قصة رائعة أخرى تنتهي بطريقة حزينة، هذا ملخص ما حدث بين النجم المصري محمد صلاح هداف ليفربول، والمدير الفني للفريق يورغن كلوب، فهما وبلا أدنى شك لعبا معاً الدور الأكثر تأثيراً في عودة ليفربول إلى طريق البطولات بعد سنوات عجاف، وفرض كلوب بصمته في تتويج الليفر بدوري الأبطال، وبطولة الدوري تحديداً بعد اخفاق استمر ما يقرب من 30 عاماً، ولم يكن كلوب بمفرده مؤثراً، بل إن صلاح سجل لليفر أكثر من 200 هدف طوال فترات وجوده مع الفريق، وينظر له عشاق النادي باعتباره أحد الأساطير في تاريخ ليفربول.

ملاسنات غير لائقة
المشادة الكلامية حامية الوطيس بين صلاح وكلوب، وهما يقفان على خط التماس في مباراة وست هام وليفربول السبت، والتي انتهت بالتعادل 2-2 وضياع أمل الليفر في لقب الدوري للموسم الحالي، والابتعاد عن منافسة السيتي وآرسنال، ما هي إلا مؤشر واضح الدلالة على حالة "الضياع" التي يعيشها ليفربول في الفترات الأخيرة، حيث لم يسبق للنجم المصري التعامل بهذه الطريقة مع أي مدير فني طوال مسيرته، بل إنه يجسد النموذج المحترف بكافة تفاصيله، كما أن كلوب يعد من أفضل المدربين في العالم فيما يتعلق بالتعامل النفسي الرائع مع اللاعبين.

لماذا حدث ذلك؟
الأمر يتعلق بإصرار كلوب على عدم الدفع بصلاح أساسياً في المباريات الأخيرة، وهي رؤية فنية خالصة للمدرب بالطبع، ولكن من ناحية أخرى كان يتوجب على كلوب التعامل باحترام أكبر مع نجم أسطوري بحجم صلاح، خاصة أنه نجح في إعادة الفريق إلى بريقه، فضلاً عن أن الملاسنات بين كلوب وصلاح بدأت بتحرك كلوب صوب صلاح، مما يوحي بأنه هو من بدأ إثارة التوتر، وهو مشهد غريب ومثير للتساؤلات، ولا يتفق مع شخصية كلوب التي تحتوي الجميع، ومن الناحية الفنية يمكن القول إن التراجع يشمل كافة عناصر فريق ليفربول، ويظل صلاح مؤثراً حتى في أسوأ حالاته سواء بالتسجيل أو صناعة الأهداف، وكذلك بتصدير القلق للمنافسين، ويكفي أن صلاح، بالرغم من كل ما يقال عن تراجع مستواه، إلا أنه لا يزال هداف الفريق الموسم الحالي برصيد 24 هدفاً.

"فخر الكريسماس"
أما عن ردة الفعل العربية فحدث بلا حرج، فقد عاد القطاع الأكبر للهجوم الحاد والنيل من صلاح، والذي يمكن القول وبلا شك أنه هجوم منظم ومعتاد من فئات لا حصر لها، لأسباب لا حصر لها أيضاً، أقربها للواقع رغبة من يهاجمونه في جذب الأنظار والحصول على تفاعل، فضلاً عن تيارات قررت أن يكون صلاح هو "صلاح الدين الأيوبي" الذي يتوجب عليه تحرير "الأمة"، وتحديداً موقفه الذي يرونه متخاذلاً تجاه غزة، فضلاً عن احتفاله بالكريسماس، وهو الأمر الذي يجعله خارج (الملة) وفقاً لرؤية هؤلاء، مما دفعهم للتهكم عليه بلقب جديد وهو "فخر الكريسماس" بدلاً من لقبه المعتاد "فخر العرب".

صلاح الداعية والسياسي
مختصر القول إنَّ صلاح ذهب بعيداً جداً في شهرته ونجوميته واحترافيته، إلى حد لم يتمكن معه العقل المصري والعربي من استيعابه، ومن ثم قرر هؤلاء أن يكون صلاح مجرد أداة يحركونها على مسرح الشهرة لكي يتحدث بلسان (عربي وإسلامي)، وحينما فشل هذا التصور لأسباب تتعلق بأنه في نهاية المطاف "لاعب كرة قدم" وليس سياسي أو داعية، لم يكن أمام هؤلاء إلا الطعن في صلاح ليل نهار.