يعتقد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد ستيفن والت أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاءً في سياستها الخارجية الحديثة، وهو ما أدى إلى كوارث، منها الحروب، التي لا تنتهي في العراق وأفغانستان، وأفقدها نفوذها وموقع الصدارة الذي كانت تتبوأه على الصعيد العالمي.

إيلاف: يقترح الخبير السياسي استراتيجية بديلة قد تساعد واشنطن على استعادة ما فقدته من مكانة وضمان&نوع من التوازن الدولي.&

جاء ذلك في أحدث إصدار له ويحمل عنوان "جحيم النوايا الحسنة: النخبة المسؤولة عن السياسة&الخارجية الأميركية وتراجع الولايات المتحدة عن موقع الصدارة".

&الحالة الآن

يرى الكاتب أن الولايات المتحدة كانت تتربع في عام 1992 على قمة الدول الكبرى في العالم
&
وكان الاميركيون يشعرون بأنهم على عتبة عصر جديد يتميز بالسلام والازدهار. ولكن كل هذه الآمال تبخرت بعد مرور خمسة وعشرين عاما إذ تدهورت العلاقات مع كل من روسيا والصين فيما يشهد الإتحاد الأوروبي وضعا متذبذبا غير مستقر مع تنامي توجهات قومية وشعبوية. في هذه الأثناء ظلت الولايات المتحدة تخوض حروبا مكلفة وغير مجدية انفقت عليها ترليونات الدولارات ونسفت بها موقعها ونفوذها في العالم.

&السبب

ويرى الكاتب أن السبب الرئيسي وراء كل هذه الكوارث هو تمسك المؤسسة المسؤولة عن السياسة&الخارجية الأميركية بإستراتيجية "الهيمنة الليبرالية" والتي اعتمدها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء منذ انتهاء الحرب الباردة واستغلوا بها القوة التي تمثلها الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية وقيم ليبرالية أخرى وفتح أسواق جديدة في كل مكان في العالم.&

ويرى الكاتب أن هذه الاستراتيجية كان محكوما عليها بالفشل ومع ذلك لم يحاسب أحد أفراد تلك النخبة المسؤولة عن هذا الفشل رغم استمرارها في ارتكاب الأخطاء نفسها مرارا وتكرارا.

عصر ترمب
يصف الكاتب الوسط المسؤول عن السياسة الخارجية الاميركية منذ انتهاء الحرب الباردة بكونه وسطا محافظا يمثل طبقة من المهنيين الذي يرفضون رؤية الأخطاء على حقيقتها وهو يعتقد أن هؤلاء هم المسؤولون ولو بشكل جزئي عن فوز الرئيس دونالد ترمب من خلال إصرارهم على نشر الديمقراطية وإنشاء مجتمعات جديدة في مناطق عدة ثم حراسة العالم انطلاقا من اعتقادهم بأن الأمر مهم بالنسبة للأمن القومي الأميركي أولا ولأنه سهل التنفيذ ثانيا ولأنه جيد بالنسبة لبقية العالم ثالثا، حسب رأيهم.

ويرى والت أيضا أن شعور الناخبين الاميركيين بأن هناك خطأ في الطريقة التي تدار بها السياسة الخارجية هو ما دفعهم إلى دعم ترمب. &

يشرح الكاتب في عدد من فصول كتابه الذي يقع في أربعمائة صفحة كيف فشلت محاولات وجهود عسكرية لنشر الحرية وإنشاء اقتصاد السوق في الخارج خلال عهد الرؤساء بيل كلنتون وجورج بوش وباراك اوباما. ثم يرى أن الرئيس ترمب جمع أسوأ ما في الهيمنة الليبرالية من مساويء (وتعني الصفة هنا محاولة استخدام القدرات الأميركية في الدفاع عن المبادئ الليبرالية التقليدية الخاصة بالحريات الفردية ونشرها وفرض الحوكمة الديمقراطية واقتصاد السوق).

يذكر الكاتب أن الرئيس ترمب كان قد وعد بتحسين المسار وضمان عدم تكرر الأخطاء من خلال اعتماد سياسة خارجية أكثر عقلانية. ولكن أسلوبه في الحكم وسوء فهمه العميق للسياسة العالمية زادت الأمور سوءا، حسب والت.

البديل
يقترح الكاتب استراتيجية واقعية بديلة تخلص الولايات المتحدة من مشاكلها الحالية وتجنبها السقوط في أخطاء جديدة وتقوم على اتباع استراتيجية خلق توازن في الخارج والابتعاد عن سياسة تغيير الأنظمة وبناء أمم ومجتمعات على شاكلة المجتمع الأميركي.&
وفي هذه الحالة، سيكون على الولايات المتحدة عدم نشر قواتها العسكرية خارج الحدود وعدم استخدامها إلا في حالة الضرورة
&القصوى فقط عندما يتطلب الأمر حماية مصالحها الحيوية. أما في ما عدا ذلك فسيكون على واشنطن اعتماد أساليب دبلوماسية وسياسات لينة في تعاملها مع دول العالم. & & &

يعتقد الكاتب أن الشعب الأميركي سيرحب باتباع سياسة خارجية أكثر انضباطا وتقيدا وهو ما سيسمح بتوجيه اهتمام أكبر للمشاكل الداخلية.&

لكن مثل هذا التغيير المنتظر منذ زمن بعيد سيتطلب من واشنطن التخلي عن سعيها اللامجدي حسب رأي الكاتب لفرض هيمنتها الليبرالية كما سيتطلب بناء مؤسسة مكلفة بإدارة السياسة الخارجية تتمتع بنظرة أكثر واقعية.

ويكتب والت "عادة ما تسعى الدول لحيازة أسلحة نووية لأنها تخشى من تعرضها إلى هجوم خارجي ولحاجتها إلى قوة ردع قوية، ولكن جهود الولايات المتحدة لتغيير أنظمة تزيد من هذه المخاوف".

&
https://www.kirkusreviews.com/book-reviews/stephen-m-walt/the-hell-of-good-intentions/