الراسبة في امتحان الغواية والمعرفة

اوباما يهزم بايلين في الإعلام

الانتخابات الامريكية
بلال خبيز منلوس انجلس: لم يعد ثمة وقت للمفاجآت. لقد قر رأي الناخبين الاميركيين على قرار وهم الآن ينتظرون لحظة التصويت ليدلوا بأصواتهم. بقي يوم واحد، وينتهي الجهد الهائل الذي بذله كلا المرشحين. لكن سارة بايلين لم تكف عن ادائها السيء. آخر مستجداتها وقوعها ضحية ممازح اتصل بها ادعى انه الرئيس الفرنسي، وللهفتها العارمة، وربما لجهلها، لم تنتبه إلى الاسماء الكثيرة التي اوردها المتصل بوصفها فرنسية، ومن بينهم رئيس الوزراء الكندي. كما انها لم تبد ما يمنع التشبيب بها من قبل المتصل، او تجعله يقف عند حد ما. لقد كانت حماستها اكبر بكثير من قدرتها على التمييز.

كثيرون اخذوا على جون ماكين اختياره لحاكمة الاسكا quot;الجميلةquot; نائبة له وشريكة في السباق الرئاسي. في الواشنطن بوست، كتبت كاتلين باركر ان احد زملائها البالغ من العمر 74 عاماً اسر لها في مأدبة عشاء: quot;انا منجذب لها جسدياً، لا يهمني ان كانت تعرف شيئاً من عدمهquot;. هذا كان في البداية، لكن الأمور لم تستمر على المنوال نفسه. باركر رأت ان ماكين، الذي لم يلتق ببايلين من قبل فعلياً إلا مدة ساعة واحدة، اتخذ قراره مدفوعاً بجمالها. لقد سحرته بقوامها الرشيق وجمالها البارع. فالنساء الجميلات، تقول باركر، يدرن الرؤوس حقاً. بمعنى انهن يذهبن العقل، وهذا حسب دراسة كندية حديثة اجريت على رجال عُرّض قسم منهم لمقابلة نساء جميلات والقسم الآخر تعرض لمقابلة نساء عاديات. الذين قابلوا الجميلات تصرفوا بقدر اقل من العقلانية حين طلب إليهم دفع مبالغ معينة لقاء خدمات محددة، اما الذين قابلوا النساء العاديات فلم تتأثر ملكات تركيزهم وقدراتهم على اتخاذ القرارات العقلانية. انه العلم!

لكنني احسب ان لقرار ماكين بعداً اشد عمقاً. والأرجح ان الرجل يعرف انه يفتقر للجاذبية التي قد تحوله نجماً. وكان يعرف ان اختيار الحاكمة quot;الجميلةquot; سيزيد من حظوظه بين الناخبين غير المبالين. على اي حال هذا اثر على زميل باركر نفسه، وهذا ما قاله زوج باركر ايضاً في البداية. لكن بايلين فشلت في اختبار الكاميرا. اتخذت لنفسها منذ البداية شخصية المرأة غير المثقفة، وتالياً غير المتأنقة. ربة منزل، دفعت مبالغ طائلة لتظهر بهذا المظهر، لكنها بدت ربة منزل مشاكسة، ولطالما افصحت عن جهلها بما يجري من حولها، كانت صورتها الجميلة تغيب كل مرة لتحل محلها زلات اللسان، ثم الاعتذار.

شكا منسقو حملة ماكين ndash; بايلين من ان التغطية الإعلامية التي حظي بها منافساهم، اوباما ndash; بايدن كانت منصفة لهم لكنها لم تكن منصفة للثنائي الجمهوري. اكثر من ثلثي القصص التي تحدثت عن اوباما كانت ايجابية، في حين ان ثلث القصص التي تناولت ماكين وشريكته كانت ايجابية ومنصفة. انما والحق يقال لم يكن الأمر على هذه الصورة. إذ حظيت بايلين بتغطيات تفوق في حجمها ما حظي به بايدن بأضعاف. ويمكن القول براحة ضمير ان بايدن كان غائباً عن الإعلام طوال الأسابيع الماضية، تاركاً اوباما يدير حملته الإعلامية وحيداً. في الاثناء، نجح اوباما في تعويد الناس على وجهه. استطاع ان يتحول نجماً بسرعة قياسية. وحين يتعود الناس على اطلالة شخص ما، ويحفظون ملامحه، يستطيعون تحديد مشاعرهم حياله. اوباما ظهر في الصحف والمجلات وعلى الشاشات يلاعب طفلته ويقبل جدته ويتحدث مع مرافقيه. كان دائماً هدفاً للتصوير بعكس ماكين. هل نقول ان ثمة انحياز صحافي لصالح اوباما؟ ربما. لكن الامر يتعدى ذلك، ذلك ان بايلين دخلت الشاشات من بواباتها العريضة، واحتلت صدور الصفحات الاولى من اول يوم، لكنها سرعان ما اهدرت فرصتها.

اوباما تحول نجماً، والحق انه في المعركة الإعلامية هذه هزم بايلين ولم يهزم ماكين. فالأخير لم يكن ينافس احداً في هذا المجال، ذلك انه حاد الطباع والملامح، ولا يستطيع ان يتفوق على خصميه الديموقراطيين في قدرتهما على الظهور في اتم اتزانهما الجسدي امام الكاميرات. كان على بايلين ان تلعب هذا الدور الذي يفتقد ماكين مقوماته. لكنها اهدرت فرصة الغواية مثلما اهدرت فرصة المعرفة.