القاهرة: في رد فعل رسمي على تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن إصدار أحكام قضائية بإعدام 75 من قيادات جماعة الإخوان المسلمون، أدانت مصر واستنكرت بأشد العبارات، البيان الصادر عن رئيسة المفوضية، وقالت وزارة الخارجية، إن البيان بداية غير موفقة للمفوضة الجديدة في ممارسة مهام عملها، حادت من خلالها عن معايير الموضوعية والمهنية وصلاحيات منصبها الأممي.

وأضافت الخارجية المصرية: ترفض مصر كل ما ورد في البيان من ادعاءات مباشرة أو غير مباشرة تمس نزاهة القضاء المصري، والانسياق وراء أكاذيب جماعة الإخوان الإرهابية مغفلة تاريخها في ممارسة الإرهاب وقتل المواطنين الأبرياء وأعضاء سلطات إنفاذ القانون، واتهام السلطات المصرية بممارسة القمع ضدها في أحداث فض اعتصام رابعة المسلح، مع الاستهانة بخطورة الجرائم المنسوبة للمتهمين، الأمر الذي يؤشر إلى استمرار المفوضة السامية لحقوق الإنسان في إتباع نفس المنهج المعتاد من حيث تجاوز صلاحيات المنصب، والتشدق بعبارات وشعارات غير منضبطة، وإصدار أحكام تتعلق بالنظم القانونية والقضائية خارج صلاحيات المنصب الوظيفي دون امتلاك الولاية أو التخصص".

وتابع وزارة الخارجية في بيان لها تلقت "إيلاف" نسخة منه: "تؤكد جمهورية مصر العربية، التزام السلطات القضائية الكامل بسيادة القانون، وتوفير الضمانات الكاملة لأي متهم لممارسة حقه في الدفاع عن نفسه، والاستماع للشهود ومعاينة الأدلة وغيرها من الإجراءات واجبة الإتباع. وعليه، فإن إصدار المفوضة السامية حكما مطلقا بافتقار هذه الأحكام للعدالة يعد تجاوزا غير مقبول في حق النظام القضائي المصري والقائمين عليه".

وقالت الخارجية إنه "لمن دواعي الانزعاج الشديد أيضا، أن يعكس بيان المفوضة السامية قراءة مغلوطة وسطحية لما أسمته بقانون كبار ضباط قوات الأمن، والذي صدر عن نواب الشعب المنتخبين، ويعد إطارا تنظيميا يتسق مع أحكام الدستور.&

وتجدر الإشارة إلى أن هذا القانون أو غيره، لا يحول دون مباشرة التحقيق أو الإحالة إلى المحاكم المختصة، كما أنه توجد أطر تنظيميه مماثلة تنطبق على أعضاء الهيئات القضائية، ومجلس النواب والصحفيين والمحامين وغيرهم من الفئات".

وطالبت الخارجية المفوضة السامية بتوخي الحيادية والمهنية في مواقفها المستقبلية، والتركيز على تعزيز بنية حقوق الإنسان من خلال بناء جسور التواصل والحوار، والاستيعاب الكامل لخصوصيات الشعوب واحترام إرادتها، والالتزام بمسئولياتها باعتبارها موظفة دولية تخضع في ممارسة منصبها لقواعد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي لا يجب تجاوزها.

وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، النائب علاء عابد، إن بيان مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تطرق لأحكام القضاء المصري في قضية فض رابعة المتهم فيها عدد من أعضاء وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية.

وأَضاف لـ"إيلاف" أن ما جاء في البيان مرفوض جملة وتفصيلا، وأن أحكام القضاء المصري تصدر باسم الشعب المصري الذي اكتوى وعانى المرار من فترة حكم الجماعة الإرهابية، والتي أرهبت الشعب المصري من خلال تكوين ميلشيات مسلحة روعت الآمنين وقتلت رجال الشرطة والجيش واتخذت من ميدان رابعة بؤرة لتنفيذ عمليات مشينة ضد الدولة المصرية لمدة 45 يوما، وأن الأحكام الأخيرة هي قصاص الشعب في حكم هذه الجماعة الإرهابية.

وأشار رئيس لجنة حقوق الإنسان إلى أن هذه الأحكام أولية أول درجة أى ليست أحكام نهائية ويجوز الطعن عليها، &كما أن القضاء المصري قضاء مستقل يصدر أحكامه بمنتهى الحيادية والنزاهة ومجرد عن أى أهواء سياسية.

كما انتقد نادي قضاة مصر، تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن الأحكام الصادرة في إحدى القضايا بالنقد والتعليق.

واعتبر نادي القضاة، في بيان، له حصلت "إيلاف" على نسخة منه، أن "هذا التناول يعد تدخلا سافرا وغير مقبول في أعمال القضاء المصري الشامخ المستقل ومساسا بضمانات استقلال القضاء المنصوص عليها في المواثيق الدولية".

وأكد النادي "استقلال القضاء المصري وعدم قبوله على مدار تاريخه العريق أي تدخل من أي جهة داخلية كانت أم خارجية وإن القوانين والتقاليد القضائية التليدة والأعراف العلمية الراسخة تحظر التعليق على الأحكام القضائية والمساس بها؛ خاصة وإذا تناول هذا التعليق حكما لم يستنفد بعد طرق الطعن عليه وذلك كله تفاديا لمظنة التأثير على قضاء الطعن".

وطالب نادي القضاة جميع المؤسسات الخارجية والداخلية الامتثال للمواثيق الدولية والأعراف والتقاليد القضائية والانصياع لأحكام القانون، وعدم تناول الأحكام القضائية صونا لمكانة القضاء وتوطيدا لاستقلاله.

وكانت محكمة مصرية أصدرت أحكامًا بإعدام 75 شخصا، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فض اعتصام رابعة العدوية"، والسجن المؤبد (25 عاما) على 47 آخرين، أبرزهم مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. كما حكمت بالسجن 15 عاما على 374 متهما، وخمس سنوات على 215 آخرين، من بينهم المصور الصحفي محمود أبوزيد الشهير بـ"شوكان".

ومن بين المحكوم عليهم بالإعدام قيادات في جماعة الإخوان المسلمين، ومنهم عصام العريان ومحمد البلتاجي وعبد الرحمن البر وأسامة ياسين وعمرو زكي وأحمد عارف، وكذلك القياديان في الجماعة الإسلامية، عاصم عبد الماجد وطارق الزمر.

وانتقدت منظمات حقوقية دولية الأحكام، ومنها منظمة العفو الدولية، التي وصفت تلك الأحكام بأنها "محاكمة جماعية مخزية"، مطالبة بإعادة المحاكمة أمام هيئة قضائية محايدة، تضمن حق المتهمين في محاكمة عادلة.