أوشكت حماس الداخل على أن تبدأ مسلكا يتعامل بموضوعية مع الواقع الداخلى والدولى، بأن بدأت التحاور مع منظمة التحرير الفلسطينية وبدأ خطابها المتشنج يلين من ناحية إسرائيل. ولكن حماس الخارج وقد وجدت أن البساط يسحب من تحت أرجلها وبتشجيع من سوريا وإيران اللائى رأين أن الهدوء فى الجبهة الفلسطينية سوف يوجه الأنظار ويركزها على برنامج إيران النووى فى وقت تسابق إيران فيه الزمن من أجل التوصل إلى الدخول للنادى النووى، أمرتا بتنفيذ عملية قوية هى عملية أسر الجندى الإسرائيلى.
قامت حماس الخارج بتنفيذ العملية عن طريق أعضاء لا يخضعون لقيادة حماس الداخل التى لم تجد بدا من التوقيع ولو بالأحرف الأولى على وثيقة تفاهم مع فتح فى محاولة لم تفلح سباقا مع الزمن لحصار رد الفعل الإسرائيلى. قامت إسرائيل بعملية مستديمة من شأنها أن تجبر الداخل الفلسطينى على دفع ثمن فادح لفعلة حماس الخارج. تململت حماس الداخل بشدة من فعلة حماس الخارج والتى جرت من وراء ظهرها، فسمحت سوريا لخالد مشعل بأن يعقد مؤتمره الصحفى من دمشق. وعندما زاد الضغط على الفلسطينيين وبدأت الأرض تميد من تحت أقدام حماس الداخل وقع فى يد حماس الخارج وسألت سوريا وإيران المحرضتين الرئيسيتين عن النصرة الموعودة!
إضطرت سوريا وإيران للإيعاز لحزب الله أن ينفذ عمليته فى قتل وأسر جنود إسرائيلين على ما هو معروف. نفذ حزب الله عمليته برغم الظاهر من إختلاف الظروف الدولية التى تختلف عن الظروف التى عمل فيها عملية مماثلة سابقا ولكن الأوامر هى الأوامر وقد أمرت إيران فكان لا بد من التنفيذ.
الإحتمالات الآن لن تتجاوز فرضين أساسيين. إما أن تدخل سوريا خط المواجهة أيضا لرفع الضغط عن الفلسطينيين وعن حزب الله، وهذا سوف يستدعى تدخل إيران لرفع الضغط عن الفلسطينيين وحزب الله وسوريا فتكون الحرب الكبرى والتى لا أظن أن أيران قد قصدتها أن تكون فى هذا التوقيت. وقد يمر هذا الإحتمال بمحطة عراقية يقوم فيها شيعة العراق بمحاولة للى ذراع القوة الأمريكية وتحويل العراق لساحة من الفوضى عن طريق الحرب الأهلية. وإما الإحتمال الثانى أن تقوم إيران بلملمة الموضوع وتهدئة الموقف بعد أن تكون قد أخذت فرصتها خلال فوضى المنطقة المرشحة للإمتداد لعدة شهور فإما أن تكون قد نجحت خلالها فى الإنضمام للنادى الذرى وإلا فلفرصة أخرى فى المستقبل.
الفلسطينيون واللبنانيون والسوريون، لحد ما، هم ضحايا الللعبة الإيرانية للأسف. وللأسف الأشد أن أيهم لن يتعلم الدرس لعدة أسباب أولها أن العرب عادة لا يتعلمون بسهولة، وثانيا أن أحدا لا يفطن للعبة الإيرانية إلا قليلون أظن أن منهم بشار الأسد وخالد مشعل وهنية وبضعة آخرون من أذكياء العرب وهؤلاء جميعا لا يستطيعون شيئا إلا كتمان ما يعلمونه إتقاء لغضبة الجماهير لو إكتشفت الحقيقة ولأنهم عموما ليس لهم حلفاءحقيقيين إلا الإيرانيين.
وإن غدا لناظره قريب.

عادل حزين
نيويورك
[email protected]