حب في لندن

ـ1ـ

قولي: أحبكَ..

لأخلعَ جارةَ التايْمز

وأتوِّجَك مكانها ملكةً

على بقايا الشَّمس والضَّباب..

ـ2ـ

بلاط باكنْغهام يتوقُ لموسيقى الدّلع

المنطلقة، كنبضاتِ قلبي،

من وقعِ خطواتك.

أحذيتك المطعمة بورود سيدني

ستغزو إمبراطورية لم يغزها ابنُ امرأةٍ..

وحين تلتقيك،

سيلف لندنَ الهتافُ،

وتسكرها النشوةُ.

حتى سناجيب حديقة هايدْ بارك

ستهجر أوكارَها،

لتعيش زمنَك المضيءَ.

ـ3ـ

قولي: أحبُّكَ..

لتتراقص عقاربُ ساعةِ بيغْ بانْ

بعد حدادٍ طويلٍ..

وتعلنَ أمام حرّاسِ قصركِ

أنَّ ساعةَ دخولي عليكِ قد حانت.

**

قرميد جبال الألب

ـ1ـ

القرميدُ السّويسريُّ

سمَّر ألوانَه على السُّطوح

واشرأبَّ لرؤيتك..

ـ2ـ

جبال الألب خلعتْ عباءتها الثَّلجيَّة

وانحنتْ لالتقاط أنفاسِك..

ـ3ـ

ساعات (اللّونْجين) الشَّهيرةُ

ضبطتْ وقتَ وصولكِ

كما تضبطُ السَّنة فصولَها،

حتى لا يتفاجأَ نهرُ الرّاين..

ويثور!!

ـ4ـ

بحيرةُ لُوسارْن..

أعطت أسماكَها إجازةً

لا تتعدَّى مدتها لحظةَ مرورك على ضفافها..

كي تتعلَّمَ السِّباحةَ

في بحر عينيكِ..

ـ5ـ

غريب وجودي معكِ..

لا سويسرا رحبتْ بي،

ولا ابتسامتك الخجولة..

حدِّقي بي..

فالأَعينُ السّويسريّةُ لا تراني

إلا من خلال حدقتيْكِ.

**

غوندولا البندقيّة

ـ1ـ

لا تخافي يا حبيبتي..

شختورة (الغوندولا) لن تغدرَ بكِ..

لنْ تغرق..

إنها رفيقة المِياه الهادئة

منذ تكونت البندقيَّة..

ـ2ـ

اصعدي..

ليغني لكِ بحّارها

على وقع مجذافٍ مغناجٍ،

أغنيةً لحنها الموج

وغنتها إيطاليا.

ـ3ـ

سواقي الشَّوارع تأهبتْ لاستقبالكِ..

أسرابُ الْحمائـمِ

حرستْ مرافىءَ الطُّرقات،

واليابسةُ خطَّطتْ لإبحاركِ..

هاتي يدك..

أ بحري معي..

فالرِّحلةُ لن تبدأَ إلاَّ معك.

**

درّاجات أمستردام

ـ1ـ

درَّاجاتُ أمستردام

تحفظ دورها جيِّداً:

تراكضي أمام عينيها،

لتعجَبَ بك!!

ـ2ـ

دواليبها الهوائية

تلتقط عن الطُّرقات ظلال جسدكِ

لتنصبَها في الرِّيح خيمةً

تأْوي إليها عصافير ال حقول

المجرَّحة بخنادق المياه.

ـ3ـ

ركّابها يتسابقون نحوكِ..

يلوِّحون لك بقبَّعاتهم

المرقَّطَة كجلود أبقارهم،

ويدعونك للتّنزُّه فوق صفحة المدينة

على بساط ريح جديد،

لـم تركبْه شهرزاد،

ولـم تلدْه مخيّلةُ أَديب.

ـ4ـ

يا ابنةَ الشَّرق..

يا حفيدة صلاح الدّين..

هولندا ستحتفظ بحبيْبات العرق

المتصبّبة منك،

لتنعشَ بها أَزهار العاشقين

ساعات الجفاف.

**

فتيات الكان كان

ـ1ـ

شارع الشّانزليزيه مثقل بمقاهيه،

بزجاجات العطر،

وبتصفيفات شعور نسائه.

تزيِّنه أجسادُ العاشقين،

وتفرحه أنّاتهم.

ـ2ـ

تعالي ندخل (اللِّيدُو)

لنغرق أعيننا بصدور فتيات (الْكَانْ كَانْ)،

ونجمع من تحت أقدامهنَّ

رقصاتٍ تناثرت كالزُّجاج.

لقد تغزَّلتُ بصدرك كثيراً،

فحقَّت لك المقارنةُ..

وحقَّ لي الإدراكُ أنه الأَجمل،

وأن النساء الباريسيّات تعلمنَ منه الشُّموخَ

والعفةَ.

ـ3ـ

شامخ صدرك كبرج إِيفِل..

ومستدير كساحة قوس النَّصر..

وأنا ضائع بين الاستدارةِ والشُّموخ،

تقزِّمني الظّنونُ،

ويركعني الخوفُ..

هلاّ اقتربَتْ ساحةُ الكونكورد منّي..

هلاّ أشفقَتْ عليّ..

حبّي لكِ أوسع من السَّاحات،

وأعلى من البرج.

**

غريب أنا في ألمانيا

ـ1ـ

أردتُ أن أهدي جسدَك الميّاس

قنّينةَ عطر،

فإذا العطرُ حزين كمحلاّت (هايدلْبيرغْ)،

وكقلعتها التاريخيّة.

ـ2ـ

كئيبة هي أَلمانيا يوم الجمعة الحزينة..

كلّ ما فيها يعانِي الوحشةَ،

حتى قلبي الزّائر،

وكحلة عينيْك.

ـ3ـ

وحدها كنيسة (كولونْ)

رفضت أن تقفل أبوابها

كأفواه المارة..

ترانيمها الحزينة جرّحتْ حناجرَ المصلّين،

وأوقعتهم في الألم.

ـ4ـ

إيماني أجبرني على الدّخول..

حملنِي إليها

كما أحملك بين يديَّ..

ولكنّ كاهناً متسلِّطاً كالقرد،

أمرني بالإبتعاد عن مقاعد المصلّين،

وأركعني في الزَّاوية..

ـ5ـ

غريب أنا في ألمانيا..

لا حجارة الكنائس تعرفني،

ولا استبدادُ الكهنة..

عرّفيهم بي..

قولي لهم: هذا حبيبي،

أحبّوه كما تحبّ السَّماءُ،

ويشرقُ وجهُ اللّـه..

لغتك الألمانيّة متماسكةٌ كأيدينا،

وابتسامتُك الملائكية تمحو الكُرْهَ

بزقزقةٍ يتيمة..

وأنت أشبه ما تكونين

بنساء ألمانيا السَّاحرات.

ـ6ـ

كلمة واحدة منك..

تقرّب العيدَ،

وتقلب الحزنَ فرحاً..

وتعيد الأضواءَ للمحلاّت التّجاريّة.

أريد قنّينةَ عطرٍ..

وما لي سوى لُعابك!