الانتخابات الامريكية
أشرف أبوجلالة من القاهرة: أكد الكاتب والصحافي الشهير ويليام شاوكروس، الذي صدر له مؤخراً كتاب quot;الحلفاء، لماذا سعى الغرب لإزاحة صدام حسين؟quot; على أنه في حالة وصول المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل من خلال فوزه في الانتخابات الأميركية المقرر لها في الرابع من نوفمبر المقبل، فإن الولايات المتحدة والعالم بأسره سوف يأخذان خطوة كبرى تجاه المجهول.

وقال في عمود للرأي خصّ به صحيفة quot;الصنquot; البريطانية في عددها الصادر اليوم الخميس أن فوز أوباما لن يمر مرور الكرام، بل سيتبعه أحداث كبرى، وفضلا عن ذلك، سوف يضطر منتقدي الولايات المتحدة حول العالم لرؤية الولايات المتحدة من زاوية أنها مجتمع شديد الانفتاح. فدائما ما يكون القائد الأسود في أي دولة أوروبية أمرا لا يمكن تخيله.

لكن هناك جوانب مؤرقة في رحلة أوباما المجهدة نحو الرئاسة. أولها هي أن تلك الرحلة تصحبها عقيدة مسيحية مترسخة في شخصية أوباما سواء كان في الوطن أو في الخارج. كما أنه بديهيا ً أن يكون النتاج الطبيعي للآمال العريضة غير الواقعية هو الانهيار الكبير. وثانيا، أن معظم كبيرات الصحف وأبرز شبكات التلفزة الأميركية قد تخلت عن الموضوعية في هذه الانتخابات.

هذا وقد تعاملت وسائل الإعلام بوحشية مع المرشح الجمهوري جون ماكين وبقدر أكبر كذلك مع نائبته سارة بالين. لكن أوباما كان فوق مستوي الانتقادات. فلم تمنح وسائل الإعلام سوي قدر قليل من الاهتمام أقل مما كان يجب عليها في فحصها للسجل الخاص بحياته المهنية والشخصية. فأوباما يحمل شخصية ذات جوانب مصقولة ولامعة وجذابة، لكنه يُظهر في نفس الوقت غطرسة ملحوظة.

في واقع الأمر ، يعد أوباما أيضاً السياسي الأكثر خبرة والأقل اختبارا، بالنسبة لهؤلاء الذين اقتربوا من كرسي الرئاسة الأميركية علي الإطلاق. لكن الصحافة تفادت سيرته الذاتية الواهية في الآلية السياسي للحزب الديمقراطي وكذلك الطبيعة الكريهة لكثير من أصدقاؤه، وبخاصة القس جيريمياه رايت، الذي اشتهر بكرهه للولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عاما ً.

وفوق هذا وذاك، كانت مواقف أوباما غالبا ما تتميز بالخطورة والخطأ، ففي الفترة ما بين عامي 204 ndash; 2007 ، كان طلبه الدائم بضرورة سحب القوات الأميركية من العراق أدى إلى ابادة جماعية كارثية. كما أنه عارض قرار بوش بزيادة عدد القوات الأميركية في العراق ، واعترف فقط مؤخرا ً وعلى نحو يكشف عن حقيقة مشاعر الحقد أن رفع عدد القوات يعد نجاحاً كبيرا ً. وبفضل الكنز والدم الأميركي، بات العراق الآن أقرب ما يكون للدولة الديمقراطية في العالم العربي. فالعراق لا زال ناقصا وهشا وفي حاجة مستمرة للدعم الأميركي. ولا يصدر من أوباما سوى قدر قليل من التصريحات التي تعكس حقيقة فهمه لذلك.

و على نفس القدر من الخطورة، كان الوعد الذي أخذه علي نفسه بإمكانية جلوسه مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بدون أية شروط مسبقة ، هذا الرئيس الذي قال أن إسرائيل quot;جثة نتنةquot; ويبحث باستمرار عن تدميرها. كما أن المسؤولون الفرنسيين الذين حاولوا التحدث مع إيران منذ عديد السنوات خلال فترة حكم الرئيس جاك شيراك، تذمروا بسخرية من مثل هذه الحماقة الساذجة. وبدا من الواضح من خلال خطابات وأحاديث أوباما ومؤيديه أنه يأمل في أن لسحب أميركا من الساحة العالمية. وهذا ما سيؤدي لحدوث كارثة.

وبعيدا عن التهديدات المثيرة، توجد الآن مخاطر الاضطرابات الاقتصادية. فبعد الأزمة الاقتصادية التي وقعت في مطلع عقد الثلاثينات من القرن الماضي ، كانت أميركا دولة انعزالية ولم يكن هناك أي دولة أخري قادرة علي وقف مسيرة الديكتاتوريين الأوروبيين مع العواقب الرهيبة، كما نعلم. واليوم هناك مخاطر مماثلة للانهيار الاقتصادي وتزايد في عدد الدول الفاشلة. وسوف يتزايد هذا الخطر إذا تراجعت أميركا. وقد سبق لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة وأن صرحت بأن quot;أميركا هي الدولة التي لا غني عنهاquot;.

هذا ويعد شاوكروس من الكتاب والمثقفين القلائل من اليساريين أو الليبراليين الذين يؤيدون الحرب على العراق ويرونها متسقة وليس متناقضة مع مبادئهم، يشترك في ذلك مع كريستوفر هيتشين وبول برمان وبيرنارد كوتشنر وأندريه غلوكسمان.