في يوم 27/1/2007 عرضت جريدة quot;المصري اليومquot; قضية البهائيين في مصر من وجهة نظر فضيلة شيخ الأزهر أعلى سلطة دينية في مصر. ذكر فضيلته أنه لا يعترف بالبهائيين لأنهم لا يحجون إلى الكعبة في مكة لكنهم يحجون إلى عكا، وهم لا يصوموا رمضان. نعم، لأن لهم صيامهم الخاص بعقيدتهم الدينية.


وليسمح لي فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر بمجموعة من الملاحظات حول تصريحاته المنشورة في الجريدة المحترمة والتي ذكرها خلال ملتقى طلاب كلية الآداب في جامعة قناة السويس.

أولاً: الديانة البهائية لها تواجدها في العالم كله. والعالم أجمع يعترف بخصوصيتهم وعقيدتهم الخاصة بهم. ولهم معابدهم التي يتعبدون فيها ويجتمعون لمناقشة أمورهم الإدارية والعقائدية والتي تسمى quot;المحفل المقدسquot;. كانت للبهائيين محافلهم التي يتعبدون فيها في مصر ويسجلون أسمائهم وبياناتهم فيها من عشرات السنين الماضية، لكنها اغتصبت من المسئولين وأصبح بعضها مقار للحزب الوطني منذ ستينيات القرن العشرين.

ثانياً: الدول الراقية في العالم أجمع تحترم حرية العقيدة طبقاً للمواثيق الدولية وطبقاً لحرية الإنسان في اعتناقه العقيدة التي يقتنع بها شخصياً بعيداً عن ضغوط الجماعة أو أولي الأمر أو تاريخ الميلاد، أو دين الدولة الرسمي. فالأهم هو العلاقة الفردية بين الإنسان كشخص مستقل وإلهه الذي يعبده دون رعب أو إرهاب أو سير في عبادة الجماعة كقطيع بلا فهم أو وعي أو إدراك.

ثالثاً: العالم أجمع يحترم تواجد البهائية كعقيدة دينية تنادي بأن الله واحد لا شريك له في المُلك والسيادة. والله أرسل مظاهر إلهية لهداية البشر. تقوم العقيدة البهائية على أن إصلاح العالم بالأعمال الطيبة، ففي هذا يقول حضرة بهاء الله: quot;لم يَزَلْ كانَ إصلاحُ العالمِ بالأعمالِ الطيبة الطاهرة والأخلاق الرَاضيةِ المَرْضِيةquot;.1
وما أحوجنا في العصر الحاضر إلى إصلاح العالم الذي استشرى فيه الفساد والحرب والمصارعات المريرة بين كل الطوائف والشعوب والمذاهب. وما يزيد الصراع اشتعالاً هو ألفاظنا وحديث القادة الدينيين ولسانهم الذي يقف وراء الحروب التي تحصد الأخضر واليابس. فما أحوجنا في هذه الأيام إلى دعوة حضرة بهاء الله القائلة: quot;لسان الشفقة جذاب للقلوب ومائدة للروح وهو بمثابة معان للألفاظ وكأفق لإشراق شمس الحكمة والمعرفةِ.quot;2

رابعاً: كفانا مناداة بعدم اعترافنا بالآخر كإنسان له حقوق اجتماعية وإنسانية ووطنية مثل ما عليه من واجبات. لا يجب أن نرفض الآخر لأنه يختلف معنا في العقيدة الإسلامية.
العقيدة الإسلامية لها خصوصيتها وتعاليمها التي يؤمن بها المسلمون، ومنهم الذين لا يؤمنون ببعضها لكن يؤمنون بنقيض ما يؤمن به البعض الآخر، مثل أخوتنا الشيعة في تناقضهم مع بعض تعاليم السنة. والجميع يؤمن بالإسلام ديناً.

خامساً: العالم كله يشاهد مدى إهانتنا لحق الإنسان في تقرير مصيره الديني، لأن تصريحات القادة الدينيين تعكس فكر الدولة ـ أو العكس هو القائم ـ القائل: دين الدولة الرسمي هو الإسلام. لقد أصبح أغلبية الشعب المصري ـ نتيجة تلك التعاليم ـ يعيش كقطيع يسير وراء الدين الرسمي دون أن يفهم أو يعلم أو يدرك ما يؤمن به. والدليل على ذلك مدى تزايد الصلاة والعبادة في كل وقت وكل مكان، ومع ذلك ازدادت معدلات الفساد والجريمة وانتشرت الرزيلة والرشوة والسرقة وكل الموبقات في كل مناحي الحياة بين المتدينين المزيفين الصوريين، وليس العابدين الحقيقيين.

سادساً: يا سيادة شيخ الأزهر الكريم، إن عدم اعترافكم بالبهائية لأنها تنادي بالحج إلى عكا وليس الحج إلى مكة ولا يصوموا شهر رمضان، هذا يعني أنكم لا تعترفون بالمسيحية ولا اليهودية ولا أي ديانات أخرى، لأن لكل دين عقيدته التي تشمل صيامه المختلف عن صيام الإسلام، وحجه إلى أماكنه المقدسة المختلفة عن أماكن الإسلام المقدسة.

يا فضيلة شيخ الأزهر، كل تقدير لك، مع رجاء أن تقود الأزهر نحو نهضة علمية ودينية حقيقية ترقى بمستوى عالمنا ومجتمعنا المصري الذي يعيش في أحط مستويات الإنسانية والتخلف الحضاري والاجتماعي والعلمي.


مع تحياتي


أيمن رمزي نخلة
[email protected]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-حضرة بهاء الله. لوح الدنيا، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله النازلة بعد الكتاب الأقدس، دار النشر البهائية في بلجيكا، 1980، ص104.
2-حضرة بهاء الله. منتخباتي از آثار حضرة بهاء الله، لانكنهاين ألمانيا، 141 بديع، مقتطف رقم 132ص185. النص منشور في كتاب الحياة البهائية، ص53.