لندن: اتهمت منظمة حقوقية دولية تركيا بخرق قوانين الحرب خلال عملياتها العسكرية الحالية في اقليم كردستان العراق الشمالي وطالبت بالتحقيق في تسببها بمقتل مدنيين ودعت بغداد وأربيل الى اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لحماية المدنيين العراقيين من العمليات العسكرية غير المشروعة.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير موسع اليوم تابعته "إيلاف" إنه يجب التحقيق في ما يبدو أنها 4 عمليات عسكرية تركية ضد "حزب العمال الكردستاني" المسلح في شمال العراق، يعود تاريخها إلى أكثر من عام، لاحتمال حدوث انتهاكات لقوانين الحرب وقتل مدنيين من غير المقاتلين بحسب الشهود والأقارب.

ونقلت المنظمة عن الشهود والأقارب قولهم انه ما بدا أنها هجمات جوية وبرية تركية خلال 4 عمليات بين مايو 2017 ويونيو 2018، قتلت 6 رجال وامرأة على الأقل، وأصابت رجلا آخر مؤكدين انه لا توجد أهداف عسكرية ظاهرة بالقرب من الهجمات .. واوضحت المنظمة انها حصلت على صور فوتوغرافية وشهادات وفاة تؤيد الادعاءات.

دعوة تركيا للتحقيق بضربات طالت مدنيين

وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش إنه "مع تصعيد تركيا العمليات في العراق، يجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين هناك وعلى تركيا التحقيق في الضربات غير القانونية المحتملة التي قتلت مدنيين، ومعاقبة المسؤولين عن التجاوزات، وتعويض عائلات الضحايا".

ويحتفظ حزب العمال الكردستاني، وهو منظمة مسلحة محظورة تعمل في تركيا، منذ زمن بوجوده في شمال العراق قرب الحدود التركية والإيرانية والسورية.&

وتنفذ القوات التركية عمليات ضد الحزب في العراق لأكثر من عقد من الزمن ومنذ مارس، يبدو أن القوات التركية عمّقت وجودها في شمال العراق بـ 15 كيلومتر على الأقل، وأنشأت مواقع متقدمة عدة، منها في المناطق الريفية في محافظتي دهوك وأربيل تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان.

ويقول السكان إن القوات المسلحة التركية حظرت المناطق المحيطة بمواقعها على المدنيين. إلا أن السكان يعتمدون على هذه المناطق الزراعية ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
&
قصف لاراضي زراعية

واشارت المنظمة الى انه في 3 مايو 2017، بدأت قوات تركية بقصف الأراضي الزراعية على بعد 6 كيلومترات جنوب الحدود التركية، حيث كان 6 مزارعين يعملون في أراضيهم، دون تحذير واضح، على حد قول مزارع كان حاضرا وقتها.&

وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن القذيفة الثانية قتلت عمه وأصابت ابن عمه، وهما مدنيان. وقال إن مقاتلي حزب العمال الكردستاني كانوا على بعد 30 كيلومتر في ذلك الوقت على حد علمه، لكنه لم يسمع أي إطلاق نار قادم من المكان الذي يعتقد أن مقاتلي الحزب كانوا متمركزين فيه.

وفي 13 نوفمبر، أصابت غارة جوية تركية سيارة خارج قرية في ناحية سيدكان، فقتلت رجلا واحدا بداخلها، على حد قول زوجته التي اوضحت إنها سمعت الطائرات تحلق طوال النهار، وإن المنطقة شهدت ضربات يومية لعدة أشهر. وقالت إن هناك قاعدة لحزب العمال الكردستاني لم تذكر اسمها على بعد كيلومترين، لكن زوجها لم يكن يقود سيارته قريبا منها.

وفي 22 مارس 2018، أسفرت غارة جوية ليلية تركية عن مقتل 4 رجال، وكلهم أبناء أعمام كانوا يزورون بيت أسرتهم في قرية بمنطقة جومان. وبحسب الجيران، لم تكن لديهم أي صلات بحزب العمال الكردستاني، وكان 3 منهم أعضاء في قوات "البشمركة" التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق التي لا تخوض أي نزاع مسلح ضد تركيا.و قال جيرانهم وأقاربهم إن أقرب وجود لحزب العمال الكردستاني كان في الجبال على بعد 5 كيلومترات، وإن هذه كانت أول غارة جوية على القرية.

كما أودى قصف تركي في 30 يونيو بحياة مدنية عمرها 19 عاما، على بعد 7 كيلومترات من الحدود. وقال والدها إنها كانت مع عائلتها ومجموعة كبيرة من القرويين وهم يحصدون الثمار والأعشاب البرية. وقال إن هناك قاعدة تركية على بعد 3 كيلومترات، ولا وجود لحزب العمال الكردستاني في أي مكان قريب على حد علمه.

التقارير الإعلامية والشهود الذين قالوا إنهم رأوا الطائرات والاتجاه الذي جاء منه القصف أشارت إلى أن القوات التركية كانت وراء الهجمات الأربع. وقال الشهود إنهم لم يتلقوا أي تحذير من العراق أو حكومة إقليم كردستان أو تركيا بشأن الابتعاد عن العمليات العسكرية الجارية. وقالت جميع الأسر الأربع التي فقدت أقاربها إنه لم يتصل بها أي مسؤول للتحقيق في الهجمات أو تقديم أي تعويضات، وإنها لا تعرف كيفية طلب إجراء تحقيق أو تعويضات.

هجمات تركية بدون موافقة بغداد

وشددت هيومن رايتس ووتش على ضرورة استهداف الهجمات التركية الأهداف العسكرية الشرعية فقط كما يتعين على تركيا إصدار تحذير فعال، واتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين، وضمان عدم إلحاق ضرر غير متناسب بالمدنيين والأعيان المدنية.

وبينت انه سبق وأودت عمليات عسكرية تركية في العراق بحياة مدنيين في الماضي، بما في ذلك هجوم 2015 في جبال قنديل. وأشارت التغطية الإعلامية للعمليات العسكرية التركية إلى 15 هجوما إضافيا ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2015 وأغسطس 2018، تسببت في سقوط ضحايا مدنيين.&

وقد نفت بغداد منحها الموافقة على العمليات التركية في شمال العراق، لكن لم تتضح التدابير التي اتخذتها الحكومة العراقية أو حكومة إقليم كردستان للتحقيق في الهجمات. في 16 سبتمبر، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن حرس الحدود التابعين للحكومة الاتحادية سينتشرون على الحدود مع تركيا لتوثيق الخروقات الجوية و"منع أي خروقات".

أربيل تؤكد متل أكثر من 50 مدنيا

وأوضحت هيومن رايتس ووتش انها كتبت إلى السلطات التركية والعراقية وتلك التابعة لإقليم كردستان تتساءل عن التدابير المتخذة لتقليل الضحايا المدنيين والتحقيق في سقوطهم، وتمكين الضحايا وأسرهم من الحصول على تعويضات. وقالت انه في رد بتاريخ 16 سبتمبر، صرح ديندار زيباري، المسؤول عن التواصل مع المنظمات الدولية في حكومة الإقليم، أن الأخيرة لا تنسق مع القوات المسلحة التركية بخصوص العمليات العسكرية في شمال العراق قبل حدوثها.&

وقال إن حكومة الإقليم "شجعت تسوية النزاع سلميا بين الطرفين" وإنها دأبت على إدانة الهجمات التي تؤذي المدنيين. وزارة البشمركة التابعة لحكومة الإقليم تبلغ الحكومة الاتحادية بانتظام عن آثار الهجمات لكي تضغط باتجاه وقف الهجمات، بحسب زيباري.&

وأطلع زيباري هيومن رايتس ووتش على 32 تقرير حوادث أعدتها وزارة البشمركة بشأن العمليات العسكرية الإيرانية والتركية ضد حزب العمال ومجموعات كردية مسلحة أخرى في شمال العراق، بين ديسمبر 2016 ويوليو/تموز 2018 وعرض ملخصا بشأن القرى المتضررة والتي تم إخلاؤها بسبب الهجمات، وقال إنه في منطقة سيدكان وحدها، قُتل أكثر من 50 مدنيا.

ولم تتلقَّ هيومن رايتس ووتش أي رد من السلطات العراقية أو التركية.&

دعوة لتحقيق نزيه وتعويضات

ودعت المنظمة تركيا وحكومة إقليم كردستان إجراء تحقيقات نزيهة وشاملة وشفافة لتحديد ما إذا كانت تلك الهجمات غير قانونية وعلى السلطات التركية تعويض ضحايا أي هجمات غير قانونية واتخاذ جميع التدابير الممكنة لتقليل الإصابات بين المدنيين كما على العراق وحكومة إقليم كردستان الضغط على تركيا لإجراء تحقيقات وتقديم تعويضات في حال كانت الهجمات غير قانونية.

وفي الختام قالت لما فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "في حين يقع الالتزام بالتحقيق والتعويض على عاتق تركيا ينبغي لبغداد وأربيل اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لحماية المدنيين العراقيين من العمليات العسكرية غير المشروعة".

وكان العراق قرر الاحد الماضي نشر قوات حرس الحدود على الحدود العراقية التركية البالغ طولها 331 كيلومترا لحمايتها ومنع اي خروقات وتوفير الاعداد والمستلزمات الكافية لذلك.

وعادة ماتقوم القوات التركي البرية والجوية بخرق الأجواء والاراضي العراقية في ظل حملتها المستمرة ضد المقاتلين الأكراد شمالي العراق بينما لا تزال قوات تركية تتمركز في قضاء بعشيقة بمحافظة نينوى الشمالية بالقرب من عاصمتها الموصل.

وفي حزيران يونيو الماضي توغل الجيش التركي بعمق 30 كيلومترا داخل الأراضي العراقية خلال ملاحقته مسلحي حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل بإقليم كردستان شمال العراق.

وتشن الطائرات التركية بين فترة وأخرى غارات على مواقع الحزب المنتشرة داخل الأراضي العراقية الشمالية حيث تقول تركيا إنها تعمل على إقامة خط "منطقة مسيطر عليها" بعمق 26 إلى 27 كيلومترا داخل الأراضي العراقية بهدف "تجفيف منابع الإرهاب" في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.