لم يكن في برنامجي سفرة الى بغداد، ولكن عندما جاءت دعوة وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني للمساهمة في الملتقى الفكري الأول، وتحت عناوين مغرية حسمت أمري وقررت السفر، بالرغم من بعض التعقيدات الصحية.


عناوين الملتقى ؛ تأثيرات ألأيدولجيا على الرأي العام.
تأثيرات الخطاب الثقافي على المصالحة الوطنية:
ولما كنت من المهتمين بقضية المصالحة (المصارحة) وقد كتبت العديد من الأوراق المنشورة، وجرى بحث هذا الموضوع حتى قبل سقوط النظام عام2003 وذلك في مؤتمرات أتحا الديمقراطيين العراقيين، قدمت ورقة بعنوان: العراقبين ثقافة التعصب.... وثقافة الحوار.

مقر أقامة الوفود فندق بغداد التاريخي،حيث شهدت حدائقه أعلان ميشيل عفلق الحرب على العراق الوطن وذلك بعد أسبوعين من أسقاط النظام الملكي.
بدأ الملتقى أعماله والعدد المحدود من المساهمين به يسمح بالحوار البناء وقدمت 12 ورقة بحث.
لا أود الدخول بتفاصيل كل بحث، أترك هذا لوزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني القيام به من خلال أصدار كتاب عن الملتقى كما وعد السيد الوزير، ولكني أود الكتابة عن ملامح جدية وجديدة في الخطاب الفكري السياسي العراقي.
كان الحضور مكون من تنوع فكري وأن كان لم يغطي كل الساحة الفكرية السياسية العراقية، ولكن ومع هذا تميز الحوار بأسلوب حضاري قائم على القبول بالرأي ألأخر، والاستماع ومناقشة الرأي الأخر، فلا تكفير ولا أسقاط ولا عزل، بل تشجيع على الحوار، وقد لعب الوزير الدكتور أكرم الحكيم دورا بارزا في تشجيع الحوار الحضاري من أجل التواصل الفكري بين الحضور.


هذا أول لقاء فكري سياسي تقوم به وزارة شؤون الحوار الوطني، وما كان يجري في السايق من نشاطات فقد كانت ذات طبيعة وأهداف أعلامية، دعائية
كان هناك ما يقارب من ألأجماع أن ما موجود اليوم في العراق، حكومة تشكلت على أساس المحاصصة، منبثقة عن مجلس نواب، والجهود مستمرة من الوصول الى بناء الدولة العراقية، فالتعديلات الدستورية معلقة وخاصة فيما يتعلق بقضايا أساسية في مفاهيم بناء الدولة وهذه تحتاج الى جهد للمثقفين والسياسيين ومنه أعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف.
أثيرت أيضا قضية الحوار والمصالحة الوطنية وطرحت عدة رؤى هناك من يدعو للحوار مع كل من يقبل بالحوار البناء للوصول الى مساهمة الجميع المساهمة في العملية السياسية ورفض العنف طريقا للعمل السياسي، وهناك من يرفض الحوار مع القاعدة وهناك من يرفض الحوار مع البعث.
رغم وجود وجهات نظر متعددة كان الحوار يجري بشكل موضوعي هادئ يعبر عن رغبة في اقناع الطرف الأخر ولكن يحتاج الى وقت أكثر والكل يؤمن بضرورة قيام دولة عراقية مستقلة غير خاضعة لأي نفوذ أجنبي.
كما اثير في النقاش دور المرجعية الشيعية، والآنطباع الذي أخذته عن الحوار الذي جرى حول الموضوع أن هذا الدور بحدود النصح والأرشاد، ولم أسمع من الحضور من يدعوا الى ولاية الفقيه أو الدولة الدينية.
العديد من القضايا الفرعية أثيرت ونوقشت حسب امكانيات الوقت المتوفر.

أعتقد من الضروري عقد لقاءات أخرى محدودة العدد من مثقفيين وسياسيين، وضمن عناوين محددة تختلف الرؤوية حولها، وكون أن مثل هذه اللقاءات لا تملك أتخاذ القرار، فأنه لا تخيف البعض ما دامت ضمن الجدل الفكري السياسي الهادف لتقريب وجهات النظر


ومن فعاليات الملتقى الفكري الأول أستقبال السيد رئيس الوزراء للبعض من اعضاء الملتقى، حيث أكد سيادته تشجيعه لمثل هذه اللقاءات وسوف يدعم جهود وزارة الحوار و وزيرها الكتور أكرم الحكيم في هذا المضمار، كما تحدث عن دور هذه اللقاءات في المساعدة على أعادة يناء الدولة العراقية على أسس حضارية عصرية
وبدعوى من الشيخ همام حمودي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب حضر أعضاء الملتقى الأول مجلسا موسعا حضره عدد كبير من أعضاء مجلس النواب وعدد من الساسيين العراقيين وجرى الحوار حول أعمال الملتقى والأفكار التي جرت مدوالتها وساهم عدد من العضاء مجلس النواب في حوار مفتوح صريح.


لعله أمل أو تصور من وجود أتجاه جديد في لغة الحوار والتخاطب والأنفتاح على ألأخر، بعيدا عن التخوين والتكفير، اكثر واقعية وأقل مكابرة.
لقد ترك النظام السابق والذي سبقه أرثا سيئا أساء الى العراقي والعراق والى النسيج الأجتماعي العراقي، نشر ثقافات التعصب والبداوة والتخلف، جعل الفساد المالي طريقا للعيش والحياة ومن جاء للسلطة بعد السقوط فشل أقول و مع الأسف فشل للتصدي لهذه المشاكل، وكتبنا وصرخنا وحذرنا ولم يكن هناك من يود ألأستماع فنشوة النصر الغير المتوقع، والخوف من الأخر، وذوي النفوس الضعيفة، أوصلتنا الى ما نحن عليه الأن، هناك مئات الالاف من المشاكل، وهناك مئات الالاف من الأخطاء التي أرتكبت وترتكب كل يوم،ولكن البقاء في موقف المتفرج الغاضب، في أنتظار المنقذ الذي سوف لن يأتي ما هو ألاموقف سلبي،قد يكون مبررا اذا لا يوجد من هو مستعد للأستماع،قد أكون متفائلا بعض الشيئ،وقد أكون مخطئا في هذا التفائل، ولكني وجدت هناك اقرارا بوجود مشاكل، وأن هناك أكثر من وجهة نظر، وأن هناك من هو على أستعداد للآستماع والحوار.
في مثل هذه الظروف التفاعل الأيجابي لمن يريد الخير للعراق وأهله والعمل الأيجابي، هو الطريق.
الحوار كان وسوف يبقى سيد الحلول في مجتمعات مثل مجتمعنا عاشت سنوات طوال تحت العوز والضيق والأستبداد والقهر والموت.
أمل أن تبذل وزارة الدولة جهدا أضافيا من أجل:
توسيع القاعدة الفكرية للمساهمين.


وضع عناويين محددة حتى لا يتشظى الحوار و يفقد رسالته الموجهة للعراقيين عامة وللسياسيين منهم بشكل خاص.


لابد من ألأشارة الى الجلسة الجميلة والى ما بعد الحاديةعشر مساء على شارع أبي نواس والمطاعم والمقاهي مزدحمة بروادها مع مجموعة من ألأصدقاء نساء ورجال نتناقش بحمية وأحيانا الأنفعال ن التحالفات في ألأنتخابات القادمة وما يدور في دهاليز الساسية، والتصريحات العلنية وم تخفي من باطن غير معلن وغيرهابغداد ومتنفسها دجلة وشارعه
كان وسيبقى جميلا رغم الأرهاب من أي نوع كان.

الدكتور فاروق رضاعة