أتابع بمزيد من الأسى والأسف حاليا مايدور فى مصر من جدل واسع أثاره الكاتب والسيناريست المعروف أسامة أنور عكاشة بعد تحقيره للصحابي الجليل عمرو بن العاص فى تصريحات صحفية وتلفزيونية، ما أثار موجة غضب عارمة في العالم العربي وفي مصر خاصة، وانقسمت الاراء مابين مطالب بتقديم عكاشة الى القضاء لجرم ماقاله بحق أحد رموز هذه الامة، ومابين متعاطف معه بدواعى حرية الرأى والتعبير.

ولا أدرى هل انتهت كل مشاكل وأزمات الامة العربية والاسلامية كى يطرح اسامة انور عكاشة هذا الموضوع فى هذا الوقت بالذات، ألم يكفه ماتمر به الامة الآن من تمزيق وماتتعرض له من هجوم وضربات فى كل بقعة من بقاعها، ليزيد الامة اختلافا وانقساماً على انقسامها، من خلال نبشه للماضى، وتعريضه بأحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولعلى لا انكر ان هناك بعض مواقف الصحابى عمرو بن العاص التي يمكن للكثيرون، وأنا منهم، الا يقتنعون بوجهة نظره فيها، لكن دوره كصحابيّ جليل بذل وأعطى، وكافح من أجل نشر الدين الاسلامى، سيظل يجعله فى أعيننا وقلوبنا رمزا للنضال، وقائد من قادة الاسلام البواسل، وفي مصر بالذات، سيظل ابنائها الذين يرون الاسلام دينا قيما مجيدا، ويرون في رسوله رحمة مهداة، ورسول صدق عظيم، ألهم الحياة كثيرا من رشدها وتقاها، سيظل أبناء مصر الذين يحملون هذا الايمان مشحوذي الولاء للرجل الذي جعله الله سببا، لاهداء الاسلام الى مصر، واهداء مصر الى الاسلام، فنعمت الهداية ونعم مهديها، ذلكم هو: عمرو بن العاص رضي الله عنه، فاتح بل محرر مصر من تسلط امبراطورية الروم، والتى كانت نهبا للرومان يوم أهلت عليها طلائع الاسلام بقيادة عمرو وكان أهل مصر يقاومون دون جدوى، ولذلك فان أهل مصر كلهم، ومنهم الكاتب اسامة انور عكاشة، مدينون بالفضل الى الصحابى عمرو بن العاص.

ولست هنا فى معرض الدفاع عن عمرو بن العاص، لأن تاريخه وسيرته غنيان وحافلان بالانجازات العظيمة والتى كسب خلالها للإسلام قطرين كبيرين من أقطار المعمورة هما: "فلسطين" و "مصر"، والذى لن يضيره بضع كلمات رخيصة تصدر من أحد الكتاب، الذى لم يكن ليقدر أو يجرؤ ان يقولهم بحق أيا من القادة أو الزعماء المسئولين عن حالة الخذلان التى تشهدها الامة حاليا.

لكن وعلى الرغم من ذلك، فاننى لست أؤيد من يعتزمون مقاضاة عكاشة والمطالبة بتفريقه عن زوجته لأن هذا يكسبه تعاطف البعض، وهو مالايستحقه، كما سيمنح الفرصة لأخرين بالامعان فى التهجم على الرموز الاسلامية، وعلى التيار الاسلامى ذاته واتهامه بالظلامية وعدم تقبل الاراء المختلفة، كما حاول عكاشة الترويج لذلك فى البرنامج التلفزيونى، ولكن يكتفى أن يتصدى لهذه الاطروحات والاراء الشاذة أكفاء من المثقفين والمختصين الملمين بالتاريخ الاسلامى.

محمد حسن نصر الدين، كاتب مصرى

[email protected]

\