البومة الصامتة

لا أريد للقاعةِ أن تمتلئَ بالجددِ
بل أريدها أن تقلَ من الموجودين
لكي أحذو حذو البومة التي صمتت
كي تسمع رنين ذاتها.


يجب أن أفكرَ كيف أصبح غنية بكل شيء
يجب أن احتفظ بالأحجارِ التي تـُحييني بسخريةِ في الطريق ِ.


الصبي المرسوم على بلوزتي
يرفض الصعود معي إلى سطحِ البيتِ


حينما ترتكب الخطيئة بحقي يا أبى
لك أن تستعير مني " مزيل الحبر " و تمحوها.


الزهرة المسائية

الزهرة المسائية
رحلت مع رياحين الهواء
و استبدلتني بدمية صامتة
فهل سأبقى أنا تلك "الأنا" التي رأيتها في المرآة ؟

***

الزهرة المسائية
أنجبتني معلقة بمصير الرمال
يصنع بي الأولاد قصراً
و يصوغ بي الجحيم حواراً مع الموت،
حديثاً رماديا يتمنى احتضان شهوة الحياة لدقائق،
يتمنى سباقاً يراهن به على أغنية
الزهرة المسائية الباقية.


القمر

أيُها القمر،
سآخذك لتراكَ جدتي،
هل تسمعُني ؟


أيُها القمر،
على طاولتي سأُكسر الجليد
و من أغصان ِ الكرز ِ أصنعُ قبعةً لرجلِ الصيف
و من مروحتي ستهبُ عاصفة


أيها القمر،
اجلس على كرسيي،
و دعني أعزف مقطوعتي البرتقالية
أشعل نار شمعي

أيها القمر،
خذ كراستي الشاحبة
و اعصر عليها حبات العنب

أيُها القمر،
أصلح دراجتي
و تعال لكي نسبح على ضفافِ الموج ِ
خـُذ،
قلمي، حذائي، مسطرتي
جلدي، حبيبات دمي، قلبي
أجزاءُ لن تضيعها أيها القمر.


رثاء

مازالت رائحتي مبللة بماء الفرات
و رغم أني بدون لكني ممتلئةً بالهموم
أرضي جرداء خالية حتى من القصيدة،
مطري غيوم تقيدني بالكروم
العب في الساحة مع الأولاد لعبة الجد الحنون
أصداء أمهاتنا تنادي على أرواحنا :
ارجعي إلى أمك راضية مرضية.


***


أمي
لغة الرياح لا يفهمها إلا الطيور
فحتى ننقذ آمالنا من الاحتراق نثور.
جراحنا إلى الآن لم تزلْ
صار الطفل منا يغني على الدنيا اللعنات
شقائق النعمان تكلمت : لغة القلوب تعطلت،
التلال تنبض بالموسيقى و الجد يرجع ليزول،
أما يكفيكم كل هذا،
حتى الحب المجنون تبرعنا به للسموم،
وصرنا نوزع في المساءات نور،

دعونا نغرق في متاهة العهد القديم،
لا ترهقونا بوصايا المسيح
فكل أحلامنا طارت في مهب الريح
حلقت بعيدا عند ذاك الجد الحنون.


ليليات

ليلة ( 1 )

أرسم ساحة واسعة،
أُُراقص الموت بها،
و عندما أنتهي أرتاح
ثم أغطس بالنحيب.

ليلة ( 2 )

تظهر غيمه،
أعتقد أن الله يبتسم للأطفال المساكين.

القمر يتحول لهلال،
أظن السبب حزنه على سقوط نجمة.

ليلة ( 3 )

تظهر نخلة بيضاء فوق رأس أبي،
لا أعلم كيف ألونها ؟

ليلة ( 4 )

المطر يوفر على أبي صبغ باب البيت
و أعضائي التي أتبرع بها طعاماً للقطط
لا تحولني لطير.

ليلة ( 5 )

تولد عجوز بين يدي شجرة،
تقدم لي تفاحة مسمومة،
ترى هل سأموت منها ؟،
أم سأصبح شجرة ؟

ليلة ( 6 )

نزيف القمر في الصباح يقلدني.
ابتسامة الشمس في المساء تسخر مني.

( 7 ) " نهاية "

الفتاة الناعمة العينان
تدغدغ ليلياتي،
فأعيد كل ليلة مشاهدة شريط موتي !!.



سنبلة

أمي.. يا سنبلة
يلف الله كل المدارات بحثا لها
عن بستان يليق بها و بهفواتها.

لو سألتني العرافة عنك يا أمي،
سأقول لها إنك عاشقة للشراء
ليس حباً به،
بل غواية بالأكياس.

منذ دزنة و ربع من الليل
ونحن نخزن الحزن،
فمتى نبيع البضاعة ؟/
هل تريدين للقلب أن ينفجر ؟!
و تُضيع علينا الفيضانات
شجرة أخرى من الجوع.


" عندما يسطع القمر
يجوع الكسيح للمشي "
غينوا تشيبي /
رواية " الأشياء تتداعى ".


وطن يقلقنا

إلى الأديب صلاح نيازي..

أبحث عن وطن متسول
ينتظرني عند عتبة الباب
كي يطلب مني أشياء تدفئه..
وطن يعوضني جوع الطفولة
و أيام التشرد.
أذكر كيف كنت أمد يدي للأرض
فتبصقني و تلف كل مدارات الدنيا
بحثا عن كلمة تسقطني.
فهل تلوموني عندما أضيع بين زحمة الآلام ؟

كم من الآهات تعبت مني،
غسلت أجسادها بالركام دون جدوى.

***

جدتي كانت تقول لي أن الله يحبنا،
حينها أيقنت بأن الجنة ستمتلئ بالزنابق،
و لكن متى سيحدث ذلك ؟
هل عندما تنطفئ الأزقة المقيمة في قلوبنا ؟
أم عندما يمزقنا الحنين ؟

أطفال النهر

نحملق في فناجين
هوائنا الاصطناعي.

في وضح الليل
يبقى الخباز معلما
لزنابق النورس الضاحك

و الشوارع تعطس،
فلمن نبتسم ؟!

تلتحم الظلمة في الكهوف
لكن الأمل لا يساعدنا على النهوض

أرضية النبيذ
تسكر الجيران
لكنها تنسينا الحزن

نسبح في وردية البحر
المبللة،
نرقص مع قمر
يستوطن أصابعنا
يبقي آمالنا فوق عاتق الرياح
فتختبئ الفجيعة خوفا من ظلها

و الابتسامة
تشبه أظافر النار
تهز فينا زجاجا
يكاد يتثاءب

صراخ بنت الجيران
يلطخ ليلنا بالغثيان،
لكنها لا تتمكن من صد المطر
عن عيونها


تغرق أحلامنا بالفوانيس
كي ينزعج الإعصار
في أزقة الحي الوسيمة

من شقوق الجنة
تحلق نوارس،
غبي من لا يصلي
تحيتين للطريق.

" الحياة لا تساوي شيء
لا تساوي شيئا الحياة "
أغنية شعبية مكسيكية


نرجسية

طبعا،
رهافة بيوتنا
لا تسمح للمدنسين
بأن يراقصونا،
لذلك نرحمها
من التنظيف اليومي.

صديقتي الدقيقة
ارتبكت حينما قبلتها
متسائلة :
ألم تتغير قبلتك
حتى في المرحلة الثانوية ؟!

الصمت مجنون بي
و الوحدة كذلك
تلك التي قامت بتشريحي
خلف ستارة ملونة بدماء المارة،

طبعا الصراخ الذي لطخكم ليس صراخي،
أنه صراخ الحنين الذي يتلبسني.

" إذا حدقت في الهاوية
فأنها ستغرز نظرها فيك "
هذا ما قاله لي نيتشه
في الليلة الماضية،
فتسلقت قلبي
حتى لا ينتبه الآخرون لي،
حيث رجالات الدولة يكرهون هذه الكلمة،
و السبب قطتهم الوليمة.
/

يبدو أن الأسر المجاورة
باتت تحبني ؛
ظنا منهم أني احتضن أسرتي
لكن الحقيقة أني أحتضن الوحدة.

" صمت ملبد بدموع "
أغبياء هم هؤلاء الكلاسيكيون
لا يعلمون أن الوزن اختفى
منذ دفنت " ليلى ".

و لترانيم أخرى
لم أسمع الكثيرين يتكلمون
عن الثورة ؛
ربما تخلوا عن شرهم
للأنــبــيــاء..

انطفاء وطن

يوما ما سترتدينا المدن
جاعلة منا فلاحين تكنولوجيين

لن أذهب للحفل كي أؤرخ حريتي
بل لأزرع اللحظة في آذانكم.

لديكم شمس دائمة تمنحكم
نجوم مشتعلة مؤقتا،
فماذا ستفعلون عندما تنطفئ ؟،
هل تريدون أن تشمئزوا
من رائحة جورب الوطن،
أم أنكم ستبقون كما أنتم
جثث تلطم غربتها..

أنا عن نفسي لا أحتاج
لتعاويذكم،
فعرافة الحي وحدها تكفي،
لذا انتبهوا للحرية
عندما تموتون.

ستحل البركة على قلوبهم ذات يوم

مدينة مسلوبة
تمر الشمس فوقها و تقشعر
من بشاعة المشهد
مدينة
لها كواكب و أصدقاء
لذيذة لأنها تصلي
مدينة
لها أرياف تدفن الشمس بها

***

مدينة أورشليم
حيث يموت الكنعانيون
حيث ينثرون كريات دمهم
حيث يقرعون لنا الأجراس
كي نساعدهم بالبصق على الذهب الأسود
و كي نساعدهم بتمزيق زيف الأشباح البشعة


***

المدينة مذهولة
لم تعتقد يوماً
أن الزمن سينفضها
أو أن الألم سيخرمش روحها.

***

فيا أيها السائحون :
لقد ملأتم المدينة بالغبار،
ارحلوا بقافلة الوصايا العشر
ارحلوا إلى أي مكان شئتم
لكن لا تشاركونا في الجحيم
فنحن الآن نبحر كالعميان من كثرة الذنوب.


لا صوت له امتداد الموج

العصافير اتكأت على جدران لها و صرخت،
و في الروح كان العويل يتهيأ للخروج
ليطري بعض القلوب الحجرية
التي تسكن جوفا الإنسان
الآن،
اليأس ينتخب جمهوره
القمر يسهر في عرشه
و لليل جنونه الخاص
لليل دم من قوس قزح
تعددت صوره
للتو
يمسخ القمر وجهه بسحابة قطنية
يلعب بدمى الطفلة
و جوقة العصافير تتساءل بصوت جماعي :
يا وطني،
يا وطني،
إن كان لك مجد عظيم أخبرني،
كيف يستطيع أن يغني طائرُ يشعر بالوحشة ؟

السماء تومض..
الأرض تسترخي..
الحنطة المذرورة يأكلها السوس
و قلب الطفلة يأكله الوسواس
و الخطوات لا تفعل شيئاً،
لا في الطول و لا في العرض
هوالانقباض
لن ينفك دون تقديم بعض القرابين
أو تدنيس بعض النصوص
لصرخة إنسان قهرية
تطهر الجسد من بعض الأمراض
و لكن من أين؟

لا صوت له امتداد الموج.


جحيم المغفرة

رعشة السنابل تصنع مآذن للقتلى
و آهات للطين،
أما أنامل القرى فترسلنا لبيوت ضوئية
تحت غفلة السحب،
لنبقى نحن أزرار ناعسة لقميص البحر،
نمر على الطرقات فتعطس أعمدة الكهرباء علينا،
دخان مغفرتنا لا يخلف لنا إلا الذنوب،
فصلاتنا مبللة بدموع الشوارع،
و زقزقة عصافيرنا تتحول لموسيقى صاخبة
بفعل التكنولوجيا،
و في الشتاء ترحل الطيور و تأخذ معها البحيرات.
لا شيء ينفع :
لا هروب البحر مع سرب النوارس ينفع،
و لا جنون القمر الذي نراه قطيع من الأرغفة
يشعل في أوردتنا الشموع الميتة.
حتى عري النوافذ لا يستطيع
إحباط حرج مدننا الملبدة بالآلام،
فصغر رغباتنا يطحن دقائق الهواء
لمشهد حاصل على جوائز كثيرة،
يتكون من هشاشة العصفور و روح محطة.
و نخلة رئتي أصبحت مجرد أرض مصابة بالزكام
تحمل أسئلة للحمام و عراء ليلي يطاردني كظل الجيران.
و في نهاية الظفيرة لن تكون النهاية
إلا تحليق نوارس روحي فوق قلوب أحبابنا تلتقط منهم
أسماك مضيئة اللغة قبل الليل بثانيتين.

سؤال يهاجمنا :
ماذا عن قارب الجد الذي حط في أنهر الجنان ؟

هلوسات ملونة

اشتراكيتي مع لون الماء هي الوحيدة
التي تستطيع أن تعوضني جوع الطفولة،
و الدفء الذي كنت أشعر به عندما كنت أبكي
و ألطم على سماء عاشوراء.
ففي هذه الحياة من المتوقع جداً أن تجد في
صندوق بريدك موتى،
من المتوقع جداً أن تنسى أشياء كثيرة
لم تدخلها في حلمك
كتلك الروايات الروسية التي لم تقرأها بعد،
حتى احتمالات انتهائك موجودة :
ركام صورك و موت كلماتك المحبوبة،
فرشاة أمك التي تستهلك ببراءتها
أكسجين الحياة،
إنسان يسلبك كليتيك كي تمسخ لملاك،
كما يمسخ الشيطان لملاك عندما ينام.
جثث موتى تنتقل بين الغرف كي تشعر بلذة الموت.
و جارتك المتدينة التي تبقى مستعدة للبكاء عليك،
فموت أحبابها عودها على ذلك.

طاولتي ترتجف،
إذا امتلأت سلتي بعصافير الليل
الحزينة على سهري.
كرسيي يرتجف.
و أصدقائي الذين أبحث عنهم
في زحمة دخان الآلهة
لا أجدهم من خوفهم
مع أن لا شيء يستحق الوجع
فبمجرد أن تقطع آلامك لدموع
ينتهي الأمر بالنسبة لك
و أبقى أن وحيدة أمزق صورك
دون وعي بشخص الممزق،
هل هو الوحش الذي يسكن روحي ؟،
أم الحنين ؟


مخبز الشياطينِ

خربشات على الزجاج توقظني،
أظنها زيارة فراشة.
أُقفز عيوني من النافذة
لا شيء مختلف :
قارة آسيا كما هي خالية
من القداسة و منذورة للطغاة،
نقود تسقط من المارة
تهز في قلبي شوارع،
و كما هي عادة الماء يضحك من الحصى.

لا شيء جديد :
الجنود يطعنوننا في شراييننا،
يلملمون غربتنا،
و يبنون لنا سقوف خالية من الظلال،
حتى لصوص الحي اعتادوا
على غيمة واحدة هي السجائر.
و من سخف المسألة لم نعد نحزن
على العجائز اللواتي يبكين على سكك الحديد.
نحن مجردون
فجعيتنا مختبئة في كهوف مشوهة
كأنها نخلة ندفن سعفها في رؤوسنا،
و جيوب خلفية نضاجع الملائكة بها.
لذا سنبقى كما نحن كهنة.

عتمة الطفولة

في الصغر كنا نملأ حقائبنا
برغبات تمزيق المدرس،
و بأرغفة تسهر على راحتنا،
تجيب على أسئلة الامتحان،
ثم ترحل مع أشعة الشمس
كي تستقبل الصباح.
لذا سنعود أجساد من رماد،
نجوم للبستان،
دمعة في شفاه السماء تشبه عتمة منزلنا،
سنعود كما كنا،
دموع تسقي الأرض مسافة مع الألم
كتلك القرى الشتائية التي تخبز دهاليز الشجرة،
مع موسيقى أقدام النيل الأنيقة،
حيث نسير في جنازة النهر
و نحني رؤوسنا لعتمة النهار
معتقدين بأن حنان الجدة يشوهنا.


هروب

عندما نفلت من دماء الجنة
تنفرد العتمة بشنق الأصدقاء ؛
و السبب ترنيمة ترن في الذاكرة تظفر جدائل
السحب كي تمطر علينا بالآلام،
نبتسم على حافة الكابوس ؛
خوفاً من أمهاتنا اللواتي اكتفين
بتسعة أشهر من الألم و تركن باقي المهمة
لحليب التكنولوجيا،
فما العيب عندما نذوب في أعين الموت
من شدة الفجيعة ؟
ألا تذكرون كيف كنت أركض لجدتي
أخبرها عن حلمي كي تحيكه لي
كنزة صوفية لا ألبسها،
كنزة تحزنني لدرجة تجعلني اصطحب
المارة لمقهى يقيم أعراس مشابهة لتلك
التي نراها في الأفلام المصرية.

عصاة الأمل

عندما نموت يتعب
حارس المقبرة
من مراقبة نوافذ قبورنا

نبحث عن ذاكرة المطر

لكنها ترقص عن بعد
حيث الزنابق تنفض
الأرض من أحلامها

جدي احرق كوخه
فخرجت له الشياطين
مهيئة مراسيم الزفاف.

و بينما الحلم على حافة الكابوس
يرقص،
ينحني ذيل أمي لعري الصمت.

استسلمت للترانيم
لكن جدي لم يفعل
فقرى الشتاء تشعل في قلبه
كل الأفران،
بعيدا عن صوت الأمل.

سقف بيتنا يضم فريقا
من القتلى الطيبين.


قرب انحناءات الضوء
تضع جدتي حياءها مؤقتا
كي تخبز عجين الماضي
لقارئة الحنين
التي تأخذ منها كل ما تريد
لكنها ترغمها
على اجتراع المزيد من الحزن
من أجل أحفادها
لذا يا جدتي لا تقتربي
من سراديب الأمل ؛
فنحن عصاة له.

طعنة المطر

صباح ليلنا
يداعب الجثث.

ربما تهرب الشمس
من الأزقة لتفكر بلذة العتمة.

بين أي جذع من المغفرة
سأولد،
فكل الأيقونات لا تقبل دخولي

أدغدغ الغربة من جوفها
كي أضحك حزنا

أحلق كآهات أبي
المعلقة عند عتبة الباب...

أذكر كيف أني طعنت
لغة أصدقائي بقصيدة المطر.


عروق

كيف ستحذو روحنا الحياة
إذا أغلقنا الشرفة للأبد ؟

فالطيف يتسلل بائسا
لقلوبنا دون مرح جيد

ماذا لو سلبني الرب
ضياء الجحيم

سأكون وحيدة بلا جدار
ألغي مسافة الروح من رحمتي

الضوء لا يفترشنا قمة له
لهروبنا بين عثرات الهدوء

و الأوراق تولد بحفيفها
صوت يطردنا

شطيرة التفاح
تدهن حقولنا بالفشل
الذي أصاب قُبلنا
المريضة بالكوليرا
لنترك بريد الغياب
يعرينا في المساء
أمام الخطيئة.

المتدينون يكرهون
قيامة الأمل،
انهم يفضلون قيامة النهاية

و فوق عتمة المدينة
تصلي الزنابق أرقا


ننظف أيدينا من المصافحات
كي لا نتحمل خطيئة الآخرين

بعد جملة و نصف شمالا
نسخر من المغفرة
فعندما تكرهنا العجائز
يتخلى ظلنا عنا
كدمعة في نهاية السطر

ما من شيء
يخلصنا من رائحة البرتقال
ملابسنا ملطخة باليأس
و رؤوسنا تضعنا
عند عتبة المدن السخيفة

بينما الطيور تتباهى بحب لوركا لها
دون أن تعرف نيته الملطخة بالشهوة..

عند لطخة و ربع من الذنوب
نجتاز جحيمنا الأبدي
بطائرة ورقية تحترق ليلا.


و ها هي الطاهية
تقود أرغفة من الضحكات
كشمس تخجل من ظل الهلال

و ها هي الكتب تقرأ الطاولة
بدلا من أن نقرأها

فيا عرافتي لا تهديني
القداسة في عيد مولدي
خوفا علي من المرض.

دماء على الخشب

في خاصرة الجحيم
تبقى التوبة في حنجرة
لا تستطيع اقتحام الظلمة.

نطعن أبوابنا بالدموع
لكنها لا تنزف
غير الخشب

تستيقظ أوراق الجسد
فتهز قصيدة.


شخص اسمه الموت

داهمنا صراخ السقف
حيث الطيور تضايق أفكاره.
قد تكون الجدار معلقة
لكنها تستطيع أن تقاوم قلوبنا.

يعرق الموت بكل وسامة
في حوض المغفرة
دون أن يحنطنا،
نرحمه لعرقه لكنه
يجرجرنا لضفة القبر.


إبرة.. ربما تكون للشمس

نحصد فراشاتنا بإبر،
قد يحدق الشتاء في نافذتنا
لكننا سنرغمه على البكاء.

منذ شموس،
و نحن نخبئ فجيعتنا
دون أن نرحمها،
بينما هدوء أساطيرنا
يلفنا بخيوط سوداء
ستخط لنا لوحة الجنازة.

" عندما تحدق في الهاوية طويلا
فأن الهاوية ستغرز نظرها فيك "
- نيتشه -

شعر

الغابة تعيد لنا
هلوسات الوقت،
لذا سنبقي للفناجين عتمتها.

نشعر بنعاس القصيدة،
فهل سنسهر طول الشعر.


عري الغواية

نجلس بين أحضان البكاء
لتثمر لنا دموع فاسدة

نطعن الشمس بعتمة الغرف،
فنحتوي حنين الليل بكل هدوء
كي لا يشعر أبي بصوت الضوء.

مدن البحر تحرر غواية العري،
فتتحول أجسادنا لبطل يحمل
شهية قتل جدران المارة.

ضجة تثيرها زنبقة

أصابع البرتقال تتعثر بالجرح
تطرق لنا زنابق المطر
دون أن نكمل ساعات التثاؤب

نملأ الضجة بالحناء
فتنحني البدوية لأحجارنا،
نشرف على حانات البحر
بكأس من النبيذ
انتهت حياته مع سكير الحي.

نلون عرق أزقتنا
بنسوة عاريات
يقفن عند تفاصيل مشاعرنا

تحدودب جدران قصائدنا
فنغمز للظل.

أخبروني أن الله يأسف
على ما وصلني من الكوابيس
دون قصد،
عندها أيقنت لماذا يغازلني
ذاك الملاك.

النعاس يقتحم مدرسة البنات
أولاً ؛
بحثا عن رسوب مختبئ،
لكن ثرثرة الشهوة تساعده
على قتل الغيم المنحني،

نرش بقعة من الظلمة
على وجه المساء،
لأن اغتسال الصفصاف
لا يثمر لنا حجارة تزقزق...

تبتل فضائحنا بالوسامة،
مع أن الظل لا يأسف
من أجل اختبائنا.

أنتم.. تلك الليلة

لو أنني ولدت بلغة أخرى
لأحسستم أن هناك شرخ في سجائركم،
لكني أرخيت ذاكرتي لكم
علكم تهدوني قدح من أوهامكم.

تلك الليلة اعتليتم جحيمي
بمشهد مسكوب
بينما فراشاتي الملبدة بالأحجار
تحصيكم.

في تلك الليلة أجبرتموني
على أن ألد لكم نهار
كي تغفو فيه بضع قطرات.


يوميات سواد

... :
- صباح البيت
يا طين معيشتنا،
أرجو أن لا تورق لنا
أعباء سوداء
لعل النهار يهدينا مع نهايته
ألوان.


شقاوة

صوب المرأة الممتلئة بالأسئلة
سنتوجه لقبلة البكاء
حنينا للدموع السوداء.

بتواضع يشهق كبريائنا
فنكاد نسكن بحق
مذابح تراقص أطفال
الكنعانيون،
لذا سنجمع سيوفنا
من أجل شقاوة
تداعبنا للأبدية.

عزلة أخرى

ها هي بحور أشرعتنا
تعمل في نوبتها الليلية
و ها نحن نرد عليها بجوارب
نهارات مغسولة بماء العطش.

نفرد أجنحتنا للدروب المترجلة
كي نصبح صليب في فم نجمة،
تسغبنا الصحارى بأقحوان وجيز
قد يهمس لنا باضطراب
بأن العبارات المشددة
لن تعبر سالمة.

صحيح أننا دون عزلة
لكن الصمت
سيحولنا لعزلة أخرى.

ليل الروح

تسلقت القمر
ملاحقا ما فاتني من نجوم،
لها أمهات سيئات...

/

ها أنا أحلق بأناقة
بين أنهار الصباح...

القمر رشيق كذاكرتي
الأجنبية...

النجوم بين أدراج القصب
تكبر بمشاركة النسيان...
و بصمتي أحفر قبرا
في وسط الروح...

أعطني مقعد يطل
على بيوت الهاوية؛
كي أبقي روحي
تنتظر الرعد الذي يشعلها.


* منى كريم : مواليد 15 كانون الأول 1987، كتبت أول قصيدة و هي في سن العاشرة (1998). صدر ديوانها الأول وهي في السن الرابعة عشر، بعنوان "نهارات مغسولة بماء العطش" (2002). ترجمت قصائدها إلى عدة لغات منها: الإنجليزية، الهولندية واللاتينية الأسبانية. تكتب في الصحافة ولها مقالات في علم الباراسيكولوجيا، كما لها نصوص في المسرح والقصة القصيرة والرواية. أقامت أمسيات عدة في اليونسكو واليونيسيف وملتقى الثلاثاء الثقافي. عضو ملتقى الثلاثاء الثقافي. لها تحت الطبع ديوانا شعر ورواية.

للمراسلة :[email protected]
http://mona0.jeeran.com