تكلفة الخمول الرمضاني بالمليارات في الإمارات

بهاء حمزة من دبي


ربما لا يخلو بلد عربي واحد من آفة الخمول والتكاسل التي تصيب اغلب الموظفين خصوصا العاملين في الدوائر الحكومية منهم خلال أيام شهر رمضان الكريم لا فرق في هذا بين الخليج والمغرب العربي.
وفي الإمارات تختل موازين العمل في كل الدوائر الحكومية تقريبا والكثير من شركات القطاع الخاص رغم الصرامة التي تحذر بها إدارات تلك الشركات موظفيها الخاملين قبل بداية الشهر الكريم إلا انه مع بداية أيام الشهر الكريم فعليا يتهرب الجميع من تحمل وزر عقاب موظف ما على خموله تأثرا بالأجواء الروحانية وأجواء التسامح التي تسود في الشهر الكريم.

ورغم عدم وجود أية إحصائيات رسمية أو غير رسمية حتى الآن عن الخسائر التي تتكبدها الدولة نتيجة تراجع أداء اغلب الموظفين خلال رمضان مثل باقي البلدان الإسلامية والعربية إلا أن هناك من يشير إلى أن فاتورة الخمول الرمضاني تصل إلى عدة مليارات درهم بسبب تأخر إنجاز العديد من الأعمال في أيام رمضان فضلا عن تكلفة الساعات التي يتم تخفيضها من دوام الموظفين والتي تتراوح بين ساعة إلى ساعتين يوميا وإذا ضربت في عدد الموظفين الموجودين في الإمارات والذين يصل عددهم إلى ما لا يقل عن ثلاثة ملايين موظف تكون النتيجة مليارية.


ولا يبدو أن في وسع الدولة مثل باقي الدول الإسلامية أيضا مواجهة الأمر إلا بالنصائح وتذكر سير السلف الصالح وهو ما يظهر في البرامج الدينية التي تمتليء بها محطات التلفاز والراديو خلال أيام رمضان حيث يطالب الدعاة عامة الناس بالا يحولوا رمضان إلى شهر خمول وطعام مثلما يحدث حاليا وان يتذكروا أن أعظم فتوحات المسلمين تمت في رمضان بداية من غزوة بدر إلى حرب أكتوبر 73 وكلها إنجازات تاريخية لم يقف الصيام حائلا دون حدوثها بل على العكس كان الصيام مثيرا لحماسة المسلمين و دافعا لهم ليؤدوا أفضل ما عندهم.


إيلاف سألت أصحاب عمل وموظفين عن سبب الخمول الرمضاني وكيفية تصرفهم حياله فقال عاصم احمد (صاحب مغسلة كبرى في دبي) انه لا يستطيع إجبار العاملين عنده على تقديم أدائهم المعتاد خلال وقت الصيام لأنه هو نفسه يصوم ويشعر بالإرهاق كما انه يستغل رمضان عادة في التقرب إلى الله ولا يمكنه أن يتخلى عن عادته تلك ليؤذي عاملا متكاسلا رغم انه قطاع خاص ويتحمل الخسائر من جيبه الشخصي. لكن عاصم لفت إلى نقطة مهمة وهي انه يعوض ساعات الصباح الضائعة بزيادة ساعات العمل الليلي ساعة أو اثنتين ليتمكن عماله من أداء أعمالهم المتأخرة.


إيمان سرور موظفة في دائرة حكومية اتحادية في دبي تقول أنها لا تحب الخمول بطبعها ولا تقبله لكنها لا تستطيع العمل في رمضان بالفعل حيث تشعر بالصداع والتعب وأحيانا تصل بها الأمور إلى الإحساس بالهبوط والدوخة ما يجعلها تقتصد في جهدها الرمضاني لكنها تقول انه تسعى لتعويض تلك الفترة بعد انتهاء رمضان.


في المقابل هناك أعمال لا يمكن تعطيلها رغم ما تحتاجه من جهد بدني هائل مثل البناء ولهذا يضطر العاملين فيها إلى الإفطار لعدم قدرتهم على الصياح مثلما يقول أشوك خان الباكستاني وهو مشرف عمال بناء في احد المواقع بالشارقة حيث يقول أن كل العمال معه يفطرون نهارا لعدم قدرتهم على العمل الشاق في الحر وهم صائمون.


د. معروف رزابان يؤكد صعوبة صيام أبناء هذه الفئة خصوصا في أجواء مثل التي تتمتع بها الإمارات من حرارة عالية ورطوبة خانقة مشيرا إلى أن العمال يتعرضون لدرجات حرارة عالية أثناء صيامهم دون فترات راحة متعددة يحرم الجسم من استعادة التوازن الحراري لديه ويزيد عمليات فقد السوائل وما يصاحبها من فقد لأملاح الجسم، وبذلك يقلل مقدرة الجسم على تحمل الصيام أثناء العمل.


وأشار إلى أن هناك بعض المهن الأخرى التي يتعرض أصحابها إلى درجات حرارة عالية جدا مثل عمال الأفران وعمال صهر المعادن والزجاج وعمال المناجم أو العاملين في الأماكن المغلقة سيئة التهوية وكذلك الأشخاص الذين يعملون في بيئات مفتوحة في البلدان شديدة الحرارة مثل عمال المباني وعمال النظافة وغيرهم حيث يتعرضون لدرجات حرارة ورطوبة عالية جداً يصاحبها عرق غزير وفقدان شديد لسوائل الجسم مما يعرضهم إلى مخاطر صحية عديدة منها الإغماء وربما فقدان الوعي وفي بعض الأحيان يتوقف إفراز العرق ويحدث الاحتباس الحراري بجسم الإنسان ما قد يؤدي إلى الوفاة.
أما بالنسبة للموظفين الذين يعملون في المكاتب المكيفة فلا مشكلة في صيامهم وكذا في بذل الجهد المعتاد والذي غالبا ما يكون متوسطا نظرا لكونه مكتبيا بشرط إلا يكون الموظف مريضا بأمراض تصعب صيامه مثل السكري والقلب وغيرها.