لم تؤكّد هيلاري كلينتون او تنفي نيتها الترشح للرئاسة الأميركية، لكنها رأت أن هذا المنصب شاق يصيب المرء بالشيخوخة المبكرة، وقالت إن التجسّس على أنجيلا ميركل كان خطأ فادحًا.


القاهرة: تطرقت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، في مقابلة أجرتها مع مجلة دير شبيغل الألمانية، إلى عدة ملفات بينها تنامي الفجوة بين الفقراء والأغنياء بما يشكل تهديدًا للديمقراطية، وسخط الأميركيين&على السياسة، و أسفها&لتجسس وكالة الأمن القومي على الهاتف الشخصي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، واحتمالات ترشحها لخوض انتخابات الرئاسة.

تهديد للديمقراطية

في مستهل حديثها عن حالة السخط الشعبي&على عالم السياسة وفشل التطلعات المرجوة من القادة السياسيين، أكدت كلينتون أن ما يحدث اليوم يتمثل في وضع ضغط كبير على فرد واحد داخل المنظومة السياسية، موضحةً أنهم في أميركا لا يوجد لديهم رئيس دولة أو رئيس حكومة، بل يوجد شخص واحد هو الرئيس.

وتابعت كلينتون: "الرئيس مطالب بتحقيق دوره كرمز للبلاد بالإضافة إلى تسيير شؤون الحكومة، وهي مهمة يصعب على أي شخص القيام بها".

وتشير كلينتون إلى النظريات والأقاويل التي تتحدث عن أنهم جردوا اقتصادهم من توازنه بصورة كبيرة للغاية، ليتجه صوب تفضيل رأس المال والابتعاد عن العمل، فاتفقت مع رؤية الخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي المتعلقة بأن الفجوة المتنامية بين الفقراء والأغنياء تشكل تهديدًا للديمقراطية.

وأضافت أن المشكلة تكمن الآن في أن الأميركيين لم يعودوا يصدقون أن الأمور ستشهد أي تحسن، بغض النظر عن قدر الجهد أو التعب الذي يبذلونه في أعمالهم، خصوصًا أنهم فقدوا الثقة في بعضهم وفي النظام السياسي.

الاقتصاد يفيد الجميع

وبمواجهتها عما إذا كان تقاضيها 200 ألف دولار في الساعة نظير إلقائها كلمة في مقابل دخل سنوي تتحصل عليه الأسرة الأميركية بقيمة تقدر في المتوسط بـ 43810 دولارات يتسبب في إثارة حالة من الضيق للمواطنين أم لا، اعترفت كلينتون بالأمر، وقالت إنها تتفهمه، لكنها شددت في الوقت عينه على أن ذلك ليس جوهر القلق في أميركا، نظرًا لأن هناك أناسًا يبلون أفضل من أناس آخرين، وذلك هو المعتاد.

وأضافت أن المشكلة الأبرز التي تراها بهذا الخصوص تتمثل في أن أفراد الطبقتين الفقيرة والمتوسطة لم يعودوا يشعرون بأن الفرصة متاحة أمامهم لكي يقدموا الأفضل. وأشارت إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: "كيف نعود لامتلاك اقتصاد يفيد الجميع ويمنح الناس من جديد حالة من التفاؤل بأنهم أيضًا سيتمكنون من تحقيق النجاح".

ولم تبد كلينتون امتعاضها من تركيز الإعلام على حياتها الخاصة قبل الوظيفية خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية، من منطلق أن ذلك أمر طبيعي باعتبارها شخصية عامة. وأبدت امتنانها لما هم عليه من استقرار مالي، موضحةً أن زوجها كان عليه أن يوفر ضعف ما يحتاجه لكي يسدد الديون، ولينجح في شراء منزل ويواصل دفع نفقات تعليم ابنتهما.

تصيب الإنسان بالشيخوخة

وعن احتمال ترشحها لانتخابات الرئاسة المقبلة، أوضحت كلينتون أنها لم تتخذ قرارها بعد، وإن كانت ترى أن مَن يترشحون لمنصب الرئيس أو حتى يتولون المسؤولية يكونون عرضة لمجموعة كاملة من كافة أنواع الهجمات.

وبالتالي، فمن يفكر في ذلك، فإنه يجب أن يكون منتبهًا للثمن الذي قد يدفعه هو وأسرته. وأضافت: "ويمكنكم النظر لآخر الرؤساء، زوجي، وجورج بوش وباراك أوباما، وستكتشفون أنها وظيفة شاقة، تصيب الإنسان بالشيخوخة وتتطلب قدرًا كبيرًا من التحمل".

وعما إذا كانت ترغب في رؤية ابنتها تمارس السياسة، قالت كلينتون إن الأمر يرجع لها، وأنها ستدعمها في أي قرارات تختارها. وفي سياق بعيد عن السياسة، سألت المجلة كلينتون عن نجم الكرة البرازيلي، نيمار، حيث ردت بقولها إنه لاعب رائع، لكنها أبدت حزنها على الإصابة الخطيرة التي تعرض لها مؤخرًا أمام كولومبيا.

وبسؤالها كذلك عن المدرب الألماني للمنتخب الأميركي، يورغن كلينسمان، أكدت كلينتون أنه اختار اللاعبين الذي يمثلون الولايات المتحدة بدرجة عالية من الدهاء، وأثبت أنه مدرب غاية في الفعالية، لافتةً إلى أنه يستحق بالفعل ثناءها وإشادتها.

بطريقة قانونية

وحين سُئِلت عن ادوارد سنودن، قالت كلينتون إنها تعتقد أنه رسول بائس، لأنه كان بمقدوره أن يثير النقاش في أميركا من دون سرقة ونشر مواد تخص الجهات الحكومية. وأكدت أنه سيخضع للمحاكمة حال عودته للولايات المتحدة مستقبلًا، لكن ستتاح له الفرصة ليتحدث ويدافع عن وجهة نظره على الملأ، وبطريقة قانونية تمامًا.

وعن الأزمة الأخيرة التي حدثت بين برلين وواشنطن بسبب مساعي الأخيرة التجسّس على الأولى، أشارت كلينتون إلى أنه يتعين على أميركا أن تبذل جهدًا أفضل في سبيل التعاون بصورة جيدة مع ألمانيا لإزالة أية شوائب.

واعترفت في السياق عينه بأن التجسس على هاتف ميركل كان خطأً فادحًا، وهو نفس المعنى الذي شدد أيضًا عليه الرئيس أوباما. وفي الختام، راوغت&كلينتون عندما سألتها الصحيفة عما إذا كانت ميركل تستحق الاعتذار، بقولها إنها لم تعد في الحكومة، لكنها تشعر بالأسف على ما جرى.