يتعلق التصلب الجانبي الضموري بخلل ما في عمل بروتين VAPD، لكن علماء توصلوا الآن إلى أن هذا البروتين ينهض بعملية مهمة تتعلق بإيقاع عمل القلب والخلايا الدماغية.

إيلاف من برلين: يأمل العلماء من هذا الكشف توفير علاج جديد وحاسم لعدد من أمراض القلب والدماغ، تتراوح بين اضطراب نبض القلب والصرع. إذ إن التحكم بعمل هذا البروتين، وهو عنصر مغيِّر (موديلاتور)، يعني التحكم بسرعة وفعالية عمل أهم جهازين في جسم الإنسان.

توصل إلى ذلك فريق عمل أوروبي، نشر نتائج بحثه في مجلة الاتحاد الأميركي للبيولوجيا التجريبية (FASEB). وقال الباحث نيلز ديشر، من جامعة فيليبس الألمانية في ماربورغ، إن القلب ينبض بإيقاع ثابت في الحالات الطبيعية، لكن هناك خلايا معينة في الدماغ تفعّل عمل كامل الدماغ، وتنظم إيقاع عمله أيضًا.

أضاف ديشر، الذي قاد فريق العمل، أن الكشف عن آلية حصول الأمراض التي تتعلق باضطراب عمل القلب والدماغ غير ممكن بدون فهم فيزيولوجيا هذه الميكانيزم. هذا يعني أن الكشف عن دور بروتين VAPD في هذه الميكانيزم سيتيح للطب مستقبلًا معالجة حالات الصرع واضطراب عمل القلب.

تنشيط خلايا
لا يعرف العلم كل تفاصيل عمل العقدة الجيبية في القلب (sinus node) التي تعتبر ناظم عمل القلب الطبيعي في جدران القلب. ولذلك فقد ركز ديشر وفريق عمله على دراسة سلوك خلايا القلب بالعلاقة مع بروتين VAPD.

فعلوا ذلك تحت المجهر البيولوجي بأن رصدوا نشاط الخلايا القلبية والدماغية بعدما أنتجوا خلايا يكثر فيها بروتين VAPD وأخرى خالية منه. ورصد العلماء كيف أن نشاط الخلايا في إصدار ونقل الإيعازات انخفض تمامًا في الخلايا الخالية من بروتين VAPD، وكيف أن هذا الخلايا تنشطت بوجوده.

واستنتج الباحثون من هذه النتائج أن خلايا العقدة الجيبية لا تعمل جيدًا عند حرمانها من هذا البروتين. كما تفشل الخلايا القلبية في هذه العقدة في نقل الإيعازات بين قنواتها، بما يؤدي إلى اضطراب عمل القلب. وتنسحب هذه الحال على الخلايا العصبية التي تلعب دور عقدة جيبية دماغية مماثلة لعقدة القلب.

عقدتان
كتب ديشر في مجلة البيولوجيا التجريبية: "أثبتنا أن بروتين VAPD جزء مهم من العقد الجيبية في القلب والدماغ". وهناك عقدة جيبية أذينية وأخرى بطينية. وتشير الموسوعة الإلكترونية إلى أن العقدة الأذينية عبارة عن مجموعة خلايا تقع في جدار الأذين الأيمن قرب مدخل الوريد الأجوف العلوي. هذه الخلايا هي خلايا عضلية قلبية معدلة لا تتقلص، وإنما تقوم بتوليد الشارة المحفزة للقلب بشكل دوري يتراوح ما بين 60-120 مرة في الدقيقة بحسب العمر أثناء الراحة الجسدية.

وصف هذه العقدة للمرة الأولى عام 1907 عالما التشريح الإسكتلنديان أرثور كيث ومارتين فلاك. العقدة الجيبية البطينية هي بدورها مجموعة من الخلايا القلبية المتخصصة في توصيل الشارة المحفزة ما بين أذين القلب وبطيني القلب، وهي جزء من جهاز التوصيل القلبيز 

وإضافة إلى دورها في توصيل الشارة المحفزة تأخذ محل العقدة الجيبية كمنظم لدقات القلب في حال فشل العقدة الجيبية في أداء دور تحفيز القلب. اكتشفها العالم الألماني لودفيغ أشوف وتلميذه الياباني سوناو تاوارا، ولذلك يطلق عليها أحيانًا اسم عقدة أشوف-تاوارا.

إذ يعتمد العديد من وظائف أعضاء الجسم الحيوية، وخصوصًا القلب والدماغ، على الإشارات الكهربائية التي تصل إلى الخلايا، وعلى نقلها بسرعة وانتظام إلى الخلايا الأخرى.

تحصل هذه الإيعازات الكهربائية حينما تعيد الأيونات ترتيب نفسها خارج وداخل الخلية بشكل يؤدي إلى حدوث تيار كهربائي. وتحرص قنوات غاية في الصغر في جدران الخلية على إعادة ترتيب الأيونات داخل وخارج الخلية. وهناك قنوات خاصة في خلايا القلب والدماغ تنظم عمل الخلايا في العقد الجيبية القلبية والعصبية وتحرص على تنظيم إيقاع النشاط القلبي والدماغي.