حكومة السنيورة عالقة بين التزامين متناقضين
بيروت تتطلع إلى باريس خشبة خلاص

بري: مقترحات رايس لا يمكن تطبيقها الا بقيام فتنة داخلية

وزيرة لبنانية تؤكد على أن بلادها تواجه كارثة إنسانية

السنيورة يترأس وفد لبنان الى مؤتمر روما

حرب لبنان أظهرت مدى ضعف الحكومة في بيروت

اندريه مهاوج من باريس: يبدو من نتيجة الإتصالات السياسية التي تولاها أكثر من مسؤول دولي في الأيام الاخيرة، وخصوصاً من محادثات وزيرة الخارجية الاميركية كوندواليزا رايس في بيروت، أن مهلة السماح التي منحت لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة ومعه للغالبية النيابية المنضوية تحت راية quot;قوى 14 آذار/مارسquot; قد شارفت النهاية، وان هذه الحكومة مطالبة بتقديم جردة حساب لبعض القوى الدولية وبشكل خاص الولايات المتحدة وبدرجة أدنى أمام باريس ومجلس الامن الدولي للوعود التي التزمت تنفيذها، وتحديدا تنفيذ القرار 1559 وبسط سيادة الدولة كاملة بعيدا عن اي نفوذ او تأثير خارجي ووضع برامج إصلاحية.

ويبدو من آراء بعض المحللين في الصحف الفرنسية ان ساعة الحقيقة تجلت بمحادثات رايس في بيروت امس، وأدت الى ظهور اول غيمة سوداء في سماء العلاقات الصافية التي سادت أكثر من سنة بين حكومة السنيورة والعواصم الغربية ولا سيما منها واشنطن . ويبدو ايضا أن الدعم المطلق الذي حظيت به هذه الحكومة اصبح موضع شك، خصوصا بعد فشل محادثات رايس مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي رأى بعضهم انه تحدث باسم quot;حزب اللهquot; اكثر منه باسم مجلس النواب، يدل على ذلك ما قاله بري نفسه لصحيفة quot;ليبراسيونquot; الفرنسية و تعريبه: quot; أنا لست وسيطاً في النزاع الحالي بين المقاومة وأطراف اخرين ، بل أنا والمقاومة واحد. وقد نقلت لرايس موقفي المتوافق مع موقف حزب الله quot;. لذا رأت الصحيفة ان رايس قد تكون خرجت بانطباع مفاده ان السلطات الرسمية اللبنانية التي كانت تعول عليها واشنطن لمواجهة quot;حزب اللهquot; ونزع سلاحه أصبحت أقرب الى مواقف الحزب في هذه الأزمة تحديداً منها الى مواقف الإدارة الاميركية، أو حتى بعض الأطراف الدوليين والعرب الساعين الى انهاء نفوذ الحزب المذكور.

جنود إسرائيليون داخل الحدود اللبنانية يمسكون علما لحزب الله

والمفاجأة لرايس كانت عند اجتماعها برئيس الحكومة السنيورة وبعض الوزراء الذين لم يجاروها تماما في مطالبها، مما جعل صحيفة quot;لوفيغاروquot; تعتبر ان ساعة الحل لم تحن بعد. ووفقا لتقرير تحليلي التزمت حكومة السنيورة وعدين متناقضين، فهي وعدت المجتمع الدولي بتسوية مسألة سلاح quot;حزب اللهquot; وبتنفيذ القرار 1559 من خلال الحوار، وفي الوقت نفسه اعترفت في بيانها الوزاري بحق المقاومة في الوجود والعمل وهي الآن أمام مازق الوفاء بالتزاماتها المتناقضة، ولم تعد تستطع اللعب على النقيضين او تأجيل الاستحقاق. فبدت أمام طول مدة المعارك وارتفاع عدد الضحايا من المدنيين وحجم الخسائر المادية وفداحة الدمار في البنى التحتية اقرب الى الداعين إلى quot;التضامنquot; وquot;الوحدة الوطنيةquot; والمطالبين بتأجيل مساءلة الذين جروا البلاد الى هذه الكارثة ومحاسبتهم منها الى مطالب رايس .

وهكذا يمكن القول ان الخاسر الاول من هذه الحرب ليس quot;حزب اللهquot; او اسرائيل بل الحكومة اللبنانية التي فقدت صدقيتها وبدا عجزها وضعفها واضحين وتماسك اعضائها هشا، فاضطرت إلى مجاراة وزراء quot;حزب اللهquot; وحركة quot;أملquot; القادرين على فرط عقدها.

من هنا يبدو موقف بعض الأصدقاء الدائمين مثل فرنسا بمثابة خشبة الخلاص، خصوصا أن باريس لا تجاري واشنطن في تشددها، وبدأت تتحدث وإن بخجل عن وقف نار من دون شروط، خلافا لموقف واشنطن التي تضع شروطاً، في حين ذهب وزير خارجية فرنسا فيليب دوست ـ بلازي الى حد التأكيد ان الحل لن يكون عسكريا . واذا كان دوست ـ بلازي طالب بالبحث في نزع سلاح quot;حزب اللهquot; بعد وقف النار وبإعادة الجندين المخطوفين ونشر الجيش اللبناني فإنه ابدى ايضا بعض التفهم لمطالب اللبنانيين المتعلقة بإيجاد حل لمشكلة المعتقلين في اسرائيل ومزارع شبعا .

وفي انتظار حسم الخيارات خلال المناقشات المقبلة وتبلور الصورة في مؤتمر روما غدا لا ترى الولايات المتحدة واسرائيل بديلاً من شروطهما للحل، وعدم تلبية هذه الشروط يعني استمرار المعارك وزيادة ضراوتها أقله حتى الان.