لم ينتظر رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي طويلًا لترسيخ رئاسته حتى فجّر خلافًا مع رئيس الحكومة حيدر العبادي متهمًا إياه بالوقوف وراء حملة مضللة ضد البرلمان، فيما رد الأخير مطالبًا بالتحقيق في عمليات غير قانونية رافقت انتخاب الحلبوسي. &

إيلاف: اليوم اتهم رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي رئيس الوزراء حيدر العبادي بالوقوف وراء بعض النواب والجهات الإعلامية في ترويج "أكاذيب مضللة لا صحة لها، كانت تعمل ولا تزال بشكل غير رسمي، وبعلم ودعم رئيس مجلس الوزراء (العبادي) وخلافًا للقوانين النافذة"، كما قالت الإدارة الإعلامية للبرلمان، في بيان صحافي تابعته "إيلاف" الأربعاء.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي إن "رئاسة المجلس لن تسمح مطلقًا بأي شكل من أشكال التدخل في شؤون السلطة التشريعية".. مشيرًا إلى أنه "بالنظر إلى حساسية المرحلة والظروف التي يمر بها العراق، وما تشهده محافظة البصرة على الأقل نتمنى على رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يهتم بصوت المواطن ومعاناته واحتياجاته، وألا يلتفت إلى الأصوات النشاز التي تعاني عقد الماضي وأوهام المستقبل".

وشدد الحلبوسي على أن "الدورة التشريعية الحالية ستختلف عن سابقاتها، وأن رئاسة المجلس لن تسمح مطلقًا بأي شكل من الأشكال التدخل في شؤون السلطة التشريعية، كما إن مجلس النواب لن يستلم توجيهات أو أوامر من أية شخصية أو سلطة، ولن يستمع إلا لصوت الشعب مصدر السلطات".

وقال "إن رئاسة مجلس النواب وجّهت الدوائر المعنية في المجلس يوم الأحد الماضي بإجراء تحقيق شامل وموسع بشأن تصريحات بعض النواب والجهة الإعلامية التي روّجت أكاذيب لا صحة لها، خصوصًا أن تلك الجهة الإعلامية المُضلِلة كانت ولا تزال تعمل بشكل غير رسمي وبعلم ودعم رئيس مجلس الوزراء وخلافًا للقوانين النافذة"، على حد قوله.

وكان الحلبوسي هاجم حكومة العبادي أمس خلال زيارته إلى محافظة البصرة، التي تشهد وضعًا أمنيًا مضطربًا، متهمًا إياها بـ "التقصير"، الذي كان "سببًا أساسيًا في الأزمة الصحية التي تعاني منها المحافظة".&

وقال خلال مؤتمر صحافي إن "المشاكل الموجودة في البصرة ليست وليدة اللحظة، بل هي تراكمات من التقصير والإهمال للحكومة المركزية والحكومات المحلية السابقة".

تحقيق في مخالفات رافقت انتخاب الحلبوسي
من جهته، دعا العبادي خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس دعا مجلس النواب إلى التحقيق في قيام أشخاص بتصوير أوراق الاقتراع لنواب خلال جلسة التصويت على انتخاب محمد الحلبوسي رئيسًا للبرلمان.

جاء ذلك بعدما كشفت النائبة الصدرية ماجدة التميمي القيادية في تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عن أن "عملية التصويت في البرلمان شابهتا الشكوك وعلامات الاستفهام وسوء التصرف، لا سيما بعد تحول المجلس إلى بازار بيع وشراء".&

وأضافت التميمي في مقابلة إذاعية&تابعتها "إيلاف"، أن عملية التصويت لرئاسة المجلس جرت بشكل غريب، حيث إنه حينما كانوا ينادون اسم النائب، يتجه الأخير لأخذ ورقة التصويت، بعدها يذهب مباشرة إلى محافظ صلاح الدين السابق والنائب الحالي أحمد الجبوري "أبو مازن"، ليطلع على اختيار النائب، ثم يقوم بالتقاط صورة للورقة لإثبات اختياره، ويذهب بعدها النائب إلى الصندوق ويضع ورقة التصويت".

وأشارت إلى أن معظم النواب لم يسمح لهم بالذهاب إلى صناديق الاقتراع بمفردهم من دون المرور على "عراب الصفقة" أبو مازن للإطلاع على اختيار النائب، ثم يتجه بعدها إلى التصويت"، بحسب قولها.. موضحة أنها عندما سألت النائب أحمد الجبوري عن سبب تجمع النواب عنده قبل ذهابهم إلى صندوق التصويت والإدلاء باختيارهم، أجابها بالحرف الواحد: "أني شراي وأكو ناس تبيع".

وأضافت إنها سألت إحدى النائبات عن سبب بيعهن دماء شباب العراق، فأجابتها قائلة: "الفلبين نصبت رئيسًا للوزراء لها، وهو تاجر مخدرات، فما المانع أن نقوم بتنصيب فلان" من دون أن تذكر اسمه.. وعبّرت عن حزنها لما قالت "العراق أتباع، ولا يوجد تصويت حر، بل خزي وعار"، على حد قولها.

تجاذب سياسي حول الكتلة الأكبر
من الواضح أن هذا التراشق بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية يدخل ضمن التنافس السياسي والبرلماني على تشكيل الكتلة النيابية الأكبر التي سترشح رئيس الحكومة الجديد، حيث كان الحلبوسي أشار في تصريح له عقب انتخابه لرئاسة البرلمان مرشحًا عن تحالف المحور الوطني السني إلى أن غالبية نواب هذا التحالف ترى أنها الأقرب إلى تحالف البناء بزعامة العامري والمالكي المدعوم إيرانيًا، الأمر الذي قد يمهد الطريق إلى انضمام المحور إلى البناء لتشكيل الكتلة الأكبر المنتظرة بالضد من مساعي تحالف "الإصلاح والإعمار" بزعامة العبادي لتشكيل هذه الكتلة.

وانتخب البرلمان السبت الماضي محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي (37 عامًا) رئيسًا، بعد تلقيه دعمًا من تحالف "البناء" بقيادة رئيس منظمة بدر هادي العامري ورئيس ائتلاف دولة القانون بقيادة نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، المقرب من إيران، ليصبح بذلك أصغر رئيس للبرلمان في تاريخ العراق.

بعد انتخاب الحلبوسي يعيش العراق اليوم حالة ترقب في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي تسمية رئيس الوزراء الجديد بعد حوالى أربعة أشهر من الشلل السياسي الذي أعقب الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 مايو الماضي.