على امتداد أربعة عقود، بذل النظام الإيراني الحاکم في إيران كل ما في وسعه من أجل التعمية على نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية، ورفضه القاطع للحکم الدکتاتوري الذي ارتكب من الفظائع ما يتجاوز کل المعايير والاعتبارات الانسانية، لكنه فشل فشلاً ذريعاً وصار العالم کله يعرف، وبصورة لا تقبل الشك، مدى کراهية الشعب الإيراني لهذا النظام ورفضه له وسعيه غير العادي من أجل إسقاطه.

لقد اتبع النظام الإيراني العديد من الطرق والأساليب من أجل حرف الحقيقة والتغطية عليها بالزعم أنه نظام مقبول شعبياً ويتمتع بكل المواصفات التي تؤهله لذلك، بل إنه لجأ إلى "مسرحية الاعتدال والاصلاح"، بالزعم أنه نظام يسير باتجاه الاعتدال والتخفيف من غلواء تطرفه في مجال حقوق الإنسان وکذلك في مجال عدائه وکراهيته للمرأة الإيرانية، لکن وبعد أربع دورات رئاسية لکل من محمد خاتمي وحسن روحاني، أثبت النظام الإيراني عملياً کذب وزيف هذه المزاعم، وأن مسرحية الاعتدال والاصلاح ليست إلا مجرد مسعى مشبوه من أجل تجميل الوجه الدکتاتوري القبيح وتلميعه أمام العالم بهدف رفع الضغط الدولي على النظام وإتاحة المجال له للتحرك والمناورة.

إنَّ الهدف الأهم الذي سعى إليه النظام الإيراني من أجل حجب رغب الشعب الإيراني العارمة بالإطاحة به، هو أنه صور أن مد يد العون والتأييد الدولي لنضال الشعب الإيراني ضده، سيقود إلى حدوث فوضى في إيران، متبوعة بفراغ سياسي سيؤثر سلباً على أوضاع بلدان المنطقة، وهذا التصور قام النظام بتسويقه بعد اندلاع الثورة في سوريا ضد نظام الأسد ودوره الأساسي السلبي والمشبوه في ما شهدته البلاد، مع الاعتراف بصعوبة مقارنة الأوضاع في إيران في ظل حکم هذا النظام مع الأوضاع في سوريا، فهناك الکثير من الاختلافات ومن الخطأ سحب التجربة السورية على إيران.

النظام الإيراني، من خلال سعيه المفرط للتستر على نضال الشعب الإيراني وزعمه الواهي أن ليس هناك من معارضة فعالة ضده وإن سقوطه سيقود حتماً إلى فوضى سياسية عارمة، يريد التغطية على الدور والتأثير النوعي لأهم وأقوى معارضة سياسية في إيران، والمتمثلة بمنظمة مجاهدي خلق، التي کانت منذ بدايات تأسيس هذا النظام ولحد الآن العامل الأساسي في التعبئة السياسية والفکرية ضده، وهي التي قامت بتهيئة الأرضية والأجواء لاندلاع کافة الانتفاضات الشعبية العارمة التي دعت إلى إسقاطه.

إقرأ أيضاً: خامنئي بين سندان الأزمة ومطرقة الثورة

إن امتلاك برنامج سياسي واضح المعالم لمرحلة ما بعد إسقاط النظام الإيراني، يعد من أهم ما تتمتع به منظمة مجاهدي خلق، في حين أن برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والتي تعتبر مجاهدي خلق من أعضائها الأساسيين، يدعو لإجراء إنتخابات ديمقراطية شفافة خلال مرحلة إنتقالية محددة المعالم، بالاضافة إلى برنامج العشر نقاط لمريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والتي يتم خلالها تحديد الملامح الأساسية لإيران المستقبل الرافضة للدکتاتورية والتدخلات في بلدان أخرى والمؤمنة بحقوق الإنسان والفصل بين الدين والسياسة، وجعل إيران غير نووية، کل هذا وغيره يعطي صورة واضحة جداً عن المعارضة الإيجابية للنظام وزيف وکذب ما يدعيه بخلاف ذلك، ولذلك فإن هناك أهمية کبيرة وفعالة للدعم الدولي لنضال الشعب الإيراني من أجل الحرية لأنه سيسحب غطاء الکذب والخداع من تحت أقدامه وسيعجل بعملية التغيير السياسي الجذري في إيران والذي يصب في صالح الجميع دونما استثناء.

إقرأ أيضاً: النظام الإيراني ومواجهة الحقيقة

وعندما یقودنا الحدیث إلی مصلحة جماعیة، فهذه القیادة‌ لا تأتي من تلقاء ذاتها أو من الفراغ، بل هي نتاج مخاض عصیب اکتوت به أربع عواصم عربیة بصورة‌ مباشرة وأکثر من ذلك العدد بصورة‌ غیر مباشرة جراء استراتیجیة‌ الملالي حکام إیران لتصدیر الویلات والخراب والتطرف الدیني وصنوف التدخل من القریب والبعید، وهذا هو مربط الفرس الذي تلتقي فیه مصلحة الشعوب في البلدان العربیة بمصلحة‌ الشعب الإیراني‌ للتخلص من نظام ولایة‌ الفقیه وجرائمه ومخططاته المشبوهة، وهنا تتضح جلیًا أهمية الدعم الدولي لنضال الشعب الإيراني من أجل الحرية.