إيلاف من الرباط:صدر أخيرا،عن المركز الثقافي للكتاب،بيروت/الدار البيضاء،كتاب جديد للناقد المغربي شرف الدين ماجدولين،بعنوان"المؤلف في الصورة:الكتابة البصرية في الفن المعاصر"، يسعى فيه إلى "الدفاع عن أطروحة ترى أن مفهوم "المؤلف" يحتفظ بجدوى حاسمة في فهم وتحليل الفن المعاصر،في نزوعاته التجريبية،القائمة على الاسترفاد من "الأدبية"و"البحث في المعارف"؛ وارتكازه على قيم مأثورة في الحقلين،تنهض في طليعتها تقاليد:"الكتابة"والعودة إلى "المرجع"، وما قد يلمس من اختصاص فنانين،ذوي شهرة وتأثير،في موضوعات فلسفية وسياسية وثقافية، وتأصيلهم لأسئلتها؛عبر سنوات من البحث في المواد والخامات والأشكال،بالقدر ذاته من الاجتهاد اللامع المتصل بالبحث في الأرشيفات والكشوفات المعرفية".

يشير تقديم الكتاب إلى أن صفة "المؤلف" بقدر ما تركز على طبيعة التشكيل في ارتباطه بتقاليد الكتابة الأدبية والبحث في العلوم الإنسانية، فإنها "لا تستثني المأرب الذي سعى لتحصيله الفنانون المعاصرون في الغرب،خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي؛حيث إن نضالهم لتحصيل صفة المؤلف،أمام المؤسسات الفاعلة في الحقل الثقافي،ارتبط بمطلب"حقوق المؤلف"التي تجعل العمل محصنا من الاستغلال دونما ضوابط،شأنه شأن باقي المؤلفات الفكرية.غير أن اكتساب هذه الصفة ارتبط لديهم أيضا بوجه أداء متصل بمفهوم التأليف،وطبيعة اشتغاله،ما أفرز في النهاية امتدادات له في التحليلات النقدية والجمالية،أدت إلى انتشاره ورسوخه".

هذه الظاهرة هي التي "جعلت فرضية "الكتابة البصرية"جديرة بالتأمل،ليس فقط بالمعنى المباشر، الذي يجعل الحروف والمفردات جزءا من بنية العمل الفني.ولكن أيضا في استناد أساليب التركيب إلى حدود أدبية،من قبيل:"النص"و"الدليل"و"المعنى"و"السرد"وغيرها.

يبحث الكتاب،على امتداد 320 صفحة،في تفاصيل هذه الأطروحة ويسعى لامتحان جدواها،عبر خمسة فصول،تمزج ما بين النظر والتطبيق،تحت عناوين: "تأليف القول وتكوين العرض"،و"الكتابة البصرية وجدلية الحركة والسكون"،و"الباحث الوثائقي والمؤلف البصري"،و"الكتابة البصرية وخطاب الغيرية"،ثم "السيرة البصرية وتمثيل الذاكرة"،مع مقدمة وخاتمة وفهارس.

ينطلق الكتاب،كما نقرأ في ظهر غلافه، من فهم للفن المعاصر،وأشكاله،واختياراته الأسلوبية،متصل بمفهومي "الأدبية المستحدثة" و"البحث الوثائقي"،بالنظر إلى اكتمال ملامح رصيد فني اليوم، بدأ يبث تأثيره شيئا فشيئا في حقلي التعبير والتواصل، وفي المجتمع الثقافي،من أبرز سماته "تأليف" الصيغ والأشكال التصويرية عبر النهل من مرجعيات أدبية ومعرفية متباينة.ذلك ما يلاحظ في فن الفيديو، والتركيب الإنشائي،وفن الأداء الجسدي، والكولاج الصباغي والفوتوغرافي،وغيرها من صيغ المزج بين المسموع والمرئي والمكتوب".