إذا أحبتك فتاة من دين آخر، ووثقت بك، وطلقت عائلتها الثائرة لفعلتها (المشينة) لتتزوجك، وتهبك نفسها، تأكد من أنها بطلة، وأن عليك واجب إسعادها، وإهدائها القمر لو طلبته منك. فلو لم تكن الأفضل والأجمل والأكمل لما قفزت فوق الأسلاك الدينية الشائكة، ولما جازفت وسبحت ضد تيارات التخلف القاتلة لتصل إليك وتحضنك وتهمس بأذنيك: أحبك.
الزواج من دين آخر ليس سهلاً، كما يعتقد البعض، وخاصة أولئك الطارقين أبوابه دون دراسة أو اهتمام، فيغررون بالفتاة، ويستدرجونها بالوعود الكاذبة، وعندما تقع ضحية بفخ شهواتهم السادية، يكشفون عن وجوههم البشعة، ويبدأون باستعبادها، ومعاملتها كجارية وليس كزوجة وشريكة حياة ورفيقة درب، تارة يضربونها، وتارة يهددونها ويتوعدونها، وطوراً يشوهون وجهها الجميل، كما حدث لإحدى عارضات الأزياء اللبنانية، كي لا يغرم بها أحد في حال طلاقها منهم، دون أن يؤنبهم ضمير، أو تردعهم إنسانية، أو يخيفهم إيمان، فيسيئوا إلى الدين الذي إليه ينتسبون، وإلى الدين الذي صاهروه، وإلى كل الأزواج الشرفاء السعداء الملقحين بدين آخر.
قبل أن تقدم على خطوة جريئة كهذه، عليك أن تعيش حياة الفتاة التي ترغب الزواج منها بكل تفاصيلها، من الألف إلى الياء، وأن تتفهّم تفهماً راقياً وإنسانياً هذه الأشياء الثلاثة الهامة:

1ـ رغباتها:

طالما أنك اخترت الاقتران بفتاة من غير دينك، وجب عليك احترام رغباتها وتلبيتها، فإن عجزت عن واحدة منها، عدها بتنفيذها في وقت لاحق، واقنعها بأن لا شيء في الدنيا سيحول بينك وبين تنفيذ تلك الرغبة، عندئذ تشعر زوجتك بحبك وحنانك وتفهمك واندفاعك في خدمتها، وتدرك أن من اختارته زوجاً لها، رغم معارضة أهلها وتهديدهم لها، هو فارس أحلامها حقاً، وبطلها المفدى، وزوجها الحبيب الغالي، الذي ترخص حياتها كرمى لعينيه.

2ـ عاداتها:

عادات الفتاة تستمدها مع الزمن من عادات عائلتها الاجتماعية والدينية، ومغشوش من يعتقد أن عاداتنا الشرقية واحدة، يمكن التأقلم معها بسرعة، إذا كان الزوج والزوجة من بيئة واحدة، فلقد أثبتت التجارب أن لكل وطن عاداته، ولكل مدينة أو قرية أو دسكرة عاداتها، ولكل عائلة عاداتها أيضاً، حتى ضمن العائلة الواحدة نجد أن كل فرع منها يفرض عاداته الخاصة على أهل بيته، وما عليك، كقادم على الزواج من دين آخر، إلا دراسة عادات فتاتك، والتأقلم معها قبل الزواج، كي لا تنفر منها ومن عاداتها (السخيفة) بعد الزواج، ويقع المحظور.

3ـ إيمانها المختلف عن إيمانك:

كي تنجح في زواجك من فتاة من غير دينك، عليك أن تتفهم معتقداتها الدينية وأن تحترمها كاحترامك لمعتقداتك، فإذا كانت مسيحية ستردد على مسمعك عبارات لم تسمعها من قبل في بيتك نحو: يا يسوع المصلوب، يا عذراء مريم، باسم الآب والإبن والروح القدس وغيرها. وإذا كانت مسلمة ستصيح إثر كل ازدراء أو إعجاب: يا محمد.. أو باسم الله الرحمن الرحيم، أو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. إلى آخره. وعليك أن لا تتأفف من ذلك، بل أن تشاطرها إعجابها أو خوفها بعبارات مستقاة من دينك، فيختلط الدينان في دين واحد، أسموه افتخاراً وتحبّباًً (دين الحب).

ولا تنس أن تشاطر عائلتها الأفراح والأتراح، وأن تعايدها في أعيادها، لأنك أصبحت فرداً منها.. الأهل سينادونك بالابن الحبيب، والأخوة بالصهر الغالي، والأحفاد بزوج العمة أو الخالة، وتمحى من عقولهم طائفية تجرعوها مع الحليب، إذ أن محبتك لهم ستتغلب على رفضهم لك، كونك من دين آخر، وستربح عليها بالضربة القاضية، وتثبت أن الإنسان أخو الإنسان، شاء من شاء وأبى من أبى.

نصيحة أخيرة: إياك أن تغيّر دين زوجتك أو اسمها، اتركها كما أحببتها أيام العزوبية، لتشعرها أكثر باحترامك لها ولدين آبائها، وأن الله محبة، وبئس من يفرق بين خلائقه.
ما قلته للزوج ينطبق أيضاً على الزوجة، وإلاّ فليبقيا عازبين، أو فليتزوجا من دينهما، كي لا يسيئا إلى الله، وإلى من آمنوا بوحدة خلائقه وأديانه، ونجحوا بتنشئة عائلة إنسانية مشتركة تفخر البشرية بها، وتكون النواة لمجتمع متسامح مشرق كوجهه تعالى.

يقول المثل: من تزوج من ملّة غير ملته وقع في علة غير علته، ويقول الواقع المر الذي نعيشه: إذا لم تتلقح الأديان من بعضها البعض وتتصاهر، ستظل البشرية تلعق دمها، وتتلذذ به، وتعيش أيام جاهليتها. فإذا أقدمتم على خطوة رائدة كهذه كونوا لها. أجل.. كونوا لها.