هذا الرجل الرجل الذي لفّ بعباءته المقدسة المتحاربين من أبنائه، يوم عاد من استشفائه في لندن لينقذ النجف الأشرف، ويطهر مرقد إمام الأئمة علي بن أبي طالب، الذي غنيته بعشرين مزموراً، ترجمت إلى الإنكليزية والفرنسية والإسبانية، آن الأوان كي نسمع ما يقول، ونعمل بما يرتئي.
لقد طالب آية الله السيستاني العراقيين بالإدلاء بأصواتهم، بكثافة ما بعدها كثافة، في الانتخابات الحلم، بغية إنقاذ الشعب والوطن من متاهات الضياع، وبغية تدريبهم على اللعبة الديمقراطية التي لم يعتادوا عليها من قبل، ومن يدري فقد ينفرون منها، لا سمح الله، ويتقاعسون عن القيام بواجباتهم كمواطنين عاديين خوفاً من الإعتداء والتفجير.. والموت الحرام.
صحيح أنني ضد ترهيب المواطن وإرساله إلى الجحيم إذا لم يقترع، ولكنني أفهم جيداً البعد الإنساني الجميل لهذا الترهيب الترغيبي من أجل حثه على التنعم بأعظم ما جادت به العقول البشرية على الإطلاق: الديمقراطية وحرية التعبير. وأفهم أيضاً أن سماحته يريد انتخابات حرة نزيهة، تأتي من الشعب، لخدمة الشعب، ولرفاهية هذا الشعب واستقلاله.. ليس إلاّ.
ولم يكتفِ، أطال الله بعمره، بحث المسلمين على التصويت، بل طالب المسيحيين أيضاً بالتدفق إلى صناديق الإقتراع (من أجل أن تمثل الانتخابات مختلف شرائح الشعب العراقي التي ستتكفل بكتابة دستوره الدائم). واستنكر ما تقوم به (الزمر الإرهابية التكفيرية من استهداف للكنائس، واعتداء، وخطف، ومضايقة للمدنيين الأبرياء العزل من عراقيين، رجالاً ونساء، مسلمين ومسيحيين، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى).. وأكد على (الأخوة الوطنية بين العراقيين جميعاً، مسلمين ومسيحيين، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى، في عراق واحد يتمتع مواطنوه جميعاً بالأمن والسلام والاستقرار والحرية والاستقلال التام الناجز) بإذن الله، بإذن الله، بإذن الله.. أقولها مثلثة كي يسمع من لا يسمع، ويتعظ من لا يتعظ، ويخاف الله من لا يحسب لآخرته حساباً.. وصدق المثل العامي القائل: ( ألله بيبلي وبيعين)، فلقد ابتلى أمتنا العربية برجال دين جهلة يفتون من أجل القتل والدمار، وأنعم عليها برجال دين مباركين، يفتون من أجل خير الناس أجمع، ومن أجل إحلال السلام في كل بقاع الأرض، ومن أجل تعايش إنساني رائد.. (فطوبى لفاعلي السلام، فإنهم أبناء الله يدعون).
فإذا كان المرجع الشيعي الأعلى يحث المسلمين والمسيحيين على تغيير مجرى الأحداث في الانتخابات القادمة، وإذا كان بابا روما قد طالب مسيحيي العراق بعدم ترك وطنهم المفدى، كي يعملوا على (تصفية القلوب بسخاء) ويواجهوا (بربرية الإرهاب العمياء)، وإذا كان البطريرك الكلداني قد أكد أن العراقيين (عائلة واحدة، فالدين لله والوطن للجميع)، فأبشروا أيها العراقيون، فالعراق سيعود إليكم، والحرية ستعود إليكم، والتعايش الأخوي المثالي سيعود إليكم، وما عليكم إلا أن تسمعوا كلام علي السيستاني ويوحنا بولس الثاني وعمانوئيل دلي، وتتمسكوا بعراقكم أكثر فأكثر، لأنه لكم، لكم وحدكم، ولبنيكم بعدكم.

[email protected]