تستضيف الصين الاثنين قادة 53 دولة أفريقية في قمة تحتفي بالتعاون الاقتصادي بين العملاق الاسيوي والقارة، وتثير مخاوف حيال ديون بعض تلك الدول لبكين.

إيلاف من بكين: تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ الاثنين بتقديم حوالى 60 مليار دولار لتمويل مشاريع تنمية في أفريقيا في السنوات الثلاث المقبلة وذلك خلال قمة مع قادة القارة في بكين. سيشمل التمويل 15 مليارًا "كمساعدة مجانية وقروض بدون فوائد" وخطوط قروض واستثمارات شركات صينية، فيما تواجه الصين اتهامات بإغراق شركائها الأفارقة في ديون هائلة.

وفي خطاب طويل افتتح به "المنتدى السابع حول التعاون الصيني الأفريقي"، بدا واضحًا سعي الرئيس الصيني إلى احتواء الانتقادات التي طاولت مساعدة بكين للدول النامية. وأكد في هذا السياق، ولكن من دون أن يحدد مواعيد أو أسماء الدول المعنية، أن الصين "ستلغي" قسمًا من ديون الدول في القارة الأفريقية.

ضمن الستين المليار دولار الموعودة، خطوط قروض بقيمة عشرين مليار دولار، وصندوقان مخصصان للتنمية، وتمويل واردات السلع الأفريقية تناهز قيمتهما 15 مليار دولار. كذلك، سيتم تشجيع الشركات الصينية على استثمار "عشرة مليارات دولار على الأقل" في أفريقيا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.

وفي القمة الصينية الأفريقية السابقة في جوهانسبورغ في 2015، أعلن الرئيس الصيني تخصيص ستين مليار دولار من المساعدات والقروض. استثمرت الصين مليارات عدة من الدولارات سنويًا في أفريقيا منذ 2015، وخصوصًا في بنى تحتية أو مناطق صناعية.

لكن هذه الاستثمارات التي رحّبت بها الدول الأفريقية الراغبة في التنمية الاقتصادية أدت أيضًا إلى زيادة ديونها حيال بكين في شكل كبير، كما تقول أصوات في الدول الغربية. بدوره، أعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه، وركز خصوصًا على جيبوتي، حيث ارتفع الدين الخارجي لهذا البلد من خمسين إلى 85 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال عامين. لكن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا رفض الاثنين في بكين القول إن المساعدة الصينية للقارة السوداء تشكل "استعمارًا جديدًا".

وعلى مدى يومين يجمع المنتدى الاقتصادي السابع للتعاون الصيني - الأفريقي في العاصمة الصينية قادة دول عدة وحكومات، وبينهم رؤساء ساحل العاج الحسن وتارا وجنوب أفريقيا سيريل رامابوزا، والكونغو دينس ساسو نغيسو.

تتغيب عن القمة فقط مملكة إي سواتيني، التي كانت تعرف سابقًا باسم مملكة سوازيلاند، وهي الحليفة الأخيرة في أفريقيا لتايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، حيث لم تتم دعوتها إلى المنتدى.

تشكل القمة مناسبة للرئيس الصيني شي جينبينغ لكي يحتفل "بطرق الحرير الجديدة"، وهي المبادرة التي أطلقت في 2013 بهدف تطوير التواصل التجاري بين الصين وبقية العالم وضمان إمداداتها.

فقد استثمر العملاق الصيني سنويًا مليارات الدولارات في أفريقيا منذ 2015 في بنى تحتية (طرق وسكك حديد) أو في القطاع الصناعي. وهي استثمارات ترحّب بها الدول الأفريقية التي تأمل في أن تؤدي إلى تسريع نموها الاقتصادي.

قليل جدًا
لكن الاستثمارات الصينية تثير أيضًا انتقادات متزايدة من الغرب، الذي يشير إلى ارتفاع مديونية بعض الدول الأفريقية بشكل كبير، ما يثير قلق صندوق النقد الدولي أيضًا.

وبحسب المكتب الأميركي "مبادرة الأبحاث الصينية - الأفريقية"، التابع لجامعة جونز هوبكنز في واشنطن، فإن الصين أقرضت أفريقيا ما مجموعه 125 مليار دولار بين العام 2000 و2016.

قال شي جينبينغ صباح الاثنين أمام القادة من عالمي الاقتصاد والتجارة إن "استثمارات الصين في أفريقيا لا تترافق مع أية شروط سياسية. إن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأفريقيا، ولا تملي عليها إرادتها". لكنه أقر بضرورة ضمان خفض المخاطر المتعلقة بالاستثمارات.

رفض الرئيس الرواندي بول كاغامي، الذي تتولى بلاده حاليًا الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، رفض الأحد الانتقادات حول وجود "فخ ديون" مفترض. وقال في حديث مع وكالة أنباء الصين الجديدة إن الهدف هو وقف تقدم العلاقات التجارية الصينية - الأفريقية.

وقال "الجانب الآخر من المسألة هو أن هؤلاء الذين ينتقدون الصين حول مسألة الديون يقدمون القليل جدًا" من المال، مؤكدًا على &الضرورة المهمة لتمويل أفريقيا. وخلال آخر قمة في جوهانسبرغ عام 2015 أعلن الرئيس الصيني عن مساعدة وقروض بقيمة 60 مليار دولار لدول أفريقية. سيترافق منتدى بكين مع سلسلة عقود توقع بين الصين وشركائها.

وسيحضر الرئيس النيجيري محمد بخاري حفل توقيع اتفاق في قطاع الاتصالات ممول بقرض من البنك الصيني للاستيراد والتصدير قيمته 328 مليون دولار، بحسب ما أعلن مكتبه.

أهمية استراتيجية
اجتمع الرئيس الصيني من جانب آخر خلال نهاية الأسبوع في لقاءات ثنائية مع عدد كبير من قادة الدول، مثل رئيسي مصر عبد الفتاح السيسي والسنغال ماكي سال.

واستقبل الرئيس الصيني أيضًا نظيره السوداني عمر البشير الصادرة بحقه مذكرات توقيف أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة" و"جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب" في دارفور.

وتقدم الصين مساعدة للدول الأفريقية منذ حقبة حروب الاستقلال ضد المستعمرين الغربيين السابقين، لكن وجود بكين في القارة تعزز مع تطورها الكبير لتصبح ثاني اقتصاد عالمي.

ما يدل على الأهمية الاستراتيجية التي توليها الصين لأفريقيا، فقد اختارت جيبوتي لفتح أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في عام 2017، بحسب بكين فإن هدفها دعم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وإجلاء رعايا وتأمين مواكبة بحرية للتصدي للقرصنة.
&