لبنان في مهب الشائعات بانتظار تقرير ميليس
لحود قد تُسقًط ولايته قبل عيد الاستقلال


ريما زهار من بيروت: وُضع تسريب اسماء الاشخاص الذين شملهم قرار رفع السرية المصرفية أمام ملاحقة القضاء اللبناني وهناك مراجعة في هذا الشأن لتقديمها الى الحاكم رياض سلامة تمهيدا لاتخاذ الاجراءات المناسبة في ضوئها. لا سيما ان القوانين المرعية الاجراء تحيط مداولات الهيئة المصرفية الخاصة وقراراتها بالسرية المطلقة، وبالتالي تترتب مسؤولية جرمية على كل شخص يقوم بانتهاك هذه السرية "بما في ذلك الصحافة ووسائل الاعلام". تقول مصادر سياسية لـ "إيلاف" ان البلاد باتت تعيش على "الشائعات" و"التسريبات" التي لا تراعي احيانًا المحرمات والاصول والكرامات، وهذا ما قد يؤسس لمرحلة جديدة من الانقسامات الحادة في البلاد، ويمهد الطريق لمختلف الخيارات وللنيل من كل ما تم منذ الطائف وحتى الآن، لان معظم المصادر المتابعة للاوضاع في لبنان تجزم بأن حال البلبلة السائدة ستستمر داخليًا وعنوانها اسقاط الرئيس اميل لحود، وخارجيًا حصار سورية تمهيدًا لاسقاطها من الداخل، ورغم خطورة هذه العناوين وما ستخلفه ربما من مشقة داخليًا وخارجيًا ، فإن معظم السياسيين اللبنانيين لا يزالون يتعاطون مع المرحلة بعدم مبالاة متناهية لاقتناعهم بانهم قادرون على ركوب الموجات في ظل الرياح الفرنسية والاميركية العاصفة تجاه سورية.

اسقاط لحود

وتضيف المصادر بأن ما يسمى بفريق الاكثرية النيابية يستعد جديًا لاسقاط الرئيس اميل لحود معتقدًا بأن ميزان القوى الداخلي والخارجي هو لصالحه بالكامل. وان هذا الفريق يسعى الى اسقاط الرئيس لحود قبل انتهاء سنة التمديد الاولى التي تصادف يوم عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني (نوفمبر)، وان هذا الفريق يعمل بأن يكون احتفال الاستقلال في ظل رئيس جديد للجمهورية في بعبدا يدعى حفل الاستقلال والعرض العسكري في المتحف، ومن هنا تتوقع المصادر ان تتصاعد المطالبة باسقاط رئيس الجمهورية بعد 25 تشرين الاول (اوكتوبر) موعد صدور تقرير ميليس الذي سيحمل ادانة صريحة لمسؤولين لبنانيين وسوريين مما سيترك آثارًا لدى الرأي العام وتعاطفًا يسمح لفريق الاكثرية النيابية باستغلال نتائج التقرير والاستفادة منه سياسيًا لاسقاط الرئيس لحود في اوائل تشرين الثاني(نوفمبر)، وانتخاب رئيس جديد في منتصف هذا الشهر وقبل عيد الاستقلال.

اسقاط لحود ليس سهلًا

لكن المصادر تجزم بأن اسقاط الرئيس لحود ليس سهلًا مع غياب القانون الدستوري للوصول الى هذا الامر، و لحود ما زال يؤكد لزواره انه باق في بعبدا طالما لم يرتكب "الخيانة العظمى" ولم يخالف الدستور، وبأنه لن يستقيل نتيجة حملات من هنا وهناك، وبالتالي فإن الآلية الدستورية لازاحة الرئيس لحود غير متوفرة حاليًا مهما كانت الضغوط.
فضلًا عن ذلك فإن الرئيس لحود اظهر حزمًا وقوة طيلة الفترة التي اعقبت استشهاد الرئيس الحريري حتى اليوم وذلك في وجه سيل الشائعات حتى انه اجبر المعارضين الدوليين والمحليين في تقاطعات عدة ان يلعبوا كما يريد هو وتحديدًا في تشكيل حكومتي الرئيسين ميقاتي والسنيورة .
ولن يلقى اسقاط لحود اي "صدى عربي" كي لا يكون ذلك سابقة في عملية اسقاط الرؤساء من قبل المعارضات العربية. وهذا ما لا يمكن الموافقة عليه من قبل الرؤساء العرب، وهذا ما ابلغه رئيس عربي لمعارضين لبنانيين بأن لعبة الرؤساء اكبر من المطالب والتمنيات ، وبأنه لا يمكن اسقاط رئيس عربي في الشارع.

لذلك قد يبقى الرئيس لحود في منصبه في ظل مقاطعة لقصر بعبدا ربما تكون دولية بالاضافة الى قوى سياسية، وهذا لن يؤثر في واقع الامور بشيء وكانت البلاد شهدت خضات مماثلة فالثورة الشعبية عام 1952 اطاحت بالتمديد لبشارة الخوري بموافقة بريطانية عربية واستقال رئيس الجمهورية ضمن الاصول الدستورية وعام 1958 ، ورغم الثورة الشعبية فإن تم احترام الموعد الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية مكان الرئيس كميل شمعون.

وبالتالي تقول المصادر ان وضع الرئيس لحود سيكون مشابهًا لوضع الرئيسين امين الجميل وسليمان فرنجية في السنتين الاخيرتين من عهدهما، رغم ان المقاطعة لعهد الرئيس لحود لن تكون اسلامية. وهذا الاحتمال ربما يلبي إرادة بعض القوى السياسية المسيحية والشيعية تحديدًا، فالقطبان المسيحيان وتحديدًا ميشال عون وسمير جعجع قد يريدان بقاء الرئيس لحود في ولايته لأن السنتين المقبلتين ستكونان انتقاليتان لجهة البت بالملفات الاساسية الخلافية في البلاد وتحديدًا السلاح الفلسطيني وحزب الله، وان هذين الملفين هما خلافيان بين اللبنانيين وقد يتعرض اي رئيس جديد للبلاد لهزات عنيفة ، وبالتالي فإن حلحلة هذين الملفين في عهد الرئيس لحود يبقى الانسب للاعبين الاساسيين لرئاسة الجمهورية اي العماد عون وجعجع، هذا بالاضافة الى ان مفاعيل اغتيال الرئيس الحريري تكون قد تراجعت بعد سنتين مما يسمح لاي رئيس مقبل من استلام ولايته بهدوء ودون اي ملفات متفجرة، فالسنتان المقبلتان هما سنتا حل الملفات الكبيرة وتمهيد الطريق للرئيس المقبل.

خارجيًا

اما كيف سيكون الوضع خارجيًا، فتعتقد المصادر ان الحملة على سورية سترتفع وتيرتها وستأخذ اشكال العقوبات الصارمة وقد بدأت تباشير هذه الحملة تتلاقى بعد زيارة ميليس الى دمشق مع كلام السفير الاميركي في العراق على ان صبر الولايات المتحدة قد نفد مع سورية بالاضافة الى كلام وزير الدفاع العراقي بأن سورية وراء ارسال الدمار الى العراق عبر السماح بمرور المقاتلين عبر اراضيها، اضافة الى تصاريح اميركية لا تستبعد اللجوء الى الخيار العسكري من قبل الولايات المتحدة.

ومن هنا تقول المصادر انه بانتظار صدور تقرير ميليس فإن البلاد تعيش ايامًا صعبة وخطيرة وحملة شائعات لن تتوقف وستكون مثل "النار الجارفة" ولا احد يعرف اين ستتوقف في ظل غياب "رجل الاطفاء" و"ترك النار" للهواء الغربي يلعب بها كيفما شاء.