‎اندلع مساء الخامس من أيار (مايو) الجاري حريق كبير في سوق القيصرية، أحد الأسواق القديمة في مدينة أربيل، والذي يعود تاريخه إلى حوالى 200 عام، مما تسبب بخسائر كبيرة للكسبة وأصحاب المحال التجارية.

‎خلف الحريق الذي طال السوق لوحة شبيهة بلوحة "المأساة" التي رسمها الفنان الإسباني الكبير بابلو بيكاسو، والتي اتسمت بشكل عام بالمواضيع المأساوية الحزينة في تلك الفترة الممتدة بين عامي 1901 و1904، والتي أُطلق عليها اسم الفترة الزرقاء.

وبحسب الإحصائيات الأولية التي أجرتها الفرق الميدانية، فإنَّ أكثر من 370 محلاً تجارياً قد احترقت بالكامل، أي 10 بالمئة من السوق المتكون من أربعة آلاف محل تجاري.

يقع سوق القيصرية وسط مدينة أربيل، ويحيط به إحاطة السوار بالمعصم، ويمثل القلب النابض للمدينة نظراً لعراقته وقدمه، ويعد الملتقى والسوق الشعبي لأهالي المحافظة منذ القدم، لاكتظاظه بأصناف السلع والبضائع المتنوعة وللحركة التجارية النشطة التي يشهدها على مدار العام. ويستطيع الزائر أن يقضي في سوق القيصرية وقتاً طويلاً دون الشعور بالملل، وذلك لكثرة وتنوع محلاته.

وتؤكد بعض المصادر أنَّ سوق القيصرية بني في القرن التاسع عشر، بعد انتشار السكان في أحياء جديدة في محيط القلعة منها محلة خانقا، تعجيل، والعرب، ويمتد السوق على مساحة أرض واسعة، حيث يتكون من مجموعة من الأزقة المتعرجة والمتداخلة وتزدحم باعداد متزايدة من المحال التجارية والحرفية.

نتائج التحقيقات الأولية
بأمر من وزير الكهرباء، زارت لجنة التحقيق في الحوادث، التابعة لوزارة الكهرباء برئاسة حسين حمد قادر مستشار الوزارة موقع حريق القيصرية في أربيل، وبعد التحقيقات الأولية لم يتبين وجود أي دليل على أن سبب الحريق تماس كهربائي، وستستمر اللجنة بالتنسيق والتعاون مع لجان التحقيق والجهات ذات الصلة بعملها في أربيل لمعرفة الأسباب ومنع تكرار وقوعها.

أسباب الحرائق المتكررة في الأسواق الشعبية في أربيل
يمكن أن تعزى الحرائق المتكررة في الأسواق الشعبية في أربيل إلى أسباب كثيرة منها:

1 ـ عدم وجود خطط للوقاية من الحرائق.

2 ـ تواجه سيارات الإطفاء وفرق الدفاع المدني صعوبة كبيرة في الوصول إلى مكان الحريق، بسبب ازدحام الطرق والتصاق هياكل السوق بعضها البعض بحيث اختفت الطرقات والممرات الآمنة، ما يجعل مهمة فرق الإنقاذ شبه مستحيلة.

3 ـ عدم وجود معدات وأجهزة للحماية من الحريق (أنظمة الإطفاء أو أنظمة الإنذار أو كليهما) والتي تحتوي على مجسات للدخان والحرارة.

ويرى مراقبون ان الجهات المعنية في أربيل لم تقدم حتى اللحظة تحقيقات مفصلة حول ما إذا كان حدوث هذه الحرائق بشكل تلقائي أم أن هناك أياد بشرية تتورط في افتعالها، مما يلزم تلك الجهات بمختلف مستوياتها القيام بتحقيقات شاملة حول كيفية حدوثها وتكرارها، وخاصة في تلك الأسواق الشعبية الكبيرة.

ختاماً، لا شك في أنَّ حدوث وتكرار الحرائق في أسواق أربيل الشعبية صار ظاهرة تتكرر بشكل متقارب جداً، حيث باتت هذه الحرائق خطراً ماثلا على حياة ومستقبل أصحاب الدكاكين في تلك الأسواق الشعبية، وعلى سبل العيش لآلاف الأسر التي تكابد مشقة العيش في الإقليم الذي يعاني من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي أصلاً.

ويبقى السؤال الأهم: هل يبقى احتراق الأسواق الشعبية في أربيل قصة بلا نهاية؟