد طيف ضوئي كما نلاحظ لدى الحدادين، وهو حال درجة حرارة النجوم التي تتجلى من خلال الطيف الضوئي القادم منها والحساس لأية تغيرات تمسه. إن دراسة درجة حرارة النجوم تدفع للتفكير أن الحياة لا توجد في النجوم، كما لا توجد في الفضاء مابين النجمي أو الفراغ النجمي بين النجوم، ومع ذلك تخيل عالم الفلك الإنجليزي فريد هويل وجود حياة على الشمس في كتابه " الغيمة السوداء Nuage noir " ولا يوجد هناك من يعرف كيف يمكن للحياة أن تتواجد وتخلق في مثل هذا الوسط الضعيف الكثافة حيث يطغى فراغ أفضل من أية فراغات مطلقة يمكن الحصول عليها على الأرض. فالغيوم النجمية التي يراقبها علماء الفلك مكونة من مواد منحلة ومخففة على نحو لايمكن تصوره. وبلغة كل يوم البسيطة يعني ذلك أن كل مكعب من 10 كيلومترات لأطوال أضلاعه في الفضاء يحتوي على نفس القدر من الذرات الموجودة في سنتمتر مكعب في الهواء، وبالتالي لا يمكن للتفاعلات الكيمائية أن تحدث لعدم تلاقي الذرات. ومن البديهي القول أن الحياة بحاجة إلى مصدر طاقة مثلما لا يمكن لأي محرك أن يعمل بدون وقود، فلا يمكن لأي كائن عضوي حي أن يتحرك وينمو ويتطور ويتكاثر بدون طاقة. والحال لا توجد طاقة كافية مرئية في الكون، هناك بالطابع الطاقة السوداء أو الداكنة أو المعتمة التي لا نعرف عنها شيئاً ونجهل ماهيتها تماماً، لكننا نتحدث هنا عن الطاقة المرئية المألوفة والمعروفة لدينا. هناك طاقة تتواجد بالقرب من النجوم وفي داخلها لكنها شبه غائبة في المسافات الكائنة بين النجوم والتي تحسب بعشرات و مئات وآلاف بل و بملايين السنين الضوئية أحياناً داخل مجرتنا. من هنا، لو أردنا أن نوفر الشروط الضرورية اللازمة، مثل: كثافة المحيط، درجة الحرارة، والطاقة الضرورية، فمن الضرورية أن نركز جهودنا وأبحاثنا عن الحياة، على الأجرام ذات الكثافة العالية ودرجات الحرارة المتوسطة، التي تستمد طاقتها من المصدر النجمي، والتي ستكون بمثابة الأجرام أو الكواكب الشقيقة للأرض، في الأنظمة الشمسية الأخرى داخل مجرتنا درب التبانة.

الاستثناء الأرضي:

كما قلنا، يجب أن تتوفر ظروف خاصة لكي تظهر الحياة التي نعرفها، المبنية على كيمياء الكاربون، ولكي تنمو وتتطور وتدوم على الأرض. ولكن هل هذه الشروط المسبقة تعني أو تفسر ندرة الحياة الذكية والعاقلة في الكون المرئي؟ السجال مستمر والمناقشات والأبحاث متواصلة منذ قرون عديدة بهذا الخصوص، وعلى نحو خاص منذ ظهور نظرية التطور والانتخاب الطبيعي لتشارلس دارون.

تمكن الإنسان، بفضل المسابر الآلية والروبوتات والمركبات بدون رواد فضاء بشر، من استكشاف جزء كبير من نظامنا الشمسي بالرغم من عدم تمكنه لحد الآن من الوصول إلى المناطق البعيدة جداً داخل نظامنا الشمسي. ونجح العلماء في اكتشاف آلاف الكواكب التي تدور حول شموسها في أنظمة شمسية أخرى خارج نظامنا الشمسي ولكن داخل المجرة، ويتصاعد إيقاع ووتيرة الاكتشافات مع التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يحققه البشر، وفي كل يوم يتم صنع جيل جديد من الأجهزة والمعدات. ولم ينجح البشر إلى لحظة كتابة هذه السطور في أواسط أيلول سبتمبر 2016، في اكتشاف آثر ملموس لحياة ما، في أي مستوىً كان، مجهرية أولية أو عاقلة ذكية، خارج الحياة على الأرض. إن مغامرة الاستكشاف في بدايتها على مستوى الزمن الجيولوجي للبشر وللفلك، نسبة لعمر الكون المرئي التقديري وهو 13.8 مليار سنة. فالعلماء منقسمون بين متفائلين ومتشائمين، بخصوص ظاهرة الحياة في الكون المرئي. القسم الأول يعتقد أنها عادية ومبتذلة ومنتشرة في كل مكان تقريباً في الكون المرئي وقد توجد في كل نظام شمسي يشبه مجموعتنا الشمسية. والقسم الثاني يعتقد أن ظاهرة الحياة نادرة جداً وقد تكون وحيدة في الكون المرئي وعلى أرضنا فقط. فأرضنا تمتعت بظروف استثنائية وإن ظهور الحياة العاقلة الذكية على سطحها يعزى إلى معجزة لم ولن تتكرر. القسم الأول يمتلك سلاح الأرقام والإحصائيات، ففي مجرة واحدة هي مجرتنا درب التبانة، توجد أكثر من 300 مليار نجمة وأغلبها يحتوي على مجموعة من الكواكب والأقمار التي تدور حولها. ولو قلنا أن هناك أكثر من 200 مليار مجرة مرصودة حالياً في الكون المرئي، فإن الإحتمالات والإمكانيات الممكنة لوجود الحياة، الأولية البدائية، أو العاقلة الذكية، كبيرة جداً، بل وهائلة. وهذا ما يجعلهم يعتقدون بأنها لا يمكن أن تكون حكراً على الأرض وحدها. وهذا النمط من التفكير والاعتقاد يعرف بـ " مبدأ العادية principe de médiocrité " وهو امتداد لتفكير الرائد الأول كوبرنيك الذي كان أول من جرد الأرض من مركزيتها الكونية وقدسيتها واعتبرها جرماً سماوياً عادياً ومبتذلاً لا يحتل موقعاً متميزاً في الكون المرئي، وإن الحياة تكونت بفعل تفاعلات وتقاربات ذرية موجودة ومنتشرة في جميع أنحاء الكون المرئي، لذلك فإن ما نتج عن ذلك هنا على سطح الأرض يمكن أن يكون قد حدث وتكرر مليارات المرات على كواكب مماثلة أو شبيهة بالأرض.