مروة كريدية_ إيلاف: لاشك في أن عيون العالم أجمع متجهة نحو الرابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل حيث يتوجه الناخبون الأميركيون الى صناديق الإقتراع لحسم المعركة المحتدمة بين المرشح الجمهوري جون ماكين والمرشح الديموقراطي باراك أوباما. وفيما سباق الرئاسة نحو البيت الأبيض بدأ يأخذ بعدًا حاسمًا؛ تُرَّجح معظم المصادر المطلعة تصويت الاميركيين العرب لباراك أوباما.

وقد أوضحت استطلاعات رأي قامت بها quot;مؤسسة زغبيquot; أن الأميركيين العرب يدعمون أوباما، ويُرجع زغبي دعمهم لأوباما إلى خطابه الذي أدلى به في مؤتمر الحزب الديمقراطي رفي عام 2004، حيث ما زال الأميركيون العرب يتحدثون عن هذا الخطاب ويتذكرون قوله quot;إذا قام أحد بإهانة أو جرح الاميركيين العرب أنا أيضاً أجرحquot;. الأمر الذي يشير إلى قدرة أوباما على التواصل مع الجماهير وتركيزه على أهمية توحيد الأمة الأميركية، وهو ما يرتبط بالتعاطف مع الأقليات. الأمر الذي تعاني منه الجالية العربية خاصة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) وما ترتب عليها من قيود تجاه حقوقهم المدنية والسياسية، فـ20% من الأميركيين العرب يرون أنهم قد تعرضوا للتمييز منذ 11 أيلول(سبتمبر) والهجمات الإرهابية، وثلثين ممن تم استطلاع آراؤهم قالوا أنهم خائفين سواء على أنفسهم أو على أطفالهم لو استمرت سياسات التمييز التي اتبعتها إداراتي بوش ضدهم.

وكانت جريدة نيويورك تايمز قد نقلت في تقرير لها عن نشاط أبناء الجالية العربية في منطقة بروكلين بولاية نيويورك استعدادا العرب لانتخابات الرئاسة وأن الشبان والشابات يتطوعون في حملات مكثفة للتصويت في الانتخابات وهم يتجمعون أمام مسجد باي ريدج بعد صلاة الجمعة و ينادون على المصلين بالتوجه إلى مراكز التسجيل كيلا تفوتهم فرصة الإدلاء بصوتهم.

ومن جهة أخرى يقوم رئيس الحزب الديموقراطي في المنطقة المذكورة رالف برفيرتو بزيارات منتظمة للمساجد في المنطقة حاثا أفراد الجالية على الإدلاء بصوتهم في الانتخابات. وقالت الصحيفة ان تسعة من المسؤولين المنتخبين في المنطقة كانوا قد لبوا دعوة للإفطار خلال شهر رمضان أقامتها جمعية العرب الأميركيين. وفيما اعتبرته الصحيفة تغييرا في توجهات الساسة الأميركيين، تلقى العرب الأميركيين رسائل صوتية مسجلة بالعربية من ستفين هاريسون مرشح المنطقة للكونغرس تدعوهم للتصويت له. ويقول التقرير إن نسبة تصويت العرب المسلمين في منطقة بروكلين شهدت زيادة بلغت 60 بالمائة عن عام 2000.

ووفق تقرير أصدره المعهد العربي الأميركي (الذي اسسه جيمس زغبي) بعنوان quot;الأميركيين العرب والمشاركة السياسيةquot;، كتب ميشيل دبليو. سليمان بعنوان quot;تاريخ المشاركة السياسية للعرب الاميركيين quot; أن هناك أربع قضايا رئيسية كانت وستظل المحور الرئيسي لمجتمع الأميركيين العرب، تتعلق القضية الأولي بأحوال وظروف العمل وتهتم بالتمييز الوظيفي. بينما تتعلق القضية الثانية بالحقوق المدنية والمساواة. أما القضية الثالثة ترتبط بالتسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية. وتتعلق القضية الرابعة بالمواطنة والحاجة للشعور بأن الاميركيين العرب مقبولون كمواطنين ومتمتعين بكل الحقوق بالمجتمع الأميركي.

ويرى صبحي غندور مدير مركز الحوار العربي في واشنطن في حديث له لايلاف أن اختيار الملايين من الأميركيين في الحزب الديمقراطي (البيض والسود) لباراك أوباما يعني بداية نموّ نمط جديد من مفهوم المواطنة الأميركية، وتجاوزاً لتراث وتاريخ عادات من العنصرية والتمييز الظالم بين أبناء الأمّة الواحدة. ويعتبر غندور ان أمام هذا quot;النمط الوطنيquot; الأميركي الجديد تحدّيات كثيرة تواجهه في طريقه إلى البيت الأبيض، أبرزها الشعور العنصري الدفين ، وبرنامج سياسي واجتماعي متناقض مع برنامج اليمين الديني الأميركي الذي يصل تأثيره إلى خمس الأميركيين تقريباً، إضافةً إلى الانقسام السياسي التقليدي بين quot;ديمقراطيينquot; وquot;جمهوريينquot; وما في كل معسكر من برامج صحّية واجتماعية واقتصادية مختلفة، وتأثيرات هامّة لشركات كبرى ومصالح ونفوذ quot;قوى الضغطquot; الفاعلة بالحياة السياسية الأميركية..

ويضيف غندور :quot;لكن العامل الإيجابي المهم الفاعل الآن لصالح حملة المرشّح أوباما، يتمثّل في ثلاث فئات كانت مهمّشة في الانتخابات السابقة أو لم تكن مؤثّرة فيها؛ وهي فئة الجيل الجديد والطلبة الذين ينشطون بمعظمهم الآن في حملة أوباما، ثمّ فئة المهاجرين الجدد الذين يتجنبّون عادةً العمل السياسي والتصويت الانتخابي لكنّهم الآن وجدوا في أوباما نموذجاً لما يأملون به لأولادهم من مشاركة فعّالة في المجتمع الأميركي. فأوباما ابن لمهاجر جديد لأميركا مولود في كينيا.

أمّا الفئة الثالثة، فهي الأعداد الضخمة من الأميركيين عموماً، والأميركيين السود تحديداً، الذين كانوا يمتنعون عن ممارسة حقّهم الدستوري الانتخابي فلا يشاركون بالمعارك الانتخابية لفقدان ثقتهم بالمرشّحين وبالعملية الانتخابية عموماً نتيجة استمرار أحوالهم المعيشية الصعبة بغضّ النظر عمّن كان يفوز في كل جولة انتخابية. ويعتقد غندور أن معظم الجالية العربية ستصوّت لصالح أوباما ، وان كان ثقل العرب في أميركا يعد ضعيفا حيث عددهم لا يتجاوز نسبته إلى عدد السكان الأميركيين واحد في المئة، هناك 300 مليون أميركي وهناك حوالي 3 ملايين عربي، فواحد بالمائة من السكان لا تغيّر كثيراً من واقع الحال، وإن كان معظمهم أصحاب كفاءات مهنية مهمة. وهؤلاء في حالة عمل فردي أكثر مما هو عمل جماعي منظم. هناك بداية تأثير وهناك عدد من المرشحين العرب في الانتخابات الأميركية، لكن ترشيحهم لا يعني بالضرورة أنهم من مؤيدي القضايا العربية.