*شركة أفلام عالمية تنتج فيلما عن حياتها بنفس ضخامة فيلم " كليوباترا "
*120مليون دولار تكلفة الإنتاج، و " كاترين جونس " تلعب دور البطولة.
*فريق عمل انجليزى أمريكى يصل القاهرة قريبا للإعداد للتصوير
*سفنها وصلت إلى عدن واثيوبيا وصنعت دولة قوية.
*عاشت قصة حب غامضة مع المهندس الذى بنى معبدها الضخم بالأقصر وحفر سردابا يربط بين مقبرتها و مقبرته ليلتقيا فى العالم الآخر.


زينب عبد المنعم من القاهرة: يصل إلى القاهرة قريبا عدد من الفنانين والعاملين فى المجال السينمائى من المملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية لمعاينة و اختيار أماكن التصوير الخارجى لإنتاج فيلم ضخم عن الملكة المصرية " حتشبسوت "، وهى المرة الأولى التى يجرى فيها انتاج فيلم عالمى يتناول سيرة هذه الملكة العظيمة، وتقوم شركة انتاج سينمائى ضخمة بعمل دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة بالفيلم الذى من المنتظر أن تصل تكلفته إلى 120 مليون دولار، ويتوقع القائمون على انتاج الفيلم أن يحقق إقبالا كبيرا من الجمهور بنفس حجم فيلم كليوباتر الذى عرض 1963.
وكانت المتحدثة باسم الشركة المنتجة قد عقدت مؤتمرا صحفيا فى لندن فى السادس و العشرين من ديسمبر الماضى أعلنت فيه خبر الفيلم الذى سيجرى تصويره فى أماكن الأحداث بمصر، وقد تم تكليف المراسل الصحفى المصرى السابق زكى غازى من قبل الشركة المنتجة بعمل الاتصالات اللازمة بالجهات المعنية فى مصر لترتيب زيارة فريق العمل، وقد تم تحديد عدد من المناطق للزيارة فى مواقع بالأقصر و أسوان و شارم الشيخ و الجيزة و الواحات و الإسكندرية، وسوف يستخدم فريق العمل طائرة خاصة للقيام بهذه الجولة، كما يزور الفريق مدينة الإنتاج الإعلامى بمدينة 6 أكتوبر و التى يطلق عليها هوليوود الشرق للتعرف على إمكانياتها.


جنون الحب و السلطة

حتشبسوت أشهر ملكات مصر الفرعونية حفرت تاريخها وسيرتها فى ذاكرة التاريخ رغما عن أنف المعارضين وأولئك الذين حاولوا محو أثارها من

مسلة حتشبسوت في معبد الكرنك
الوجود. هذه الملكة التى حققت السلام والاستقرار والقوة للبلاد أثناء فترة حكمها تركت ألغازا كثيرة وأسرارا لم يجب عنها علماء المصريات حتى الأن. وربما يكون أكثر تلك الألغاز إثارة شخصية " سنموت " ذلك المهندس البارع الذى بنى لها معبدها الشهير فى الدير البحرى والذى منحته80 لقبا وكان مسئولا عن رعاية ابنتها الوحيدة وقد بلغ من حبه لمليكته أن حفر نفقا بين مقبرتها ومقبرته. ثم اختفى.
الطموح المجنون والرغبة الشديدة فى الوصول إلى كرسى الحكم الذى كانت ترى أنه حق لها، وإن جاءها اغتصابا كان أهم ما يميز حتشبسوت.وهو نفسه الذى ميز خطوات سنموت. الرجل الذى كان من عامة الشعب ثم أصبح قريبا من عقل وقلب الملكة، وإذا جاءت تلميحات المؤرخين لتشير إلى وجود حالة حب قد جمعت الاثنين سنموت وحتشبسوت فإنهما الملكة وخادمها أيضا قد شاركا فى " حياة أسطورية " وانتهى كل منهما نهاية غامضة لا تزال لغزا حتى الأن0
يقول : عادل محمود أمين قسم الدولة الحديثة بالمتحف المصرى أن سنموت كان من أهم الشخصيات المؤثرة فى فترة حكم الملكة حتشبسوت، ولد من أسرة من أرمنت وترقى الى أعلى المناصب الرسمية وحصل على أكثرمن 80 لقبا خلال فترة حكم الملكة من أهم هذه الألقاب : الرئيس الأول لاستقبال العائلة المالكة ورئيس استقبال الإله أمون ورئيس مقاطعات أمون والمشرف على القصر الملكى ومستشار الملكة ومصر العليا، لقد ربى سنموت الأميرة" نفرو رع " الإبنة الوحيدة للملكة حتشبسوت من زوجها الملك تحتمس الثانى، وكان أيضا المهندس المعمارى المسئول عن معبدها العظيم فى منطقة الدير البحرى بالأقصر،وكان هذا سر شهرته الواسعة حيث كان مسئولا عن جميع منشآتها المعمارية بمعبد الكرنك والأقصر وأرمنت، وقد كافأته الملكة على عبقريته بإنشاء مقبرتين فى منطقة البر الغربى بالأقصر هما المقبرتين رقم71،353.
سنموت له ما يقرب من20 تمثالا معروفا منهم8 وزعت بين المتاحف العالمية فى مصر وأوروبا وأمريكا ومنها تماثيل مثلت سنموت مع الأميرة " نفرو رع " جالسة على إحدى رجليه او مختبئة فى حجره0
والأهم من كل ما سبق أنه كان أبرز الذين جاءوا بكرسى العرش لحتشبسوت، أولئك الذين صاغوا أسطورة تقول أن حتشبسوت هى ابنة للإله أمون، وهذه الأسطورة بدورها التى روجوا لها بين العامة هى التى استندت إليها حتشبسوت لتحكم زمام الأمور، ولكى نعرف الحكاية بالتفصيل. حكاية سنموت نرجع أولا الى حكاية حتشبسوت نفسها0

المرأة فى مصر الفرعونية
فى البداية يقول لنا الدكتورهليل غالى أستاذ التاريخ الفرعونى بجامعة الزقازيق : تعد الملكة حتشبسوت مثالا جيدا وفريدا لما تمتعت به المرأة فى مصر القديمة من حقوق وما ساهمت فى مجالات الدين والسياسة والحكم وتولى العرش، فالمرأة فى مصر القديمة لم ينظر إليها على أنها سيدة منزل فقط، ولكنها بالإضافة الى كونها " أما " و " زوجة " كانت تعمل فى الحقل والمصنع، وتشترك فى الحياة الدينية، وتتولى المناصب الرفيعة مثل منصب الكاهنة والقاضية وسيدة الأعمال التى تدبر شئون مزارعها، كما كانت تمارس ألوان الرياضة المختلفة كلعب الكرة والسباحة وصيد الطيور والأسماك، كما كانت تشترك فى الحفلات العامة التى كانت تقام أى أنها لم تختلف فى شىء عن المرأة العصرية هذه الأيام، و لا يوجد منصب هذه الأيام إلا وتقلدته0
ويحفظ لنا التاريخ ذكرى عدد من الملكات اللاتى اعتلين عرش مصر، وساهمن بدور فعال فى حكم وإدارة البلاد والدفاع عنها، ومنهن " حتب-حرس"، " خنت كاوس "، " أحمس نفرتارى "، " حتشبسوت "، " تى "، " نفرتيتى"، وطبعالا ننسى" كليوباترا"، وغيرهن كثيرات إلا أن الملكة حتشبسوت أو كما كانت تحب أن يطلق عليها ( فرعون مصر) تعتبر أبرزهن فيما وصلت إليه وفيما تميزت به من صفات0
تنتمى حتشبسوت إلى الأسرة الثامنة عشر قبل الميلاد وهى ابنة فرعون مصر الملك تحتمس الأول وأمها الملكة أحمس وهى الابنة الشرعية الوحيدة لهما، وصاحبة الحق الأوحد فى عرش مصر، غير أن القوانين والتقاليد المفروضة فى هذا الزمان لم تعطى للمرأة الحق فى تولى الحكم، ولم يكن المصريون أن يقبلوا بأن تحكمهم امرأة، وكان أبوها الملك قد أنجب ابنا غير شرعى هو تحتمس الثانى وقد قبلت الزواج منه على عادة الأسر الملكية ليشاركا معا فى الحكم بعد موته، وذلك حلا لمشكلة وجود وريث شرعى له0
وهكذا تولت حتشبسوت الحكم مع زوجها وأخيها تحتمس الثانى إلا أنه ولإيمانها العميق بحقها الشرعى فى الحكم بدون شريك أو منازع لم تكن لترضى بهذا الوضع، فبرغم أن زوجها هو الذى عاش فى ظلها، وهى التى كانت تتخذ معظم القرارات ولكنها كانت مجرد الزوجة والملكة التابعة فى أعين المصريين، ولم يكن هذا ليرضيها، أخذت حتشبسوت تفكر ماذا تستطيع أن تفعل لتصل إلى غايتها فلم تجد أمامها سوى الرضا بما هى عليه لوقت معلوم فى ظل وجود زوجها تحتمس الثانى، مع العمل سرا على كسب الأعوان والأصدقاء الذين وجدت فيهم ميلا لمناصرتها0مات تحتمس الثانى1478 ق0م ولم تلد له حتشبسوت سوى ابنة واحدة هى " نفرو رع " فعادت مشكلة الخلافة على العرش مرة أخرى، وكان تحتمس الثانى مثل أبيه قد أنجب ابنا غير شرعى من إحدى جواريه، وتكرر المشهد من جديد وتم تزويج تحتمس الثالث الذى كان فى ذلك الوقت طفلا صغيرا من ابنة حتشبسوت التى كانت صغيرة هى الأخرى، واعتلى تحتمـس الثالث وزوجته عرش مصر، وأصبحت حتشبسوت هى الوصية عليه لصغر سنه وفقا للتقاليد المتبعة، ولكن طموح حتشبسوت الشديد فى الحكم دفعها إلى تحويل هذه الوصاية إلى مشاركة فعلية فى الحكم،وخطت خطوات محددة بدأتها بأن رفعت نسبها إلى الإله الأكبر لدى المصريين " أمون "، وزعمت أنها إبنة أمون، وصاحبة الحق فى عرشه، وسجلت قصة ذلك على جدران معبده فى الدير البحرى، وأخذ أعوانها يشيعون تلك القصة بين أفراد الشعب، وفى خطوة ثانية أخذ أعوانها من الكهنة والكتبة والمهندسين يشيعون بين الشعب أن أباها قد دعاها أيام الطفولة وأنبأها على ملأ من قومه ورجال بلاطه بحقها فى العرش والسلطان من بعده، وأن الحياة لمن أطاعها والهلاك لمن خالف إرادتها وأوامرها0
عندما أصبحت الظروف ملائمة قامت حتشبسوت فى العام السابع من حكم تحتمس الثالث بتتويج نفسها ملكة على مصر بدون شريك، ولقبت بكافة الألقاب الملكية، و ارتدت كل علامات الحكم و قام الكهنة بدورهم فى تأكيد شرعيتها فى الحكم.
و كانت حتشبسوت فى أوج شبابها عندما تولت الحكم وكان عمرها37 عاما ومن أهم أعوانها كبير كهنة أمون " حابو-سنب " الذى تلقت منه الدعم الكامل والتأييد لفكرتها والسيطرة على الحكم، وكان " حوتى " صاحب بيت المال وحامل ختم الملكة أيضا من أهم أعوانها0

إنجازات ملكة

إذا كانت فترة حكم حتشبسوت لم تشهد غزوات كبرى خارج حدود البلاد كما فعل أسلافها فأغلب الظن أن هذه الملكة كانت تؤثر السلم والسلام والحفاظ على الاستقرار فى بلادها، إلا أنها فى الوقت نفسه قامت بتوطيد نفوذها إلى ما وراء الشلال الثالث فى بلاد النوبة حتى وصلت الى بلاد بونت ــ الصومال ــ حاليا، وذلك خلال رحلتها المثيرة، حيث أقامت علاقات تجارية وطيدة، وأصبحت رائدة من الرواد بذهابها لتلك المنطقة التى لم يسبق لأسلافها الذهاب إليها0
وعندما ذهبت إلى بونت لم تنس أن تأخذ معها العديد من تماثيل المعبودات المصرية لتعمل على نشر العبادات المصرية فى تلك المناطق، من هذه العبادات عبادة الإله أمون، إيزيس وأوزوريس، حورس وغيرهم، كما قامت أثناء زيارتها لتلك البلاد ببناء المعابد المصرية وتشجيع حركة الاستيراد والتصدير بين البلدين0
من أعمالها المهمة أيضا إعادة بناء المعابد التى تركت مهملة منذعهد الهكسوس، وأعادت لها رونقها، كما اهتمت بمعبد الإله منتو والطريق الخاص بالمواكب بين معبدى الأقصر والكرنك، كما قامت ببناء مسلتين، و شيدت معبدها الجنائزى بالدير البحرى بجوار معبد الملك.

ســنــموت

يتفق د/ أحمد بدوى أستاذ علم التاريخ فى كتابه " فى موكب الشمس فى تاريخ مصر الفرعونية " وكذلك د/ إبراهيم بكر فى كتابه " صفحات مشرقة فى

سنموت يحمل ابنة حتشبسوت على ركبتيه
تاريخ مصر الفرعونية " أن سنموت كان مواطنا من عامة الشعب، أبرزته الظروف والحوادث وجعلته فى مقدمة الصفوف، وظواهر الأمور تبين أنه كان فتى وصوليا،رزقته الطبيعة من قوة العقل وبعد النظر والذكاء الفطرى ما جعله يقفز من ساحة الشعب الى مشارف القصور، وقد ذكر سنموت المهندس العظيم والحبيب العاشق لسيدته فى النقوش التى كتبها داخل مقبرته التى بناها بالقرب من مقبرة سيدته أنه خدم الملكة منذ اللحظة الأولى التى ودعت فيها زوجها، وكان من أقرب المقربين إليها. تستشيره فى جميع أمورها، وأغلب الظن أن الملكة قد عرفت هذا الرجل قبل رحيل زوجها وأنه قد دبر أمر الوصاية على العرش لصغر سن تحتمس الثالث وزوجته ابنتها نفرو رع،وعندما لاحظت الملكة شدة ذكاء هذا الرجل وفطنته الشديدة زادت من قربه منها، حيث رأت فيه الناصر لها ولحقها فى الجلوس على العرش بدون منازع، وأخذت تضيف له من المزايا والعطايا، فجعلته مربيا لابنتها، ومديرا لأملاكها، ومشرفا على جميع احتياجات الفرعون الصغير تحتمس الثالث، فكان سنموت يشرف على زينته ونومه ويقظته وزياراته الرسمية وغير الرسمية، وهكذا بدأ نجمه يسطع فى أفق السياسة المصرية،وقد أكثر المؤرخون الحديث عن هذا الرجل، وأثاروا حوله الظنون، وخرجوا من التلميح الى التصريح، فجعلوه صفى الملكة وخليلها، ويكاد تصويرهم لنفوذه وسيطرته أيام حكم حتشبسوت أن يذكرنا بنفوذ " راسبوتين " فى البلاط الروسى.
وقد بدأ نفوذ سنموت أول الأمر عن طرق الدين، حيث بدأ حياته العملية فى دار أمون الإله الأعظم لدى المصريين، فكان سنموت يدير ضياع أمون الواسعة ومعبده ويشرف على جميع ممتلكاته، وكان له الدور الأكبر فى جعل حتشبسوت الوصية على الفرعون الصغير، كما كان له الدور الأكبر فى تهيئة نفوس المصريين ليتقبلوا تنصيب حتشبسوت على العرش بلا منازع، وعندما تولت الملكة الحكم أصبح سنموت كبير الوزراء وكبير الكهان والمتصرف فى شئون البلاد المالية والاقتصادية والدينية، وبذلك جمع فى يده سلطة ونفوذ لم يحظى بها أحد قبله أو أحد من معاصريه، وهنا يكمن التساؤل أنه على الرغم من وجود عدد كبير من الذين وقفوا بجانب الملكة وأيدوا حقها فى الملك فلماذا هو دون غيره أغدقت عليه الملكة بكل هذه النعم ؟ نرد فنقول أن حتشبسوت قد كافأت كل من وقف إلى جانبها وساندها وأجزلت لهم العطاء، ويرجع السر فى تمكين سنموت من كل هذا النفوذ الذى لم يتمتع به غيره فى قصة الحب التى كانت بينهما، ويبدو أن سنموت كان له كل العذر فى عشقه لملكته، فالملكة كما ذكرت لنا النقوش والبرديات كانت شديدة الذكاء وغاية فى الرشاقة والجمال، وقد تجلى حبه لها فى تلك التحفة المعمارية التى ليس لها مثيل فى العالم، إنه معبد حتشبسوت الموجود بالدير البحرى بالأقصر الذى بناه سنموت عام1483 ق0م، وقد حرصت حتشبسوت كما حرص هو على كتابة حكاية اعتلاء الملكة للعرش على جدران المعبد، كما كتب قصة نسبها إلى آمون، وكيف اختارها دون غيرها لتتولى الحكم،هذا بالإضافة إلى كتابة جميع أسمائها الملكية والفرعونية، ولو تأملنا بإمعان المعبد بكل ما فيه من أعمدة وصور و ألوان رائعة لرأينا كل ركن فيه يزخر بحب هذا الرجل لمليكته0
سنموت قام أيضا ببناء مقبرة الملكة فى وادى الملوك، و تبارى فى رسم الصور الخاصة بالملكة فى مواضع مختلفة ملونه بألوان رائعة ظلت باقية إلى الآن، و لبراعة سنموت فى الهندسة المعمارية زعم بعض المؤرخين و أكد بعضهم أن سنموت قد بنى مقبرته بالقرب من مقبرتها و لإيمان المصريين بالحياة الأبدية بعد الموت قام سنموت بحفر نفق طويل بين المقبرتين ليتسنى لهما اللقاء فى الحياة الأخرى.
وما زالت نهاية حياه حتشبسوت الملكة وخادمها سنموت سرا من الأسرار و مادة خصبة يثير حولها المؤرخون العديد من الحكايات و الروايات0

لغز النهاية
وبعد أن قضت حتشبسوت على العرش أكثر من17 عاما كان تحتمس الثالث قد كبر ووعى كل ما يدور حوله، وحقد عليهما حقدا شديدا، لأنها من وجهة نظره قد اغتصبت حقه فى الحكم، ويقول البعض أن تحتمس الثالث قام بعزلها، وماتت وهى معزولة، والبعض يقول أن هناك من قتلها حتى لا تثير له القلاقل أثناء حكمه، ولكن من المؤكد انه انتقم منها بعد موتها، فقام بمحو النقوش التى تشير إليها، والكتابات الموجودة بالمعابد، وهدم بعض ما بنته، ومحا اسمها من على جميع إنجازاتها المعمارية، وكتب اسمه بدلا منها، لكن التاريخ أبى أن يمحو من ذاكرته تلك الملكة، وقدر لها أن تظل باقية لنعرف حياتها بكل ما فيها، وذلك لأن الذين حاولوا محو اسم حتشبسوت وتثبيت اسم الفرعون تحتمس الثالث نسوا أن باقى الجملة مكتوبة بصيغة المؤنث مما يثبت أن هذه المعابد والإنجازات وتلك الحكايات والقصص تشير إلى ملكة لا ملك0
وكما حير المؤرخين موت حتشبسوت فقد حيرهم أيضا نهاية حياة سنموت الحبيب العاشق، فالبعض يقول أنه كان من ضمن الذين نكل بهم تحتمس الثالث من أعوان حتشبسوت وقضى عليهم وجردهم من كل الامتيازات والسلطة، ويقال أنه نفاه ومات كمدا لما وصل إليه من انحطاط بعد ما كان فيه من عز.
يقول د/ أحمد بدوى فى " مواكب الشمس " : الذى لاشك فيه أن هذا الرجل قد سقط من عليائه فقضى عليه قبل انتهاء حياة سيدته وليس ببعيد أن تكون الملكة نفسها قد تغاضت عن مشاعرها تجاهه وأدركت مقدار ماوصل إليه هذا الرجل من قوة ونفوذ فأرادت ان تقضى عليه وتقلص من هيبته وسلطانه خشية من خطره وخوفا من انقلابه عليها، وربما أرادت بهذا العمل أن تظهر للرأى العام أنها لم تكن صفية وخليلة له وأنها استعملته فقط فى قضاء أغراضها المالية والسياسية0
إن تحتمس الثالث الذى تولى الحكم بعدها قد أزال كثيرا من سيرتها المنقوشة على الحوائط والجدران حتى يعذب روحها فى الحياة الأبدية، ويجعلها تائهة فى غياهب الظلام، ويحرمها من الراحة والاستقرار الذى توفره لها تلك القصص التى تخلد أعمالها داخل مقبرتها أو معابدها، وكان يمكن أن تطغى أعمال وسيرة حتشبسوت على سيرة تحتمس الثالث لولا أنه كان من فراعنة مصر العظام الذين عملوا على توسيع رقعة مصر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وقضى على كل من حاول المساس والخروج على طاعته وكل من طمع فى شبر من بلاده.
ويظل موت حتشبسوت سرا من الأسرار لم يكشف عنه بعد ويظل أمام المؤرخين الفرصة كاملة لتخيل واستنباط سيناريوجديد لنهاية حتشبسوت، تلك الملكة ذات الإنجازات العظيمة.
هذا هوكلام التاريخ و المؤرخين وعلماء المصريات، أما موضوع الفيلم الذى تزمع الشركة السينمائية العالمية تنفيذه فلم يتحدث عنه أحد، وليته يكون أمينا فى العرض التاريخى، ويقدم تفسيرات معقولة لكل اللألغاز التى تحيط بالملكة و أعوانها.