شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة الماضية سقوط كميات كبيرة من الأمطار، هي الأكثر غزارة منذ عام 1949. ويعزو العلماء وخبراء الأرصاد الجوية شدة العاصفة إلى كمية كبيرة من الرطوبة التي ترتفع في الغلاف الجوي بفعل ارتفاع درجة حرارة البحار، قبل أن تهطل على شكل أمطار على شبه الجزيرة العربية. وقد يكون لتغيرات المناخ علاقة بما تمر به المنطقة من ظواهر طبيعية راهناً، الأمر الذي يتطلب إجراءات إدارية نوعية واستباقية.

وتعتبر دبي، استناداً إلى تقرير لوكالة بلومبرغ، إحدى أكثر مدن العالم جفافاً وحرارة، وهذا يفسر الصدمة التي واجهتها البنى التحتية للمدينة أمام هذا "الهجوم" المناخي المفاجئ. وفي كل الأحوال، ليست دبي المدينة الوحيدة التي تواجه هذه الظروف الاستثنائية في العالم، فقد تسببت عاصفة شديدة في ليبيا خلال العام الماضي بانهيار سدود عدة وحدوث فيضانات مدمرة قتلت نحو 5000 شخص في مدينة درنة، كما غمرت المياه أجزاء واسعة من بكين العام الماضي، بعد أن تعرضت العاصمة الصينية لأكبر هطول أمطار منذ 140 عاماً.

ولكن دبي، التي ركبت قطار الحداثة منذ عقود، عرفت كيف تستبق الأزمات وتحولها إلى فرص. وفي هذا السياق، تعتزم بلدية دبي افتتاح مشروع النفق العميق الذي يعد أحد أهم مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية والاستثنائية، وأول مشروع من نوعه في المنطقة تتبع فيه أحدث المعايير العالمية في مجال إدارة مياه الأمطار. ويندرج المشروع في سياق رؤية إدارية ناضجة، تعتمد استخدام آخر التقنيات لمواكبة التطور والتقدم الذي يشهده العالم.

تخزين المياه للقرن القادم
ستقوم دبي بتصريف مياه أمطارها ومياهها الجوفية السطحية، من خلال تجميع هذه المياه وتخزينها لـفترة المئة عام القادمة، وستقوم نقلها عبر النفق بواسطة الجاذبية الأرضية، الأمر الذي يعني استغناء المدينة عن تكاليف الإنشاء المرتبطة بمحطات الضخ الفرعية، بالإضافة إلى تخفيض 20 بالمئة من تكاليف التشغيل والصيانة.

وتبلغ المساحة الإجمالية التي تختزن فيها مياه الأمطار والمياه السطحية حوالى 500 كيلومتر مربع، كما سيتم نقل المياه عن طريق نفق عميق بطول 10.3 كيلومترات، وقطر داخلي يبلغ 10 أمتار، وعمق يتراوح من 40 إلى 60 متراً، ينتهي مساره عند محطة الضخ الرئيسة، التي يتم من خلالها تصريف المياه عبر نظام مزدوج، بإمكانه تصريف مياه الأمطار والسطحية عبر الطفح، وعبر مضخات موصولة بخطوط ممتدة 600 متر إلى داخل البحر، والتي ستتمتع بكفاءة تشغيلية عالية.

تقنيات صديقة للبيئة
تعمل آلية الطفح بطاقة تدفقية تصل إلى 110 أمتار مكعبة بالثانية، فيما تعمل آلية الضخ بطاقة 9.5 مليون متر مكعب من تدفق مياه الأمطار يومياً من خلال المضخات المصنوعة خصيصاً لهذا المشروع، وهي الأكبر على مستوى العالم تنصب على أرض تبلغ مساحتها 2.6 هكتار، الأمر الذي يجعل محطة الضخ الرئيسة واحدة من أكثر محطات الضخ المدمجة بالخدمات والمباني والمرافق لإدارة وتصريف مياه الأمطار وكذلك المياه السطحية، كما يدعم المشروع مبادئ الاستدامة ويراعي سلامة البيئة البحرية.

وستمكن غرفة التحكم المركزي للمحطة، المدينة من التكيف تلقائياً مع المعطيات الجوية المتغيرة لتأمين استمرارية الحد من تأثير العواصف المطرية والفيضانات في منطقة الخدمة.