الجبري أقدم مذيع يمني لـ"إيلاف"
فجروا منزلي بسب عمليبالإذاعة

حاوره محمد الخامري من صنعاء: منذ ما يقارب الـ26 عامًا، ويطل محسن الجبري أسبوعيًا على الشاشة الصغيرة من خلال برنامجه الشعبي (صور من بلادي) الذي يبث من الفضائية اليمنية، وهو برنامج يجوب بمشاهديه جميع المحافظات اليمنية لينقل مناظرها السياحية ومميزات كل محافظة عن الأخرى، وفنونها وتراثها وعاداتها وتقاليدها وجبالها ووديانها بشيء من الشرح والتفصيل.

وينقسم المشاهدون حول البرنامج ما بين مؤيدين ومعارضين له. المؤيدون بأغلبهم من المغتربين الذين يستمتعون بمادة البرنامج السياحية، بينما معارضي البرنامج هم من هواة التجديد والتحديث، ويعتبرون أن محسن الجبري أخذ حظه من الإعلام، وأنه يجب ان يفسح المجال أمام الكفاءات الشابة القادرة على تنفيذ البرنامج بطريقة أفضل. "إيلاف" كان لها لقاءً مع أقدم مذيع يمني، تحدثخلاله عنأسباب تعرضه لمحاولة اغتيال في الستينات، وكشف عن البرنامج الجديد (قد أبسرناك)الذي يخطط له حاليًا، وأمور أخرىفإلى نص الحوار.

كم هو عمرك الإعلامي ، ومنذ متى عملت في التلفزيون؟
قبل ان تقول في التلفزيون قل في الإذاعة، لأني كنت في ليلة 26 أيلول (سبتمبر) 1962م في الإذاعة واحتليناها دون أي مقاومة وبدأنا نعلن قيام الجمهورية، ونؤسس برامج شعبية خاصة بالهوية اليمنية لتكون قريبة من المواطنين وبلهجتهم الدارجة لان مجتمعنا كما تعرف اغلبه أمي (خصوصا في تلك الأيام). وبدأنا بتوعية الشعب بالكلمة الشعبية البسيطة والقصيدة والمثل الشعبي والزامل وغيره، ثم عندما وجد التلفزيونفي بداية السبعينات قلنا هذا دورنا الإعلامي ولا يمكن ان نتراجع او نتخاذل فانتقلتبكاميرا التلفزيون ولأول مرة إلى اغلب المناطق اليمنية التي كانت الإمكانيات تسمح بها في تلك الأيام وقمنا بواجبنا في دحر الملكية وتثبيت دعائم الجمهورية.

كم عمر برنامج صور من بلادي بالتحديد؟
أطلق برنامج"صور من بلادي" مذ تولي الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الأمور في اليمن في 17 حزيران(يوليو)عام 1978.كنت قد تركت العمل الإعلامي حينذاك، بعد ان تم تلغيم بيتي (تفجير المنزل بلغم ارضي) وسجني وتشريدي،وأمور أخرى عانيت منها بسبب عملي فيمجال الإذاعة والتلفزيون. وبعد تولي الرئيس مقاليد الأمور استدعاني وقال لي إن مكاني الصحيح هو في الإعلام، فقلت له لقد تعبت من الإعلام، قال مهما كان أنت صاحب رسالة ويجب أن تؤديها، ومنها عدتإلى الشاشة الصغيرة وأسست برنامج (صور من بلادي) والذي لا يزال يذاع أسبوعيًا إلى يومنا هذا.

متى تم تلغيم (تفجيره بلغم ارضي) المنزل ولماذا؟
بعد الثورة بعام واحد، أي في العام 1963، تم زرع لغم في منزلي، وكان أول لغم ينفجر في صنعاء هو ذلكالذي شطر بيتي نصفين وهز صنعاء بكاملها. أما لماذا فقد أجابني عليها قاسم منصّر الذي كان في صفوف الملكية بعد أن عاد إلى صفوف الجمهورية، إذ قال لي "نحن الذين أرسلنا اللغم إلى بيتك وحاولنا قتلك"، ومن هنا يتضح ان سبب تلغيم بيتي هو انضمامي الى صفوف الجمهورية من أول يوم وبدء مهاجمة الملكيين من خلال عدد من البرامج التي كانت في تلك الأيام.

الحاسة السادسة
كيف علمت بتلغيم البيت وأين كنت حينها؟
سأحكي لك قصة اقرب الى الخيال منها الى الحقيقة لكنها حقيقية ويشهد عليها من كانوا بجانبي لحظة إنفجار اللغم في منزلي،إذ كنت في مقيل (مكان القات) المشير عبد الله السلال (رئيس الجمهورية حينها) في منزله، وعندما سمعنا الانفجار قلت للحاضرين هذا في بيتي مندون أن يكون لدي أي علم بشيء سوى إحساس عميق راودني في تلك اللحظة ان هذا اللغم في بيتي في صنعاء القديمة، وهو مايسمونه بالحاسة السادسة، فأخذت التلفون واتصلت وأكدوا ليأن الانفجار وقعفي منزلي.

هل كان البيت مهجورا أثناء الانفجار؟
لا، كان البيت مليئًا بعائلتي الكبيرة لكن لحسن الحظ ان اللغم وضع في جهة المصافي والحمامات، كما هي طبيعة تصميم منازل صنعاء القديمة فانقسم المنزل إلى نصفين وسلمت العائلة بفضل الله ولم يصب أي منا بأذى والحمدلله رب العالمين.

قد ابسرناك
هل هناك أفكار جديدة تنوي تقديمها خلال الفترة المقبلة؟
عندي فكرة جديدة في طور البلورة والبحث عن بيئة التنفيذ وهي تقديمبرنامج بعنوان (قد أبسرناك) التي تعني (قد رأيناك) أو كشفناك أو بهذا المعنى، وفكرة البرنامجأخذ لقطات معينة بكاميرا التلفزيون لكل الذين يشوهون قداسة الثورة والوحدة والجمهورية بطريقة سرية تامة لمدة دورة تلفزيونية كاملة والاحتفاظ بهذه اللقطات والصور ليتم عرضها بالصوت والصورة في الدورة التي تليها. هذا البرنامج يحتاج إلى حماية أمنية كبيرة وإلا فإني سأتعرض للعديد من المشاكل والمعاناة جراءه، كما افكربتوسيع وتطوير برنامج "صور من بلادي" الذي كان محصورًا على مراكز المحافظات والمديريات والمدن الثانوية، بحيث نبدأ في النزول الى القرىوالمناطق النائية التي يوجد فيها العديد من كنوزالتراث الثقافي والموروث الحضاري وفيها العادات والتقاليد المحافظ عليها والتي لم تلوث بالحضارة والمدنية الجديدة، لنواجه بها العولمة التي اكتسحت بيئاتنا وجعلت من عاداتنا تراثًا باليًا، لذلك احرص في برنامجي على ان أوضح الحضارة اليمنية الأصيلة التي لن تندثر وستقف في وجه العولمة ان شاء الله.

هل أخذت الموافقة من الجهات المختصة على برنامج (قد ابسرناك)؟
البرنامج في طور الفكرة والتي أخشى أن تسرق مني من خلال هذا اللقاء، والفكرة لا تزال مختزلة في ذهني وقد بلورتها، ولن أقدمها للجهات المختصة إلا عندما تترسخ دولة النظام والقانون ويتم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب والرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا يعني أنها ستتأخر قليلًا ، لان الوضع الحالي لا يسمح بتقديم هذه الفكرة الهامة والهادفة والتي ستغنينا عن جيش من المراقبين والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إذسنلتقط الصورة المناسبة وهي أفضل طريق وأفضل دليل على فساد الفساد وعدم صلاحيته في منصبه او وظيفته.

دولة النظام والقانون
هل حددت مسارات معينة أو مرافق أو شخصيات ستبدأ بها هذا البرنامج؟
أينما وجد الفساد سأتتبعه، ولا يمكن أن أعلن عن شخص معين او مرفق من المرافق التي تكثر فيها السلبيات والنهب والسلب وإنفاق المال العام، وهذه الفكرة كما قلت لك لن تتحقق إلا بقيام دولة النظام والقانون التي تؤمن بوجود إعلام هادف يخدم قضايا الناس ويفضح الزيف والفساد لخدمة الدولة التي تريد أن تصلح وتقضي على العديد من السلبيات الموجودة في الأجهزة والمرافق الحكومية.

هل وجدت معارضة لبرنامجك القديم صور من بلادي؟
أي برنامج ناجح فهو محارب، وبرنامج صور من بلادي من انجح البرامج في التلفزيون اليمني وقد وجدت العديد من المعارضات والمعاناة والمشاكل من اجله لكنني صمدت، ولا تزال الحرب مستمرة وكلما تطورت اليمن تطور البرنامج وبالتالي زادت المضايقات من أعداء النجاح لأنني اعتبر نفسي وبرنامجي (صور من بلادي) همزة وصل بين المواطن وبلاده سواء المواطن داخل الوطن او في المهجر الذي يتابع صور من بلادي بكل اهتمام، وأنا أوجه نداء من خلالكم إلى المساندة والدعم المعنوي لهذا البرنامج حتى لا يأتي اليوم الذي ننهزم فيه لان القاعدة تقول عندما يكثر الفساد في أي مكان يقل المصلحون وعندما يكثر المصلحون يقل الفاسدون وهكذا هي حكمة الله في خلقه.

هناك شبه إجماع على جودة اختيارات البرنامج من الأغاني والألحان المصاحبة للصور السياحية، فكيف يتم اختيار هذه الخلفيات الصوتية؟
هذه ملاحظة وجدت عليها الكثير من الاتصالات التي تشكرني على اختيار الألحان والأغاني المصاحبة للبرنامج أثناء عرض المناظر الطبيعية والسر في ذلك أنني عندما اذهب إلى أي منطقة أسأل عن ألحان وأغاني وتراث المنطقة وفلكلورها الشعبي وبالتالي أحاول المزاوجة والمزج بين المنظر والخلفية الموسيقية، فلا أستطيع ان اجعل خلفية مناظر من محافظة الحديدة لابي بكر سالم بلفقيه كما لا أستطيع ان عرض مناظر من صنعاء واجعل أيوب طارش يغني فيها وهكذا، اختار لكل منطقة من المناطق فنان او زامل او موسيقى او لحن تراثي من نفس المنطقة والبيئة حتى يكون هناك نوع من الانسجام والتناسق في عرض المادة الإعلامية.

هل ممكن ان تعطي القارئ الكريم نبذة عن سيرتكم الذاتية؟
الوقت ضيق ولو تحدثت عن سيرتي الذاتية لأخذت وقتًا طويلًا ولكني باختصار بدأت منذ الثورة في الإذاعة ثم استمريت في مجال الإعلام إلى أن توقفت بعد الخمس (النوفلجين) كما أسميناها تلك الأيام وهي مابين 1962 – 1967 عندما حصل الانقلاب على الرئيس السلال، بعدها ذهبت إلى الجنوب وعملت هناك في إذاعة عدن وأسست العديد من البرامج الشعبية في الإذاعة والتلفزيون بعدن وكانت برامج ناجحة جدا، ثم عندما وصل الرئيس علي عبدالله صالح الى الحكم عام 1978 طلبني وكلفني بالعودة إلى صنعاء والعمل في الإعلام الشمالي (آنذاك)، فعدت من عدن والتحقت بالتلفزيون ومنها والى اليوم وأنا في برنامج صور من بلادي.

ماهي البرامج التي أسستها في عدن؟
أسست العديد من البرامج الناجحة والتي لاقت استحسان الجمهور كبرنامج (اسمع مني واسمع منك) في الإذاعة، وبرنامج (مساء الخير يا جماعه) في التلفزيون وبرنامج (عامر ورحمه) وبرامج كثيرة أخرىكانت تتصدر غيرها في تلك الأيام.

هل هناك فكرة لإعادة هذه البرامج في إذاعة صنعاء؟
أتمنى ان تكون البرامج الشعبية هي السائدة في جميع الإذاعات والقنوات التلفزيونية في صنعاء وفي عدن وفي غيرها من المحافظات اليمنية الغنية بالتقاليد اليمنية، حتى نحافظ على الهوية اليمنية المحببة المقبولة التي لا يوجد مثلها من حيث المفردات الاستثنائية فيها من اللغة العربية والحميرية وغيرها من الثقافات والحضارات اليمنية القديمة، ونفس الوقت نحن مع اللغة العربية الأم ولكن الهدف هو إيصال الفكرة إلى شريحة معينة ويجب ان نوصلها بلهجتهم ولغتهم وثقافتهم كي يسمعوها ويعوها ويعرفوا معناها ويستوعبوها تماما الا اذا كانت بلهجتهم التي يفهمونها والتي يعتبرونها (من وجهة نظرهم) هي اللغة الأم وغيرها مستورد (يضحك).