كشفت وثائق سرية نشرتها وكالة الاستخبارات الأميركية مؤخرًا أن جماعة الإخوان المسلمين&استطاعت اختراق مؤسسات الدولة في مصر، ولاسيما وزارة التربية والتعليم والنقابات المهنية والاتحادات الطلابية. كما كشفت دراسة أخرى لدار الإفتاء أن جذور العنف في العالم تعود&إلى الجماعة، ولاسيما مؤسسها حسن البنا.

نشر موقع الاستخبارات الأميركية CIA الإلكتروني دراسة ترجع إلى العام 1986، عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكشفت الدراسة الكثير من المعلومات حول كيفية اختراق الجماعة لمؤسسات الدولة، وجاءت الدراسة تحت عنوان "بناء قواعد الدعم".

وحسب الدراسة، فإن الجماعة ركزت في بدايتها على كيفية بناء مجتمع إسلامي يتماشى مع الأفكار التي تعتنقها، بما يمكنهم من الوصول إلى السلة وبناء مجتمع يقوم على تطبيق الشريعة الإسلامية بالنهاية، مشيرة إلى أن الجماعة عملت على اختراق مؤسسات الدولة، ولاسيما وزارة التربية والتعليم عبر المدارس، كما استطاعت اختراق الجامعات عبر الاتحادات الطلابية، وكذلك النقابات المهنية.

وقال الخبراء الاستخباراتيون الذين أعدوا الدراسة، إن مؤسس الجماعة الشيخ &حسن البنا، هو من وضع هذه الإستراتيجية، تحت اسم "المجتمع المسلم"، القائم على الفصل التام بين الجنسين، إضافة إلى رفضه لسياسات "تحديد النسل"، واعتراضه على التشريعات والقوانين الساعية إلى "تحرير المرأة"، باعتبار ذلك من وجهة نظره&جزءًا من المؤامرة الغربية على المجتمع المسلم، منوهة بأن هذه الإستراتيجية نجحت الجماعة في اجتذاب مئات الآلاف إليها، منهم نحو &500 ألف عضو ومناصر لها خلال السنوات العشر&السابقة على الدراسة، أي خلال الفترة من 1976 إلى 1986.

وحسب الوثائق الاستخباراتية الأميركية، فإن جماعة الإخوان المسلمين&استغلت "الثورة الإسلامية" في إيران، في الترويج لنفسها في مصر، وتحديدًا خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، على أنها الجماعة الوحيدة القادرة على منع الجماعات الأخرى من محاولاتها لتنفيذ ثورة إسلامية في البلاد.

وأوضحت الوثائق أن الجماعة استغلت النظرة القاتمة للشباب المصري تجاه الظروف الاجتماعية والاقتصادية في هذه الحقبة للترويج للنموذج الأصولي الخاص بهم، وأشارت الوثائق إلى أنها استندت في ذلك إلى تقرير للسفارة الأميركية في القاهرة، كشفت فيه استهداف الجماعة لشريحة محددة من الطلبة الجامعيين الذين يسعون للعمل في مراحل التعليم الابتدائي والثانوي، حتى يكون لهم تأثير على الطلاب، كما أن الجماعة سلطت جهودها على الطلبة الجامعيين إيمانا منها بدورهم لخدمة الأهداف الخاصة للجماعة بعد توليهم مناصب في المؤسسات الحكومية.

ولفتت الوثائق إلى أن الجماعة لديها استعداد للتحالف مع أية أحزاب أو جماعات أخرى ونقض عهودها في سبيل تحقيق أهداف، وسلطت الدراسة الضوء على &تدعيم الإخوان للمتشددين من مرشحي الجماعة الإسلامية في انتخابات اتحاد طلبة جامعة القاهرة، على حساب المرشحين المتفق عليهم مع النظام، إضافة إلى تلقي نوابها الثمانية في البرلمان أوامر التصويت من مكتب الإرشاد، متجاهلين توجهات حزب الوفد، الذين دخلوا البرلمان على قوائمه الانتخابية في العام 1984.

وكشفت الوثائق بعض مصادر التمويل المالي الخفي للإخوان، وقالت إن الجماعة اعتمدت على الأنشطة التجارية مثل المصانع وشركات التصدير والاستيراد والخدمية مثل المستشفيات الخيرية والجمعيات الخيرية، إضافة إلى تحويلات المتعاطفين معها من دول الخليج العربي ودول غرب القارة الأوروبية وأميركا الشمالية وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية، وركزت الجماعة على المشروعات الصغيرة، واشتراكات رجال الأعمال المنضمين للجماعة الذين كان مقرر عليهم دفع 10% من دخلهم، حسب الوثائق الاستخباراتية.

وذكرت الاستخبارات الأميركية أن الجماعة أسست شركات مقاولات، وبنوكا للمعاملات الإسلامية، وسلاسل فنادق في القاهرة وخارجها، ومصانع لإنتاج المواد البلاستيكية، مشيرة إلى أنها حمت استثماراتها من خلال شراكة رجال أعمال من غير المنتمين للجماعة، حتى لا تقدم الحكومة على مصادرتها.

وفي السياق ذاته، كشف مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن جذور التطرف والعنف في العالم تعود إلى جماعة الإخوان المسلمين.

وأوضح المرصد في دراسة له، أن العنف لدى الجماعة الإرهابية لم يكن وليد اللحظة الراهنة، بل يعتبر إستراتيجية متجذرة وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا في العديد من كتاباته ورسائله الموجهة إلى أنصاره، وسار على نهجها من بعده قياديو ومنظرو الجماعة كافة، وعلى رأسهم سيد قطب.

وأشارت الدراسة إلى أن حسن البنا مؤسس الجماعة، سعى إلى شرعنة العنف من خلال إضفاء صبغة دينية عليه تحت دعاوى "الجهاد" لاستعادة الحكم الإسلامي، واعتبر البنا العنف وسيلة لا غنى عنها في استعادة الحكم الإسلامي.

كما تضمنت الدراسة النصوص التي أوضحت تَدرُّج البنا في تبني العنف حتى وصل إلى ضرورة محاربة الأنظمة القائمة والمجتمع، وقد استندت الدراسة الى مقالات نشرها البنا في المجلات.

ونقلت الدراسة ما جاء على في مقال لحسن البنا بالعدد الأول لمجلة "النذير"، قائلا: "سنتوجه بدعوتنا إلى المسؤولين من قادة البلد وزعمائه ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه، وسندعوهم إلى منهاجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا وسنطالبهم بأن يسيروا عليه.. فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم، وإن لجأوا إلى المواربة والمراوغة وتستروا بالأعذار الواهية والحجج المردودة، فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في الطريق إلى استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام، سنعلنها خصومة لا سِلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا".

وأوضحت الدراسة أن قيادات الجماعة سارت على منهجية البنا في إعلانهم العداء لمبادئ الديمقراطية ونظام الأحزاب وانتقاد الحريات العامة والدعوة إلى التطرف والعنف، وقد بدا هذا واضحًا في كتابات سيد قطب وتبنيه مفاهيم (الحاكمية، وجاهلية المجتمع، وتكفير المجتمعات والأنظمة)، ومن ثم تبني العنف لإقامة الخلافة الإسلامية وفقًا للجماعة، وهي نفس النصوص التي تُشرعن بها الجماعات الإرهابية المعاصرة أعمال العنف والقتل الوحشي ضد كافة فئات المجتمع.

ورصدت الدراسة أيضا تحول الجماعة فيما بعد سيد قطب إلى تبني منهاج جديد للعنف وتجذيره على المستوى النظري، مشيرة إلى أن كتابات ونصوص قيادات التنظيم بدأت في مهاجمة قيم الديمقراطية والحداثة والحرية واتهامها بتخلف المجتمعات، ومن ثَم رأت ضرورة طرح الإسلام كبديل يقوم على مراحل متدرجة لاستعادة الحكم الإسلامي يعتمد على التغلغل واختراق المؤسسات والمجتمعات مع ضرورة التواصل والتنسيق مع الجماعات "الجهادية" الإرهابية وضرورة بناء قوة لحماية الجماعة وتأمين الوصول إلى الحكم.

واختتمت الدراسة بأن التحولات الظاهرة الموقتة التي شهدتها الجماعة بقبول بعض قيم الديمقراطية والحداثة (مثل الانتخابات) لم تكن&من صميم فكر الجماعة، ولكنها نوع من المراوغة والخداع لتحقيق أهدافها وأطماعها الخاصة على حساب المصلحة العامة، وهو ما يظهر بمحاولات استعراض القوة وفرض إرادة الجماعة على المجتمع المصري منذ العام 2011.