رفض تأسيس حزب للإخوان والدعم الحكومي
رئيس الوفد المصري لا يستبعد تزوير الانتخابات


نبيل شرف الدين من القاهرة: في مؤتمر صحافي عقده اليوم، أعرب نعمان جمعة رئيس حزب "الوفد" المصري المعارض عن شكوكه بإمكانية تزوير الانتخابات الرئاسية، وقال في سياق استعراض برنامجه الانتخابي، إنه لا يستبعد إقدام الإدارة المصرية على التزوير، التي وصفها بأنها "عاتية ومتمرسة في هذا المضمار، بعديد من الطرق المباشرة وغير المباشرة، والمرئية وغير المرئية"، وأضاف أنه أقدم على ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم السابع من أيلول (سبتمبر) المقبل، نزولاً عند قرار الأغلبية في الهيئة العليا لحزب "الوفد" رغم معارضته الشخصية، وأعرب عن أمله في تحقيق الفوز في تلك الانتخابات، نافياً أن يكون ترشيحه غطاء أو "محللاً" لمرشح الحزب الوطني (الحاكم) الرئيس حسني مبارك .

ومضى جمعة ناعتاً حزب "الوفد" الذي يرأسه أنه "بيت الأمة، وحزب الفقراء، وليس حزب الأغنياء ولا الباشوات"، واعتبر أن ما لا يقل عن خمسين في المئة من المصريين البالغ عددهم أكثر من سبعين مليون يعيشون تحت خط الفقر، مؤكداً أن الفقر "قنبلة موقوتة"، و"إذا أردنا مكافحة الإرهاب يجب البحث عن الاستقرار ومكافحة الفقر"، حسب تعبيره .

الوفد والمعارضة
وفي معرض تعقيبه على اتهامات وجهت للحزب الذي يرأسه "الوفد" من قبل دوائر المعارضة بالتخلي عن اتفاق يقضي بمقاطعة الانتخابات الرئاسية ترشيحاً وانتخاباً، قال جمعة إنه سيتصل برئيس "الحزب الناصري" ضياء الدين داود، لتوضيح موقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية، قائلاً إن هذه الخطوة لم تكن خيانة للاتفاق الثلاثي بين حزبه والتجمع والناصري، ولفت إلى أنه شرح خلفيات الأمر للدكتور رفعت السعيد رئيس "حزب التجمع" اليساري، موضحاً تفهمه للموقف تماما بل ومباركته هذا الترشيح، دون أن يوضح ما إذا كانت هذه "المباركة" تعني تأييد الحزب اليساري لمرشح "الوفد"، أم أنها لن تلزمه بأي موقف

كما طالب جمعة أيضاً بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وإلغاء القوانين الاستثنائية، لاسيما قانون حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات في العام 1981، وحذر من أن يكون قانون مكافحة الإرهاب الذي أشار إليه الرئيس حسني مبارك بديلاً من قانون الطوارئ، أسوأ من استمرار القانون الراهن .

وأعرب جمعة أيضاً عن "رفضه تماماً تأسيس أي حزب سياسي لجماعة "الإخوان المسلمين"، وبالتالي للمسيحيين، لرفضه قيام أحزاب على أسس دينية، "مؤكداً في الوقت ذاته اعتراضه على "الاعتقالات في صفوف الجماعة، أو حظر نشاط الجماعة، مشيراً إلى أن "حزب الوفد" طالما كان إلى جوار جماعة "الإخوان المسلمين" منذ تأسيسها في العام 1928"، ووصفها بأنها "حركة اجتماعية"، ولا ينبغي تسييسها.

وبينما أعلنت أحزاب التجمع اليساري، والناصري، وجماعة "الإخوان المسلمين" والحركة المصرية من أجل التغيير المعروفة باسم (كفاية) مقاطعتها للانتخابات الرئاسية ترشيحاً وانتخاباً، فضلاً عن شخصيات مستقلة كثيرة حالت الشروط القاسية التي وضعها القانون الجديد دون التقدم للانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه هناك تكهنات تسود الشارع السياسي المصري مفادها أن التحول في موقف "الوفد"، أكبر أحزاب المعارضة من مقاطعة الانتخابات الرئاسية إلى المشاركة، ربما كان على خلفية "صفقة غير معلنة"، تقضي بخوض الحزب هذه الانتخابات لسحب البساط من تحت أقدام المنافس البارز أيمن نور رئيس حزب "الغد" المعارض، وهي أيضاً فرصة لحزب "الوفد" لتصفية "حسابات قديمة" مع نور، الذي كان قد انشق عن حزب "الوفد" في معركة شهيرة مع رئيسه نعمان جمعة، مقابل أن تتجه الحكومة إلى إجراء الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل بنظام القوائم النسبية، بما يتيح وجودا أكبر لأحزاب المعارضة داخل البرلمان الذي يهيمن عليه الحزب الوطني (الحاكم) بشكل مطلق .

السودان وأميركا
ومضى د. نعمان جمعة قائلاً إن حزب "الوفد" رفض مبلغ النصف مليون جنيه الممنوح من الحكومة لنفقات الدعاية الانتخابية، مؤكدا أن الحزب بوسعه تمويل الحملة الانتخابية ذاتياً، غير أنه رحب بأي تبرعات من الشعب لمساندة هذه الحملة الانتخابية، باعتبارها تعني مساندة شعبية للحزب ومرشحه للرئاسة، كما تعهد جمعة وضع حلول لكل المشكلات التي يعانيها الشعب المصري، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بالإضافة إلى مراجعة التعديلات الخاصة بالمادة 76 من الدستور المصري التي يعترض عليها.

وتطرق جمعة إلى رؤية حزبه للشؤون الخارجية قائلاً إنه يؤمن بشكل مطلق بأن السودان هو توأم مصر، ويجب أن تحل كل مشاكله في سلام، ولا يقبل انفصال أي جزء من أراضيه وتفتيت وحدته، وهو ما يهدف إليه "أعداء الأمة"، وتعهد أنه إذا وصل إلى سدة الحكم، سيعين نائبا لرئيس الوزراء تخصص له ميزانية ضخمة للاهتمام بكل ما يتصل بالشأن السوداني ودول حوض النيل، باعتبار أن هذه الدول تمثل عمقاً بالغ الأهمية للأمن القومي المصري، مشيرا إلى أنه سيطلب من أي رئيس آخر يتولى الحكم ذلك .

وتابع جمعة قائلاً إن "حزب الوفد" لا يعلن العداء أو الكراهية لأي شعب من الشعوب الأوروبية أو الولايات المتحدة أو أي ديانة من الديانات، مؤكدا انه لا يستطيع إنكار أن الولايات المتحدة استطاعت من خلال عدة معارك خاضتها من أجل الديمقراطية والحرية، أن تحقق أشياء طيبة لشعوب العالم، غير أنه أكد اختلافه تماماً مع توجهات وسياسات الإدارة الأميركية الحالية، لأنها ـ بتقديره ـ تعتدي على العرب والمسلمين في كل مكان، وتفرض الاحتلال هي وبريطانيا على العراق وأفغانستان، وتدعم الصهاينة في حربهم مع الفلسطينيين"، على حد تعبيره .

ويكاد يتفق المراقبون للشأن المصري الداخلي على أن حزب "الوفد" الحالي ليس امتداداً طبيعياً لفكر أو منهج حزب "الوفد" القديم، لكنه الحزب الحالي يتبنى مزيجاً من الأفكار الليبرالية والقومية، كما يتخذ عادة مواقف تتسم بالبراغماتية في أدائه السياسي عموماً، وله حالياً في مجلس الشعب (البرلمان) أربعة مقاعد من أصل 454 نائباً في البرلمان من بينهم 10 معينون، وحكم الحزب الذي كان حزباً جماهيرياً مصر فترات قصيرة قبل حركة الضباط في مصر عام 1952 التي كانت قد اتخذت قراراً بحل كافة الأحزاب السياسية في البلاد والقضاء على نخبة من الساسة المحترفين .