نصر المجالي: وجدت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي نفسها، في موقف لا تحسد عليه، خلال مشاركتها في القمة الأوروبية غير الرسمية في سالزبورغ مساء الأربعاء، وخصوصا في ما يتعلق بمفاوضات "بريكست" الحائرة، وحث القادة الأوروبيون بريطانيا على إجراء استفتاء ثان.

ومع تفاقم حالة الجمود حول المفاوضات، رأت مصادر سياسية أن قمة سالزبورغ نسفت خطة (تشيكرز) التي كانت رئيسة الوزراء أعلنتها خلال اجتماع لكبار وزرائها في مقرها الصيفي في يوليو الماضي.

وقالت تقارير إنه على الرغم من أن ماي وجهت نداء &من أجل "حل وسط" في القمة، فإن رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك أصر على رفض خطة ماي التي أطلق عليها اسم (لعبة الداما) التي من شأنها تقويض السوق الواحدة.

وفي غضون ذلك، رفضت رئيسة الوزراء بشكل صريح أحدث مقترحات للاتحاد الأوروبي لحل مشكلة الحدود الشمالية لأيرلندا ، قائلة "إنها ستفكك المملكة المتحدة". وشددت على القول في مؤتمر صحفي في ختام القمة: "لا يمكن أن يقسم أي اقتراح بريطانيا إلى منطقتين جمركيتين".

وخلال مائدة العشاء التي شاركتها مع 27 من نظرائها الليلة الماضية، استبعدت السيدة ماي أي تأخير لرحيل بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس المقبل، وأصرت على أنه لا توجد ظروف يمكن أن تنظر فيها في تصويت وطني آخر حول هذه القضية.

وكانت ماي أعربت يوم الاثنين الماضي عن اعتقادها بإمكانية التوصل الى "اتفاق جيد"، مؤكدة للذين يحتجون على استراتيجيتها للتفاوض في بريطانيا أن البديل الوحيد لخطتها الإبقاء على علاقة تجارية وثيقة مع الاتحاد الاوروبي "سيكون عدم التوصل الى اتفاق".

قمة أكتوبر

ويفترض أن يتوصل المفاوضون إلى اتفاق خلال قمة ستعقد في 18 اكتوبر في بروكسل لتنظيم هذا الانفصال المقرر أن يبدأ في نهاية مارس 2019. لكن الإبقاء على هذا الموعد يزداد صعوبة بسبب المشاكل التي ما زالت قائمة.

وأعلن توسك يوم الثلاثاء الماضي أن الدول الـ27 ستناقش إمكانية الدعوة إلى قمة استثنائية في نوفمبر، بعد قمة اكتوبر، لزيادة فرص النجاح. وقال "للأسف سيناريو +لا اتفاق+ ما زال ممكنا، لكن إذا تحركنا بمسؤولية يمكننا تجنب الكارثة".

لحظة الحقيقة&

من جهته، قال كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي الفرنسي ميشال بارنييه إن قمة اكتوبر "ستكون لحظة الحقيقة"، مشيرا الى أنه سيتم خلالها "البحث في ما إذا كان الاتفاق في متناول يدنا" وما إذا "تم حل المسألة الايرلندية".

وكانت لندن والمفوضية الأوروبية توصلتا إلى حل معظم القضايا الخلافية لبريكست وخصوصا التسوية المالية، لكن المفاوضات ما زالت متعثرة بشأن مصير الحدود الإيرلندية.

ويتفق الطرفان على تفادي إقامة حدود فعلية بين مقاطعة ايرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الاوروبي.

وتطلب الدول الـ27 أن يكون مقررا بقاء ايرلندا الشمالية لمدة غير محددة ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي في حال غياب حل آخر. ويردّ البريطانيون بالقول إن ذلك من شأنه إقامة حدود غير مقبولة بين ايرلندا الشمالية وسائر أراضي المملكة المتحدة.

وقال بارنييه في هذا الشأن "نحن مستعدون لتحسين هذا الاقتراح".

ماكرون

ومن جهته، وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادا واضحا لمقترحات السيدة مايو لتوحيد قواعد الاتحاد الأوروبي على موضوع السلع ولكن ليس الخدمات، قائلا إننا لن نقبل&ما يسمى "الانتقاء"، وإن فعلنا ذلك، فإن&سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة تآكلت.

وأصر زعماء أوروبيون آخرون على أنه مع المأزق الذي تواجهه مفاوضات (بريكست)، فإنه يتعين على المملكة المتحدة&إجراء تصويت عام آخر حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ميركل

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنه "يجب إحراز تقدم ملموس بحلول شهر أكتوبر، أي قبل اجتماع المجلس الأوروبي، كي تكون هناك أي فرصة للتوصل إلى اتفاق".

ورأت ميركل في مؤتمر صحافي عقدته في سالزبورغ أن هناك&"تقدما كبيرا" على اتفاق انسحاب بريطانيا من قبل اجتماع المجلس الأوروبي المقبل في أكتوبر، من أجل تمهيد الطريق لأن يتم وضع اللمسات الأخيرة على قمة خاصة في نوفمبر.

وحذرت المستشارة من أنه "ما زال هناك عمل كبير" في قضية منفصلة تتعلق بعلاقات التجارة المستقبلية مع المملكة المتحدة. وقالت إن قادة الاتحاد الأوروبي الـ 27 "اتحدوا أنه في مسألة السوق الموحدة ، لن تكون هناك تنازلات".

وأكدت ميركل: "لا يمكن لأحد أن ينتمي إلى السوق الموحدة إذا لم تكن جزءا من السوق الموحدة".

ويشار إلى أن رؤساء دول وحكومات الاتحاد واصلوا مناقشاتهم الخميس حول قضية الأمن، قبل أن يختتموا اجتماعهم بالبحث مجددا في مسألة انفصال المملكة المتحدة لكن هذه المرة في غياب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قبل ستة أشهر تماما من انفصال لندن المقرر.

وكما هو معروف، فإن قمة سالزبورغ "غير رسمية" لا ينتظر صدور أي قرارات عنها، لكنها تهدف إلى تمهيد الطريق للأشهر المقبلة.