منذ تكونت البشرية وانقسمت إلى شعوب وبلدان ولغات وحضارات وأديان وطوائف، وكل شعب منها يحاول ابتكار أسلحة جديدة يذيق بها أعداءه مرارة العذاب والموت.
فالإنسان البدائي الأول لم تكن عنده خيارات كثيرة، فلجأ إلى ضرب الحجارة والعصي، وراح يتفنن بجمعها وشحذها وتسنينها، فكانت أسلحته بيئية، يرحب بها محبو البيئة والمدافعون عنها، إذ لو رمى المحارب سلاحه لما انتبه إليه أحد، فالحجر يبقى حجراً، والعصا تصبح شجرة وارفة تظلل الإنسان والحيوان والطير.
وما أن لاحت معالم المدنية في الأفق البشري، حتى اخترع الإنسان المقلاع، وكان أفضل من استعمله النبي داود الذي قضى على وحش الشاشة، كما يسمونه اليوم، المأسوف على قوته وشبابه، أخينا جولييت.
وبعد أن اكتشف الانسان النبال والحراب والمنجنيق المدمر، وبعد أن أبحرت المراكب الحربية، التي كان أجدادي الفنيقيون أبرع من صنعها، اخترع الرومان نارهم المحرقة التي عرفت باسم النار الرومانية، والتي تعجز خراطيم مياه الإطفائيات، وأمواج البحار، عن إطفائها.
أما التتار فلقد اشتهروا بقرونهم وفؤوسهم (أي البلطات والفرّاعات)، وكانوا يركزون ضرباتهم على رؤوس أعدائهم، فتقصّها نصفين، كما يقص الحطاب جذع الشجرة.
شعبنا الأسترالي الأصلي، أي الأبوردجنال، اخترع سلاحاً طائراً اسمه (البومارانغ ـ Boomarang )، يضرب به عدوه، فإذا لم يصبه، عاد السلاح إلى يده، وقد لا أكون مبالغاً إذا قلت انني رأيت رسماً مشابهاً لذلك السلاح في المتحف المصري في القاهرة، رسمه الفراعنة منذ آلاف السنين، أي أنهم اكتشفوه قبل (الأبوردجنال)، ومن يدري، فقد يكون وصل إليهم عن طريق الفراعنة، وحضارتهم العظيمة في ذلك الوقت.
الشعب الأميركي الأصلي، أي الهندي الأحمر، اشتهر بقوس نشابه، فزخرف جعبته، ولون سهامه، وبرع بتصويبه لدرجة الإتقان. ولكن الأمر لم يقتصر على القوس النشاب، بل انتقل إلى المبارزة بالمسدسات، وخاصة في مقاطعة تاكساس، ورحم الله من يصاب أولاً، ويعضّ على لسانه، فلا القانون سيطالب ب دمه ، ولا قاتله سيسجن، إنها مبارزة الند للند، المنتصر فيها يذهب حراً طليقاً، والخاسر إلى حيث البكاء وصريف الأسنان. أما الآن، فأميركا هي الشرطي العالمي الوحيد، تملك من الأسلحة المدمرة ما يرهب الأعداء والأصدقاء، بالإضافة إلى سكان العالم الفضائي أيضاً.
الشعب الإنكليزي اشتهر بقبضاته، أي بضرب (البوكس)، والويل لمن تلحس حنكه قبضة إنسان إنكليزي، إنها كلبطة البغل، ترميه أرضاً، وتفقده الوعي.
الشعب الفرنسي علّق السيف على خصره، وراح يبارز به خصومه، إلى أن أوصله إلى الألعاب الأولمبية، فأصبحت مبارزة السيوف من أهم الألعاب الرياضية في العالم.
الصينيون اخترعوا (التاكواندو والكاراتيه والكونغ فو وغيرها) ومنعوا تسريب أسرارها، أو تدريب الشعوب الأخرى عليها، كي تبقى لهم ماركة مسجلة، يدافعون بها عن أنفسهم، بعد أن عجز سورهم العظيم من رد أطماع الأعداء بهم، رغم عرضه وطوله وعلوه، حتى أن أرمسترونغ، رائد الفضاء الأميركي الشهير، لم ير غيره على الأرض أثناء قفزه السريع على سطح القمر.
أما نحن العرب، وبعد آلاف السنين من الإنتظار والتفكير المضني، ومن استيراد واستعمال الأسلحة الروسية والصينية والإمبريالية، كما يحلو للبعض أن يسمي الدول الغربية، وتراكم الفشل، وتكاثر الهزائم، اخترع أحد الموظفين اليمنيين الكبار سلاحاً لم يخطر على بال أحد من شعوب العالم كافة، فلقد خلع حذاءه المبارك الميمون، وراح يصفع به أعداءه الكثر، حتى جندلهم واحداً واحداً، وعاد الحذاء إلى قواعده سالماً، وسط تصفيق جامعة الدول العربية وابتهاجها بالإختراع العظيم المنتظر.
فإذا جادلك أحد الأشخاص وأفحمك، إخلع حذاءك العربي واضربه على يافوخه حتى يطوش ويقع أرضاً. وإذا طالبك موظفوك بعلاوة مالية يسدون بها غلاء المعيشة، ويطعمون أطفالهم، اقذفهم بحذائك حالاً، حتى لا يتجرأوا مرّة أخرى، ويطالبوا بحقوقهم المشروعة. وأنصحك باختيار أحذيتك العربية بتأنٍ بالغ، إذ أن أكثرها فتكاً هي الجلدية والمسننة والمطعمة بنضوات حديدية توجع العدو، وتدمعه، وتوقعه أرضاً. والله ينصرك على أعدائك.
أرجو أن لا تتسرّب أية معلومات عن سلاحنا العربي الجديد، وأن لا يُدرّب أحد من باقي الشعوب عليه، فنحن اخترعناه ونحن الأحق باستعماله بغية سحق أعدائنا ورميهم تحت (الصرامي). فلقد آن الأوان كي نملك أسلحة فتاكة، ذات رائحة كريهة، أين منها القنابل الجرثومية، ترفع معنوياتنا أمام الشعوب الأخرى، وتثبت أننا شعب حضاري، يحق له أن ينجب، وأن يربي، وأن يرضع.
أحذيتنا العربية أسلحة فتاكة.. أرجو أن لا تمنعنا الأمم المتحدة من استعمالها، فنصبح بعدها، كما كنا دائماً، بدون سلاح.