فهد سعود من الرياض: عندما نسمع بلقب ( النبيل ) يقفز إلى أذهاننا مباشرةً أنه ذلك الشخص الذي يرجع إليه أهل القرار وقت الأزمات ، فهو من يتحلَى بالتصرّف القويم والرأي السديد لفرض الوقائع وإقرار الأفكار والحلول .

والنبلاء عادة يرفعون شعار: (لا يهم أن تكون مُقاتلاً قويًّا ، أو سياسيًّا نظيفًا وجادًّا ، المهم هو أن يتمسك بك الجمهور ) .

وعن طريق هذا الشعار استطاع مجلس ( النُبلاء الأسكتلندي ) من فرضَ حضورهِ على شعبهِ ، وتقرير مصيره لعقودٍ من الزمن بحكمة _ وإن قصرت في بعض النواحي _ إلا أنّ الأثر الذي تركهُ المجلس ما يزال متأصلاً في حياة الأسكتلنديين حتى اليوم ولا يستطيع أحداً انكاره .

بعيداً عن اسكتلندا والنبلاء والشعارات التي يؤمنون بها وتلك التي لا يؤمنون بها أيضاً .. دعونا نتحدث قليلاً عن فريق الهلال ..

القاريء الجيد للتاريخ الرياضي الحديث نسبياً ، سيجد أنّ جميع الفرق المحلية وصلت في وقت ما إلى مرحلة ( إعادة البناء ) من جديد ، والقارئ الجيد أيضاً سيكتشف أنّ ( الهلال ) هو إستثناء لتلك الفرق.

فهو الفريق الوحيد الذي لم يصل إلى هذه المرحلة أبداً ، وأقصى نكسة تحدث للفريق لا تتجاوز الشهر الواحد ، يعود بعدها الهلال من جديد ليهب مشجعيه البطولات والإنتصارات والألقاب .

والسبب برأيي هو وجود أعضاء شرف في مرتبة (النُبلاء ) ، الذين يتحاورون في جميع المواقف التي تواجههم ، مثلما كان يفعل النبلاء الأسكتلنديين قديماً ، حتى لا تهتز صورة الشعب / النادي وحتى يكون القرار موّحداً يتحمله الكل ، ليُظهر للجميع مدى القوة والترابط التي يتمتع بها هؤلاء .

كيف أصبح أعضاء شرف الهلال ( نبلاء) ؟

بالطبع ليس عن طريق مقولة " نيتشه " الشهيره التي ترى أنّ : ( البقاء للأقوى ) التي يُمارسها الكثير من أعضاء شرف الأندية الأخرى ، بل لأنهم يؤمنون بأنّ البقاءَ ( للأفضل ) والأرقى والأنبل .

وأيضاً بسبب حساباتهم التي تُقارب دائماً لعبة ( الشطرنج ) لكلِ خطوة قبل القيام بها ، مما يُساعد على إيجاد نتيجة حاسمة وفعّالة لكلِ موقف يطرأ . فالمشورة توّحد الآراء وتُلغي التعصُبات والتحامل الفكري الذي ينشأ عادةً من إنحياز كل شخصٍ برأيهِ كما يحدث في أغلب أندية الكرة لدينا ..

فالكرة السعودية تحاول جاهده الخروج من مشنقة التعصب والعنصرية، للوصول إلى روح الفريق وعشق الرياضة نفسها دون أية مولاة أو إنحياز.

لا يعتمد أعضاء شرف نادي الهلال على الكفاءة أو الحرفية أو الإسم فقط، بل الإعتماد الحقيقي يكون دائماً على أساس الفائدة.هل هذا اللاعب عبء على الفريق أم مشكلة ،هل هو نافع أم محور هام. ودليلاً على هذه المقوله ما فعله مدرب الهلال ( باكيتا) عندما أثار سخط الجماهير بسحب محمد الشلهوب"مارادونا الكرة السعودية " في مباراة النهائي أمام القادسية يوم الجمعة الماضي، وإستبداله بسلطان البرقان، ليسيطر البديل محمد العنبر على الجناح الذي كان يغطيه الشلهوب بعد أن قلّ تركيز القادسية على ذلك المحور لخروج الشلهوب، مما خدع الدفاع القدساوي حين تمكن العنبر من تسجيل هدف الفوز في بطولة كأس ولي العهد السعودي. ليصعد الهلال إلى منصة التتويج للمرة الثالثة هذا الموسم.

والسر في تألق الهلال هذه السنة، وتحقيقه بطولتين محليتين، وينافس على الثالثة، ويخوض غمار نصف نهائي كأس العرب، يكمن في أعضاء شرف النادي، الذين قدموا كل ما لديهم، من أجل دعم مسيرة النادي ، التي يقودها الربان الأمير الشاب محمد بن فيصل، الذي أوصل سفينة النادي إلى شاطئ الأمان بعد أن كادت تغرق في الموسم الماضي.

دون أن ننسى الجمهور الهلالي الذي أثار شجن وإعجاب كل الفرق بلا إستثناء.. جمهور أزرق لكوكبٍ ازرق.. وبحرٍ من البطولات.. أغرق جزر الفرق الأخرى.

مجلسٌ كهذا يحقُ لكل هلالي أن يفخر بهِ فهو خط النار والقلعة الحصينة التي تحفظ للنادي مكانتة ومركزهِ التي يحظى بهما سعودياً وعربياً وعالمياً .