أدت الفيضانات الهائلة التي شهدها شمال شرق أفغانستان الأسبوع الماضي إلى مقتل المئات وجرف المنازل وتدمير الطرق.

ويعيش العديد من المتضررين من الفياضانات في مناطق نائية على بعد عدة ساعات بالسيارة من أقرب مدينة.

أمضت بي بي سي يوما كاملا في إحدى القرى الأكثر تضرراً في المنطقة، حيث جمعت شهادات ومقاطع فيديو صُورت في ذلك الوقت وقصص لناجين وروايات لعمليات الإنقاذ المذهلة للأطفال من مياه الفيضانات.

كان نور أحمد في المنزل مع عائلته عندما ضربت مياه الفياضات المنطقة يوم الجمعة الماضية.

ومع عدم وجود خيار للهروب وعلى أمل أن تصمد جدران منزله، قرر أن يأخذ جميع أفراد عائلته الثمانية إلى السطح.

وهناك كان بإمكانهم رؤية سيل من المياه الموحلة ذات اللون البني المحمر يتدفق من جميع الجوانب.

ونتيجة لهذه السيول، انهارت جدران فناء منزلهم أولا، ثم انهار المبنى، ما أدى إلى سقوط الثمانية جميعا في المياه الكثيفة سريعة التدفق.

بعد تبنيه هجوم موسكو، هل يعود تنظيم الدولة الإسلامية للواجهة من جديد؟

من هو خالد باطرفي، زعيم القاعدة في اليمن الذي أعلن التنظيم وفاته؟

كيف تحدّت أختان أفغانيّتان حكم طالبان بالغناء من تحت النقاب؟

يقول نور "عندما سقط الجدار، أتذكر أنني شعرت بأني فقدت كل شيء". نجلس حاليا في خيمة من القماش نصبت في المكان الفارغ حيث كان منزلنا

ويضيف "اعتقدت أننا انتهينا جميعا، كنت تحت الماء وكنت أدعو في داخلي: يا إلهي، من فضلك خذ حياتي حتى تنتهي جميع مشاكلي".

يتذكر نور كيف ضرب رأسه بالجدران والحجارة وجذور الأشجار عندما جرفته المياه. تعرض لجروح يده اليسرى وقدمه اليمنى مضمدتان وكذلك رأسه.

يقول: "أصبت بجروح مفتوحة على مستوى فروة رأسي، واضطروا إلى خياطة جرح كبير بهذا الحجم، وأشار براحة يده لتحديد حجم الجرح". كما أن هناك جروح على طول ساقه. مضيفا "قدمي ويدي مكسورتان، ولكنني ما زلت أشكر الله على أنني على قيد الحياة وفي هذه الحالة".

نور أحم
BBC
كُسرت ساق ويد نور أحمد في الفيضانات

نجا نور لأنه أمسك بأغصان أشجار اللوز. ولكن عندما أخرج نفسه إلى بر الأمان، لم يجد ابنته زليخة ذات العشر سنوات.

على الجانب الآخر من الشارع من منزل نور يوجد مسجد وقد كان مسرحا لعملية إنقاذ أخرى.

ففي مقطع فيديو التقط في وقت سابق، جلس الأطفال متجمعين ويرتجفون على سطح المسجد، وقد غطى الطين السميك واللزج جميع أجسامهم. بعد ان أُنقذوا وسحبوا جميعا من مياه الفيضانات.

وكان حبيب الله أحد الرجال الذين ساعدوا في إنقاذهم.

قال "كنت في المسجد عندما دخلت مياه الفيضان من الباب، كنا جميعا تحت الماء. تمكن البعض منا من الصعود إلى السطح. وبمساعدة الآخرين عبرنا عبر إحدى النوافذ بعد كسرها. لقد ربطت الأطفال بشال، ثم قام صديقي بسحبهم إلى السطح".

وأشار إليهم واحدا تلو الآخر، يعاني البعض منهم من جروح وكدمات في رؤوسهم ووجوههم.

في المجمل، أحصينا ثمانية أطفال، أصغرهم يبلغ من العمر ثلاثة أشهر فقط.

وفي هذه الأثناء، يروي إلهام الدين، البالغ من العمر 18 عاما، كيف لاحظ شيئا ما أثناء الفيضانات. كانت هناك بعض الحركة بالقرب من شجرة كبيرة استقرت على جدار حقل عائلته.

كان هذا الشيء زليخة ابنة نور أحمد، التي تبلغ من العمر 10 أعوام.

يقول إلهام الدين إنها لم تكن قادرة على الإمساك بالجذور أو الصخور لمنع المياه من جرفها، كانت تطفو على ظهرها بالقرب من الشجرة، كانت خائفة من الوقوف حتى لا يجرفها التيار بعيدا.

ويضيف "قال لي والدي لا تذهب إلى هناك، سوف يجرفك الفيضان، لكن قلبي كان يتألم لها. وفي الأخير، دفعني لأذهب وأحضرها إلى منزلي، كان لدي هذا الشعور الذي وجدته في نفسي بأنني أستطيع القيام بذلك.

إلهام الدين
BBC
حذر والدا إلهام الدين ابنهما من خطورة محاولة إنقاذ زليخة

أشار إلهام إلى صدره وقال "لقد وصلت المياه إلى هنا، أخذتها على ظهري وأوصلتها إلى منزلنا، أصيبت معظم أجزاء جسدها بجروح".

وفي مقطع فيديو الُتقط بعد إنقاذها، ظهرت زليخة مغطاة بالطين وهي ترتجف لكنها كانت على قيد الحياة. وأخبرتنا عائلتها أنها تتعافى الآن في منزل أحد أقاربها.

يقول إلهام الدين وشقيقته وأمه إنهم ساعدوا في تنظيف جروح زليخة قبل إرسالها إلى المستشفى.

وقال والد إلهام الدين: "أنا فخور بهم، إنهم فخر أفغانستان كلها، إنهم فخر العالم أجمع."

اليوم كانت المرة الأولى التي يرى فيها نور العائلة التي أنقذت حياة ابنته منذ إنقاذها الأسبوع الماضي.

وعندما وصل إلهام الدين ووالده إلى خيمة نور، سحب نور وشاحه على وجهه وأجهش بالبكاء.

يقول نور مخاطبا إلهام الدين "كل ما تبقى من منزلي هو أربعة حبات من الطوب. ليس لدي أي شيء الآن، ولكن حتى لو أعطيتك العالم كله فلن يساوي ما أعطيتني"، يقصد ابنته زليخة.