قد يضحك البعض من عنوان مقالي هذا، لأنهم تعوّدوا أن يسمعوا أو أن يقولوا هذه العبارة وهم على سطح الأرض، ولكنهم لـم يفكّروا أبداً أنهم سيقولونها في المستقبل القريب لأحد سائقي المركبات الفضائية التي بدأت (ناسا) بتصميمها بغية نقل البشر من وإلى القمر.
وها هي الأزمة المعيشية الكبرى في الفضاء تنحل أمام اكتشاف 11 مليون طن من المياه المجمدة الممزوجة بالطبقة السطحية للقمر، والتي قد تملأ بحيرة مساحتها 10 كيلومترات مربعة، وعمقها 11 متراً.
وكان المسؤول عن البعثة الفضائية إلى القمر ألان بيندر قد قال في مؤتمر صحافي: (نحن متأكدون من وجود الماء على القمر).. ولقد تأكد من ذلك بواسطة التلسكوب (لوناربروسبكتر)، الذي ضبط المياه في القطبين الجنوبي والشمالي.
أما وليام فيلدمان العالـم في مختبر لوس ألاموس الوطني في ولاية نيو مكسيكو فقد أعلن أن كمية المياه المكتشفة تسمح للإنسان باستيطان القمر لسنوات.
(ناسا) كانت أكثر وضوحاً من السيدين بيندر وفيلدمان إذ بدأت بإجراء حسابات دقيقة: (إذا كان كل شخص يستخدم 38 ليتراً من الماء يومياً، وإذا كان على سطح القمر 33 مليون طن من الجليد أو 27 بليون ليتر ماء، فإن ذلك سيكون كافياً للسماح لمجموعة تضم ألف عائلة من شخصين بالعيش لأكثر من قرن دون إعادة معالجة المواد المستعملة).
إذن، العيش على سطح القمر أصبح ممكناً، ولكن الخواجة بيندر المسؤول عن البعثة الفضائية إلى القمر يتطلع إلى أبعد من ذلك، فهو يريد أن يتحوّل القمر إلى قاعدة لاكتشاف الفضاء، فطالما أن الماء مؤلف من الأوكسجين والهيدروجين (وهما العنصران الرئيسيان للوقود المستخدم في محرك المركبة الفضائية.. كما أنها موارد يمكن استخدامها لاستكشاف الفضاء، وللذهاب إلى المريخ وأماكن أخرى في النظام الشمسي).
وبشّرنا، في حال ذهبنا إلى القمر، أن عملية استخراج المياه سهلة للغاية، يكفي فقط أن نجمع التراب الممزوج بالجليد ونسخّنه في غرفة خاصة، فتنساب بين أيدينا الجداول التي قد تنسينا مياه الينابيع الرقراقة العذبة المنسابة على سطح الأرض.
ولكن المشكلة الكبرى تكمن في كيفية الدفاع عن النفس في حال وجدنا أناساً آخرين يستوطنون القمر.. وهل سيسمحون للغزاة (أي نحن) باحتلال قمرهم؟!
مسؤول ناسا للرحلات إلى القمر السيد لويس بيتش يقلل من طموحاتنا برؤية أناس على سطح القمر بعد رحلات أبولو المكوكية التي حملت اليه أحد عشر رجلاً لا غير.. كما أنه يرفض الحديث عن موعد جديد لمهمات بشرية جديدة نحو القمر.
واللـه أمرنا عجيب، فالسيد بيندر يبشرنا بالماء الزلال والعيش الحلال لقرن أو أكثر على سطح القمر، بينما السيّد بيتش فيرفض الحديث عن رحلات بشرية إليه.. فمن نصدّق بيندر أو بيتش؟! ولماذا تواصل (ناسا) مهرجانها الجوي الفلكلوري والتطبيل لعمليات التحام المركبات بالمحطات الفضائية المشتركة؟!
هناك تكتم ملحوظ حول برنامج استكشاف الفضاء، خاصة عندما بدأوا يشعرون بوجود (حياة) خارج كوكب الأرض.
والبرنامج الإستكشافي الجديد قد يمتد إلى سنة 2015، يعملون خلاله على إطلاق مجموعة كبيرة من المركبات والمراصد والتلسكوبات العالية الكفاءة، تجوب المسافات الهائلة المقدرة بخمسين ومئة سنة ضوئية من نظامنا الشمسي. ومن يدري، فقد يتمكنون بذلك من اكتشاف كوكب مماثل للأرض يسكنه أناس قد لا يشبهوننا بالشكل ولكنهم أذكى منا بالعقل..
وفي المقر العام لوكالة (ناسا) يعمل البروفسور إد ويبلر أحد مصممي التلسكوب (هابل) على جمع أجزاء هذه السمفونية الفضائية الضخمة. وفي عام 2005 ستوضع مجموعة من التلسكوبات الفضائية، وسترسل عربات فضائية، وسيطلق (باحث) عملاق حجمه أكبر من حجم ملعب كرة قدم، وسيخبرهم هذا (الباحث) عن الأجواء الفضائية المتعددة، وأيّها يحتوي على ديوكسيد الكربون والأوكسيجين والبخار والتركيبات الكيمائية التي تساعد على نشوء الحياة، وإمكان نقل البشر إلى الكوكب المحظوظ.
ويؤكد إد ويبلر:( أن هناك 200 مليون نجمة في مجرتنا، مجرة درب اللبانة.. وهناك 50 مليار مجرة في الكون، فكيف يمكننا أن نتصوّر أن الكون وجد لنا فقط.. هناك فرص بنسبة 100 في المئة أن تكون هناك أشكال أخرى من الحياة الذكية).
سطح القمر ينعم بالماء، وبعض المجرات تنعم بالحياة، فلماذا لا نبدأ بتوفير المال لنكون أول الراكبين في التاكسي الصاعد إلى الفضاء؟!.. رحلة ممتعة أتمناها لكم، فشدّوا أحزمة الأمان، وعلى الله الإتكال.

أستراليا
[email protected]