طالب قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، اليوم الثلاثاء، بالإسراع في تزويد الجيش بالأسلحة الفرنسية، في وقت يخوض الجيش منذ السبت معارك مع مسلحين في محيط بلدة عرسال الحدودية مع سوريا.


بيروت: حذر قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي من خطورة الوضع في عرسال، مؤكداً مواصلة الجيش المعركة مع مسلحين هاجموا مراكزه السبت إثر توقيفه قياديًا جهاديًا. وادت المعارك الى مقتل 16 عسكرياً على الاقل بينهم ضابطان، وفقدان الاتصال مع 22 آخرين.

وقال قهوجي لوكالة الصحافة الفرنسية "هذه المعركة تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقد اليها الجيش، من هنا ضرورة الاسراع في تزويده المساعدات العسكرية اللازمة، عبر تثبيت لوائح الاسلحة المطلوبة ضمن الهبة السعودية عبر فرنسا ومؤتمر روما لدعم الجيش".

ولم يحدد الجيش تفاصيل هذه اللوائح، والتي تأتي ضمن هبة قيمتها ثلاثة مليارات دولار اميركي، اعلنت السعودية في كانون الاول (ديسمبر) 2013 تخصيصها لشراء اسلحة من فرنسا لصالح الجيش اللبناني. وعقد مؤتمر روما في حزيران (يونيو) الماضي، وتخلله التزام دول عدة ابرزها الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا بمشاريع لدعم الجيش الذي يعاني من نقص في التسليح، لا سيما الاسلحة الحديثة.

فرنسا مستعدة لتلبية احتياجات لبنان من الاسلحة "سريعا"

وابدت فرنسا الثلاثاء استعدادها "لكي تلبي سريعا احتياجات لبنان" بعدما طالب قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي باريس بتسريع تسليم الاسلحة التي من المقرر ان يحصل عليها الجيش بموجب هبة سعودية.
وقال مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني "نحن على اتصال وثيق مع شركائنا من اجل تلبية احتياجات لبنان سريعا". واضاف ان "فرنسا ملتزمة بالكامل بدعم الجيش اللبناني".
&

وكان رئيس الحكومة تمام سلام أعلن أمس إثر جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، أنه طلب من فرنسا "تسريع تسليم الاسلحة التي سبق الاتفاق عليها في اطار صفقة التسلح الممولة من المملكة العربية السعودية". واعلنت باريس في بيان امس ادانتها الهجمات ضد الجيش، مجددة "مساندتها للبنان، لسلطاته ومؤسساته، بدءًا بالجيش الذي يكافح بشجاعة للحفاظ على السلام في لبنان وعلى استقراره ووحدة ترابه".

وشن المسلحون السبت هجومًا على مواقع للجيش في محيط عرسال، إثر قيام الاخير بتوقيف جهادي سوري اسمه عماد احمد جمعة. وقال الجيش إن جمعة اعترف بانتمائه الى "جبهة النصرة"، ذراع القاعدة في سوريا، بيد أن حسابات جهادية على مواقع التواصل، تداولت شريطًا مصورًا لجمعة، يعلن فيه حديثًا مبايعته زعيم تنظيم "الدولة الاسلامية" ابو بكر البغدادي.

وقال قهوجي إن الوضع الامني على اطراف عرسال وفي محيطها "خطير"، مؤكدًا أن "معركة جرود عرسال التي يخوضها الجيش ليست الا حلقة في اشكال مواجهة الارهاب بكافة اشكاله واينما كان". واكد أن "معركة الجيش ضد الارهابيين والتكفيريين مستمرة"، مضيفاً أن "الجيش مصر على استعادة العسكريين المفقودين".

واستقدم الجيش تعزيزات كبيرة الى محيط عرسال، ويقوم بقصف التلال المحيطة بها، تزامنًا مع اشتباكات بالرشاشات الثقيلة. واعلن الجيش أنه انهى "تعزيز المواقع العسكرية الأمامية، وتأمين ربطها ببعضها البعض ورفدها بالإمدادات اللازمة"، مؤكدًا مواصلة "مطاردة المجموعات المسلحة". وشهد لبنان سلسلة تفجيرات واعمال عنف على خلفية النزاع السوري المستمر منذ منتصف آذار (مارس) 2011.

اشتباكات في طرابلس

إلى ذلك، قتلت فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا واصيب تسعة اشخاص بينهم سبعة عسكريين بجروح، في تبادل لاطلاق النار الثلاثاء بين الجيش اللبناني ومجموعة مسلحة في منطقة ذات غالبية سنية في مدينة طرابلس (شمال)، بحسب ما افاد مصدر امني وكالة فرانس برس.

وتأتي هذه التوترات في المدينة التي شهدت اشتباكات عدة على خلفية النزاع السوري، وسط معارك متواصلة منذ السبت بين الجيش ومسلحين في محيط بلدة عرسال (شرق) الحدودية مع سوريا، ادت الى مقتل 16 عسكرياً وفقدان 22.

وقال المصدر "قتلت فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا وأصيب شخصان في منطقة باب التبانة (ذات الغالبية السنية المتعاطفة مع المعارضة السورية)، في تبادل اطلاق نار بين الجيش ومسلحين من المنطقة".
واوضح أن الفتاة كانت في الشارع على مقربة من منزلها.

ووقع تبادل اطلاق النار "بعد قيام مسلحين مجهولين باطلاق النار على باص كان يقل عسكريين اثناء مروره على الطريق الدولية من جهة التبانة"، بحسب المصدر.

وقال الجيش في بيان ظهر اليوم انه عند "الساعة 5:55 (02:55 ت غ) من صباح اليوم (...) تعرضت حافلة تابعة للجيش تقل عسكريين متوجهين الى مكان عملهم الى اطلاق نار من قبل عناصر مسلحة، ما ادى الى اصابة 7 عسكريين بجروح، تم نقلهم الى المستشفيات للمعالجة".

واكد الجيش أن وحداته تلاحق مطلقي النار لتوقيفهم. وكان المصدر الامني افاد فرانس برس في وقت سابق أن الهجوم ادى الى اصابة ستة عسكريين بجروح. واشار المصدر الى أن المنطقة شهدت طوال ليل الاثنين الثلاثاء "اشتباكات متقطعة مع مجموعات مسلحة، ومنع الجيش محاولات عدة لقطع طرق".

والثلاثاء، افاد مراسل فرانس برس في المدينة أن الجيش اللبناني ضرب طوقاً امنيًا حول مناطق التوتر في باب التبانة وقطع الطرق المؤدية اليها، مشيراً الى أن المحال التجارية مغلقة والحركة في الشوارع المجاورة خفيفة.

وشهدت المنطقة منذ ليل امس توترًا على خلفية المعارك الجارية في محيط عرسال، بين الجيش اللبناني ومسلحين يعتقد أنهم من الجهاديين. واندلعت المعارك السبت اثر هجوم المسلحين على مواقع للجيش، وقيامهم بدخول البلدة واقتياد عشرين عنصراً من قوى الامن الداخلي بعد اقتحام فصيلتهم.

وادت المعارك الى مقتل 16 عسكريًا بينهم ضابطان، واصابة 84 بجروح، وفقدان الاتصال مع 22 جنديًا.

وتجمع نحو 150& شخصًا مساء الاثنين في باب التبانة قرب مركز للجيش احتجاجًا على معارك عرسال، ما دفع عناصره الى اطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وفي وقت لاحق، ألقى مجهولون اربع قنابل يدوية قرب المركز، ورد عناصر الجيش باطلاق النار، ما ادى الى اصابة شخصين بجروح، بحسب مصدر امني.

كما حاول محتجون قطع الطريق الدولية من طرابلس الى الحدود السورية، ورشقوا بالحجارة باصاً ينقل جنودًا، ما دفع الجيش لاطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، دون وقوع اصابات.

وشهدت طرابلس سلسلة من المعارك منذ اندلاع النزاع السوري منتصف آذار/مارس 2011، بين مجموعات سنية مسلحة في باب التبانة متعاطفة مع المعارضة، وأخرى علوية موالية للنظام في منطقة جبل محسن.