بيروت: بعد استعادتها كامل العاصمة ومحيطها ثم جنوب البلاد، وضعت دمشق نصب أعينها محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، كونها آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتُعد معركة إدلب آخر أكبر معارك النزاع السوري، بعدما مُنيت الفصائل المعارضة بالهزيمة تلو الأخرى، ولم يعد يقتصر تواجدها سوى على محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها، وعلى ريف حلب الشمالي حيث تنتشر قوات تركية.

"حلب أخرى"
لم يتسلط الضوء على إدلب حديثًا، لكونها طالما تعرّضت للقصف السوري والروسي، وكونها شكلت لسنوات ملجأ لنازحين فروا من المعارك والقصف ولمقاتلين معارضين أجبروا على الانتقال إليها بعد رفضهم اتفاقات تسوية مع الحكومة السورية في مناطق كانوا يسيطرون عليها.

ومع مرور الوقت، ازدادت الكثافة السكانية في إدلب تدريجياً. ويعيش فيها اضافة الى مناطق سيطرة المعارضة المحدودة في محافظات حلب وحماة واللاذقية المحاذية لها نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين.

وفي ديسمبر العام 2016، حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا من أن "إدلب ستصبح حلب اخرى".

هجوم أول
وبعد نحو عامين تخللتهما انتصارات متلاحقة لقوات النظام، شنّت الأخيرة في نهاية 2017 هجوماً محدوداً في ريف إدلب الجنوبي الشرقي واستعادت عشرات البلدات والقرى فضلاً عن قاعدة أبو الضهور العسكرية الاستراتيجية.

أسوأ بستة أضعاف
بعد استعادة قوات النظام السيطرة على الغوطة الشرقية اثر عملية عسكرية أودت بحياة 1700 مدني، حذر دي ميستورا في 16 مايو العام 2018 من سيناريو "أسوأ بستة أضعاف في إدلب" خصوصاً جراء الكثافة السكانية المرتفعة فيها.

وأشار إلى أن سكانها ليس لديهم "مكان آخر يلجأون إليه"، بعدما كانت إدلب هي الملجأ للخارجين من مناطق فقدتها الفصائل المعارضة.

إدلب "هدفنا"
في 26 يوليو 2018، قال الرئيس السوري بشار الأسد "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد"، مضيفاً "سنتقدم إلى كل هذه المناطق، والعسكريون سيحددون الأولويات، وإدلب واحدة منها".

التعزيزات "الأضخم"&
في العاشر من أغسطس، بدأت قوات النظام باستهداف مناطق عدة تحت سيطرة الفصائل تمتد من جنوب إدلب إلى ريف حلب الغربي (شمال) وريف حماة الشمالي (وسط) بالسلاح المدفعي وبوتيرة أقل بالغارات الجوية.

تزامن ذلك مع إرسال قوات النظام للتعزيزات العسكرية، التي وصفتها صحيفة "الوطن" المقربة من الحكومة السورية بأنها "الأضخم في تاريخ الحرب السورية".&

وانهمكت الفصائل وهيئة تحرير الشام خلال شهر أغسطس بالتحضير لمواجهة العملية المرتقبة بحفر الخنادق ووضع السواتر الترابية وتجهيز المقاتلين.

وفي 21 من أغسطس، حذر القائد العام لهيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني الفصائل المقاتلة في إدلب من التفاوض مع النظام السوري والدخول في اتفاقات تسوية كما حصل في مناطق أخرى.

مفاوضات دولية

في 24 من أغسطس، حذر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو من أن "الحل العسكري سيسبب كارثة ليس فقط لمنطقة إدلب، وانما ايضا لمستقبل سوريا"، مضيفاً في الوقت ذاته أنه من "المهم جدا أن تصبح هذه الجماعات المتطرفة، والارهابية، غير قادرة على أن تشكل تهديداً".

وتطالب روسيا تركيا، صاحبة النفوذ في إدلب، بايجاد حل لهيئة تحرير الشام من الممكن أن تتفادى من خلاله هجوماً واسعاً على المحافظة.

في هذا الاطار، تجري تركيا مفاوضات مع هيئة تحرير الشام يهدف إلى تفكيك الأخيرة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعرب وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بدوره في 29 من الشهر نفسه ألا تعمد الدول الغربية الى "عرقلة عملية مكافحة الارهاب" في إدلب.

هجوم كيميائي؟
يأتي ذلك بعدما تزايدت الخشية اخيراً من احتمال حصول هجوم كيميائي في إدلب.

واتهمت موسكو ودمشق فصائل المعارضة بالتحضير لهجوم كيميائي في المحافظة لتحميل دمشق المسؤولية عنه، فيما هددت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بدورها بالرد في حال استخدمت قوات النظام الأسلحة الكيميائية.

كارثة إنسانية&
حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في 29 أغسطس من "الخطر المتنامي بحدوث كارثة انسانية في حال حصول عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة إدلب".

وتخشى الأمم المتحدة أن تجبر العملية العسكرية في إدلب 800 ألف شخص على النزوح. خلال زيارة له إلى موسكو في 30 من الشهر نفسه، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن "سوريا في المرحلة الاخيرة لتحرير كامل اراضيها من الارهاب". وأعلنت لافروف في اليوم التالي، أن بلاده تجري مباحثات من أجل إقامة "ممرات إنسانية" لخروج المدنيين في محافظة إدلب.
&