وسام من بوتفليقة الى ماجدة الرومي

محمود ابوبكر من الجزائر: تحتل الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي مكانا مميزا وخاص في وجدان وذاكرة الجزائريين ككل ، فهذه الفنانة هي الاولى التى اسقطت جدار العزلة والحصار غير المعلن الذي كانت تعاني منه الجزائر من اشقائها العرب خلال سنوات التسعينات المظلمة التى إستبد فيها الإرهابيون قتلا وتشنيعا في الجزائر .
تعود القصة الى منتصف التسعينات عندما حاولت وزارة الثقافة التي كان على رأسها الوزير حمراوي حبيب شوقي ،ا-المدير العام للتلفزيون حاليا -،إختراق حاجز الخوف والأمن وثقافة الموت لزرع بذور الأمل والحياة وسط ركام الدمار الذي كان يشعله الارهابيون هنا وهناك ، كان حمراوي وراء ذلك البرنامج الخاص باستضافة عدد من النجوم العرب للتضامن مع الشعب الجزائري في محنته عبر مهمة إنسانية كان الجزائريين بحاجة ماسة اليها ..وهي العزف على أوتار القلب وإيقاعاته النابضة بالحياة وإرادة البقاء وسط هول المجازر والجثث، كانت البرمجة الحمراوية عبارة عن رغبة ملحة لسماع النجوم العرب وهم يخاطبون الجزائريين فنيا ليقولوا بصوت شجي " نحن معكم" .
كان ذلك في ربيع عام1997 وبالرغم من ان الدعوة شملت عددا كبيرا من الفنانيين العرب من اقطار مختلفة فإن الذي لبى الدعوة وغامر بالحضور في الجزائر في عز محنتها من اجل التضامن مع الشعب

الرئيس الجزائري يقلد ماجدة الرومي وساما
الجزائري لم يكن سوى الفنانة " ماجدة الرومي "، لقد تخلف الجميع وحضرت "ماجدة" وغنت للامل والحياة وللمستقبل ، غنت للسلام وقالت حينها من ركح القاعة البيضاوية " نحن في لبنان عانينا من الحرب ونعرف جيدا ماذا يعني القتال بين الاخوة " وأضافت بنبرة واثقة " سوف تنتصر الجزائر ، وستطوي صفحة الدموع والدم ،..المرة القادمة سنتحدث عن هذه الماساة كتاريخ مضى.." كانت مفرداتها تقع بردا وتفاؤلا على قلوب الجزائريين الملتهفة لسماع كلمات "ليست كالكلمات" ابدا..، وعادت "الرومي" تحتفظ بذكريات لاتنسى عن الجزائر وعن الجمهور الذي كانت تجهل عنه الكثير –كما صرحت- جمهور أذهلها وهو يردد أغنياتها عن ظهر قلب ، جمهورا اصبح صديقا ملازما لقلبها حتى قبل ان تشدو له رائعتها "كن صديقي"، وبعد غياب عادت ماجدة الرومي الى الجزائر "لتؤكد صدق نبؤتها " السابقة ، عادت لجزائر يعمها السلام والاستقرار ويتجول فيها الفن مطمئنا في شوارعها وأزقتها ، عكس الزيارة الأولى ، كم هو جميل عندما نعود الى نفس المكان لنسترجع ماساة مضت بكل تفاصيلها المروعة ونقف من على خشبة الذاكرة لنعلن إنتهاء مسلسل الرعب الأحمر ..ثمانية سنوات كانت كافية لان تجعل نبوءة "ماجدة" حقيقة ماثلة امام عيون وقلوب الجزائريين الذين استمتعوا بفنها الرائع هذه المرة وهم يرشقونها بالورود وبمفردات حالمة ودموع انهمرت مدرارا عندما عدد –المقدم- مفارقات القدر الذي قاد "الرومي" سابقا الى هذا المكان في زمن كان الموت والإرهاب فيه قدرا على الجزائريين لتعود اليهم اليوم في نفس المكان( القاعة البيضاوية ) ولكن في زمان مختلف تماما ، كانت هي ألأولى التى بشرت به وإستشرفت إشراقاته.

اتت زيارة الرومي هذه المرة بدعوة من التلفزيون الجزائري الذي اقام الحفل تحت الرعاية السامية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بمناسبة يوم 8 مارس ،اليوم العالمي للمرأة، كان الحضور مميزا وفي الغالب من النساء والفتيات المحتفلات بيومهن العالمي ، كان الجمهور قد بدأ يزحف نحو القاعة الواقعة بمجمع "محمد بوضياف "بمنطقة بن عكنون على اعالي العاصمة، على الساعة الخامسة مساءا ، بالرغم من ان الاعلان قد يوضح ان الحفلة ستبدء في السابعة مساءا ولم تبدء الا بعد مرور ساعة ونصف من ذلك الموعد،. ..صعود "ماجدة" للمسرح كان عبارة عن لحظة إستثنائية شكلا ومضمونا حيث وقف الجمهور لعشرات الدقائق ليستقبل "ملاكه" بينما ظلت منحنية للجمهور كتعبير للإمتنان وللحب الذي تكنه له، وكان لحضور الرئيس بوتفليقة للحفل طابع خاص واهمية مميزة بل وعرفان ووفاءا لهذة الفنانة التى توحدت مشاعرا وتضامنا مع الجزائريين بكل معاني المفردات والاغنيات في وقت ندر فيه الوفاء وقلت مشاعر الاصدقاء والاشقاء ،وهو ربما مادفع بالرئيس بوتفليقة الى رعاية الحفل اولا والحرص على حضوره ثانيا ، ثم إصراره على صعود المسرح لتقليد الفنانة بوسام الثقافة والفنون -وهو من ارفع الاوسمة التى تمنح للإبداعات الفنية- بالجزائر ،.. كانت حالة نادرة ان تشاهد رئيس دولة يحضر حفلا فنيا ساهرا ثم يعتلي خشبته لتكريم الفنان "بوسام" و"عقد من الياسمين"..إنحنت "ماجدة وهي تتقلد درع الجزائر المطرز بإمتنان كبير لشخصها وفنها ، وبوفاء لدورها الانساني ورسالتها السامية ، ..أمسكت بالكاميرا لتخليد اللحظة التاريخ لكن اصابعي كانت ترتجف من موج المشاعر الهائجة والمتدفقة ومن حدة المفارقة التى جعلتني اقف في الحدثين (1997-2005) والبطل دوما هي "ماجدة" الانسانة والفنانة بدفئ مشاعرها وخرير صوتها المتدفق كشلال رائع .