واشنطن: تثير حملة دونالد ترمب الشرسة ضد عمالقة الانترنت القلق حتى بين أوساط المحافظين من أن تهدد الدوافع السياسية للرئيس الاميركي حرية التعبير في هذا البلد.

تتزامن هجمات البيت الابيض مع إعلان وزارة العدل انها ستنظر عن كثب في ما إذا كانت شركات الانترنت "تقمع" حرية التعبير أو تضرّ بالمنافسة وستجري سلسلة جلسات استماع لتحديد كيفية تطبيق قوانين منع الاحتكار على عمالقة المعلوماتية.

وكان ترمب صعّد في الايام الاخيرة من هجماته على قطاع الصناعات التكنولوجية إذ قال إن غوغل يقمع المحافظين ويعزز مصادر الاخبار من "اليسار"، قبل أن يوجه تحذيرا مبهما الى فيسبوك وغوغل وتويتر ب"توخي الحذر".

وكرّر نواب محافظون الاتهامات التي وجهها ترمب خلال جلسات استماع في الكابيتول شارك فيها مسؤولون كبار من فيسبوك وتويتر.

إلا أن إمكان شن حملة قضائية على عمالقة الانترنت يثير قلق العديد من المسؤولين في هذا القطاع وأيضا ناشطين محافظين من أن تتعرض إحدى أهم الصناعات في الولايات المتحدة للعقاب لدوافع سياسية.

- بلبلة دستورية -
يقول جون سامبلز نائب رئيس معهد كاتو الليبرتاري إن إدارة ترمب في ادعائها أن عمالقة الانترنت يمارسون "القمع" إنما تسيء تطبيق التعديل الاول للدستور الاميركي حول حماية حرية التعبير.

وكتب سامبلز في مدونة أن "التعديل الاول للدستور يفرض قيودا صارمة على مدى نفوذ السلطة على حرية التعبير ولا يفرض قيودا على ادارة القطاع الخاص لتلك الحرية".

&"تسلّط مسؤولين حكوميين على شركات خاصة يخالف ثقافة حرية التعبير ولا ضرورة للقول بأن قيام وزارة العدل بالتحقيق حول هذه الشركات أشبه بتهديد لحريتها".

وحذر راندولف ماي رئيس مؤسسة "فري ستايت" من مساع حكومية لفرض قيود على البرمجيات والخوارزميات كتلك التي يستخدمها غوغل.

وقال ماي في مقال نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" "لن يكون من الحكومة إعطاء سلطة مراقبة الحيادية في البحث على الانترنت الى الحكومة"، مضيفا "لان معدي الخوارزميات بامكانهم التحكم بسهولة في نتائج البحث وسيكون من التهور اعطاء مسؤولين حكوميين مثل هذا النفوذ. فإغراء استغلال هذه السلطة لتعزيز ما ترى الحكومة أنه مهم واضح جدا".

- مكافحة الاحتكار-
لكن بيد ترمب وإدارته سبيل آخر للتعرض لعمالقة الانترنت دون أن يبدو الامر وكأنه لدوافع سياسية وهو تشريع مكافحة الاحتكار.

يوضح اريك غولدمان خبير القانون في فرع التكنولوجيا في جامعة سانتا كلارا بكاليفورنيا (غرب) من الطبيعي أن تهتم سلطات مكافحة الاحتكار بهذه الشركات عن كثب بالنظر الى حجمها &الضخم

وأضاف "لكن ذلك يمكن أن يكون الاشارة الاولى بمحاولة على نطاق واسع من قبل الحكومة من أجل الالتفاف حول التعديل الاول تحت غطاء مكافحة الاحتكار".

وقال ديفيد بارنز من مجموعة "اميركانز فور بروسبيريتي" المحافظة إن "قوانين مكافحة الاحتكار موجودة لخير المستهلكين الاميركية وليس لخدمة المصالح السياسية للحكام".

وتابع "يجب ألا تستغل وزارة العدل سلطتها لاختيار الفائزين والخاسرين في قطاع التكنولوجيا أو للتحكم في حرية التعبير".

في قطاع آخر، طغت الشكوك بوجود دوافع سياسية بشكل كبير على قضية مكافحة الاحتكار في عملية الاندماج بين مشغل الاتصالات التلفونية "ايه تي اند تي" ومجموعة "تايم وورنر" الاعلامية.

ودارت شبهات بأن ترمب دفع سلطات مكافحة الاحتكار الى محاولة منع عملية الاندماج وبالتالي معاقبة شركة "تايم وورنر" المالكة لشبكة "سي ان ان".

إلا أن القاضي أعطى الضوء الاخضر للعملية في نهاية المطاف بينما استأنفت وزارة العدل الحكم.

أما مصدر القلق الاخر فهو حول اعلان هيئة مراقبة التجارة التي تتقاسم سلطة مراقبة الاحتكار مع وزارة العدل في آب/اغسطس إنها &ستدرس كل سبل تطبيق تشريع مكافحة الاحتكار على شركات التكنولوجيا.

وهناك قلق بأن يتم التعرض لمبدأ "مصلحة المستهلك" والتي تفترض ألا تتم ملاحقة شركات حول ممارسات احتكارية طالما لم يتم التعرض للمستهلك".