رمضان كريم ولكنه في سورية مقلق قليلا

بهية مارديني من دمشق

يطل شهر رمضان المبارك على السوريين هذا العام كغير عادته في سنوات خلت اذ ان استقبال الشهر الفضيل يكون عادة بالتمنيات والامال بالمغفرة والسكينة والهدوء والاستغفار ولكن هيهات فالظروف غير الظروف وراحة البال دونها مطبات كثيرة سياسية و اقتصادية معيشية تقض المضاجع .

فرمضان يمر عصيبا هذه المرة على السوريين من الناحية السياسية حيث غيوم الحصار بدأت تلوح في افق بلادهم لاسباب كثيرة يعتقدون ان معظمها مفبرك والبقية لم تكن لتلحظ لو اخذت سورية مكانها في صف الانتظار الاميركي ولم تكابر وتحمل نفسها ما يعتقد كثير من السوريين ان لاطاقة لها به ومع وجود لجنة خطرة جدا كلجنة ميليس اعضاؤها من دول لا تكن الكثير من الود للسوريين فان الامر يبدو اكثر من مقلق .

فرمضان سيكون موعد السوريين والعالم مع صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري الذي تشير كل المعطيات الى انه سيشكل نقطة حاسمة بالنسبة الى الاوضاع في الاقليم السوري اللبناني وان كان كثيرون دعوا الى تخفيض سقف التوقعات وعدم الاخذ بالشائعات الاعلامية التي اثبتت التجارب منذ مجيء ميليس ان اكثر من تسعين في المئة منها لاعلاقة له بالحقيقة وانما بحديث عدد من المسؤولين اللبنانيين الذين يتنافسون على شاشات الفضائيات في اتهام سورية وكيل الشتائم اليها حتى قبل ان تختفي حرائق الانفجارات وهو ما يترك انطباعا سيئا جدا على المواطن السوري العادي الى درجة انه بات مألوفا ان تستمع دعوات بين السوريين الى قطع العلاقات مع لبنان واغلاق الحدود في عودة الى زمن الخمسينات عندما استمرت الحدود مغلقة لثلاثة عشر عاما وعلى مبدأ "الباب الذي يأتيك منه الريح سده واستريح ".

اذا قلق السوريين مضمون جدا في رمضان هذا العام وقد يتحول القلق الى اكثر من ذلك "مثلا تجنيد الاولاد في الاحتياط او التعبئة العامة فمن يدري ماقد تجود به اميركا ".

واضافة الى الملف السياسي المتأزم والمتفجر حول سورية هناك داع اخر للقلق وهو ارتفاع الاسعار الجنوني في رمضان ولاسيما للسلع الاستهلاكية بعكس المنطق الذي يقول ان الانسان يقل استهلاكه بحكم الصوم فاسعار الخضراوات ازداد بمقدار الثلث تقريبا منذ الان اما اسعار اللحوم فدونها وميزانيات اكثر من نصف السوريين هذا اذا لم يكن هناك ازمة في احتكارها وتوفرها لتصل اسعارها الى حالة جنونية كالعادة في كل رمضان .

وعلى الرغم ان سورية مكتفية غذائيا وتصدر الى الدول المجاورة الا ان التجار يلجأون الى الكثير من الحيل والألاعيب لرفع الاسعار وتحقيق الارباح على حساب المؤمنين .

وما يزعج السوريين انهم انتظروا زيادة اجور لم تحصل منذ اشهر كما ان شهر الصوم كان قريبا جدا من شهر المدارس هذا العام ما يعني ان ميزانيات كثير من الاسر قد نالها ما نالها من الاستنزاف دون ان يبقى ما يكفي لشهر الصوم والتزود بالمواد الغذائية الضرورية ...

والهم الاكبر هو بعد رمضان فثياب العيد للاطفال هي الاخرى مجلبة للنقمة الا اذا اظهرت الحكومة حنينها ورغبتها في المساعدة كما حدث في مرات سابقة عبر منح لموظفي الدولة ولكن من هم من غير الموظفين من اين يشترون ثياب العيد .

والامر الذي كان يذهب بالسوريين الى مجاهل اليأس اشاعات عن احتمال رفع اسعار الوقود ما يعني رفع اسعار كثير من السلع والمنتجات المرتبطة بالوقود الذي شح كثيرا في الاسواق السورية خلال الاسبوعين الماضيين ولكن عاد بعض الاطمئنان بعد تأكيد وزير النفط السوري ان ازمة الوقود مفتعلة ولازيادة قريبة على الاسعار .

ورغم كل شيء ما يزال السوريون متمسكين بالامل لانهم كما يقولون شعب مؤمن ومصرون على "ان الشام الله حاميها " وسيبقى رمضان كريما في بلادهم كما في كل بلاد الدنيا