اختلفت الآراء حول بيان ميثاق دمشق الوطني الذي وقعه دمشقيون معارضون للنظام السوري في هذا الأسبوع، وتصاعدت حدة الانتقادات من المعارضين والمنسحبين.

إيلاف: رأى البعض أن "الميثاق هو تجمع مدينة، وبالتالي هو مناطقي يبحث موقعوه عن مكان سياسي، بينما من المفترض عندما نتناول قضايا الشأن الوطني ومصير سوريا يجب أن يكون ذلك وفق توجه وطني عام، وليس ضمن هويات جزئية"، كما اعتبروا أن البيان "بيان ناعم" لم يتطرق إلى "الأمور الجوهرية وأساسيات الثورة السورية، مما حدا بالموقعين إلى إصدار بيان آخر إيضاحي.

دمشق مع الثورة
وأوضح المحامي بسام طبلية المعارض السوري حقيقة الميثاق. وقال لـ"إيلاف": "هو تجمع اجتماعي مدني خدمي غير سياسي يهدف إلى تأطير العمل لدى الناشطين، ويدعو الجميع إلى الانضمام بغضّ النظر عن المناطقية والإثنية أو المذهبية. نهدف إلى إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي والمشككيين بانتماء الدمشقيين لنؤكد أن دمشق تقف مع الثورة، وأننا نريد سوريا بدون الأسد، وأن العدالة الانتقالية هي مطلبنا، والتي هي مطلب محق وشرعي". مؤكدًا ما تم من إساءة لهذا الميثاق منشأها قراءة البيان المقتضب دون الميثاق نفسه وأبوابه السبعة، والذي أكد على ثوابت الثورة.

تعددية تلتزم الشريعة
واعتبر أن "ميثاق دمشق قام بالعمل عليه العديد من الشخصيات الوطنية، ويهدف إلى تأطير العمل وفق ثوابت وطنية صحيحة ثورية، بحيث يكون بناء الإنسان هو الغاية الحقيقية للمشروع ضمن دولة مدنية تعددية ديمقراطية، لا تخالف الشريعة الإسلامية، يسودها ويحكمها القانون، وتعبّر عن الوجه الحقيقي لسوريا، آخذين بعين الإعتبار الإنتماء الدمشقي بجذوره الإنسانية والبعد التاريخي له".

وأشار إلى أن دمشق "هي العاصمة التي يعيش فيها كل السوريين، وتعيش هي في قلب كل السوريين. الميثاق فتح الباب لكل السوريين من المحافظات والأعراق والمذاهب كافة إلى الانضمام لدعم هذا الميثاق، طالما أن حب الوطن هو أساس لهذا الانتماء".

لا مهادنة
وأصدر المؤسسون بيانًا جديدًا عطفًا على بيان مؤتمر ميثاق دمشق الوطني، الذي عُقد في الثالث عشر من سبتمبر، وأوضحوا مجموعة من النقاط، محاوليت الرد على الانتقادات.

أكد البيان الجديد أن البيان الأول أشار إلى ميثاق دمشق الوطني كمرجعية للمؤتمر وللمجموعة المنبثقة منه. وأوضح أن "ميثاق دمشق الوطني انطلق في هذا التوقيت الذي تخضع فيه دمشق وريفها إلى احتلال من قبل نظام الأسد والاحتلالات الخارجية والميليشيات المرتزقة التي تدعمه، وانطلق بأصوات دمشقية ليؤكد أن أبناء العاصمة داعمون لمطالب الشعب السوري المحقة التي انطلقت بها الثورة السورية ودحض ادّعاءات النظام بغير ذلك".

يشير البيان والميثاق إلى "العمل على الانتقال السياسي والتمسك بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها جنيف 1 و قرارات مجلس الأمن (2118 و2254) والتي تدعو بدورها إلى الانتقال السياسي، وبذلك فهو يؤكد رفضنا أي مهادنة للنظام، ويظهر موقف واضح وثابت تجاه انهاء حكم الأسد وعائلته وكل من ارتبط بالاستبداد الأسدي، كما هو وارد في الباب الثاني من الميثاق. كما وأكد إيماننا بحتمية الانتقال نحو دولة المؤسسات والقانون والتعددية السياسية".

العدالة الانتقالية&
كما يشير الميثاق، بحسب الموقعين، بوضوح إلى المطالبة بالعدالة الانتقالية ومحاسبة المجرمين ضد الإنسانية ومجرمي الحرب ومعاقبتهم. والتعويض لذوي الشهداء والجرحى والمتضررين وخروج كل القوى العسكرية الخارجية في الباب الرابع من الميثاق.

وأكد الموقعون أن ميثاق دمشق الوطني "أبعد ما يكون عن المناطقية، فهو ينطلق من مدينة جامعة للسوريين جميعهم بكل خلفياتهم الثقافية والقومية والإثنية نحو سوريا واحدة متعاضدة متآلفة حاضنة لجميع أبنائها، ويدعو إلى مؤتمر وطني جامع، وهي آلية سليمة للعمل الوطني، وردت في معظم أدبيات مؤسسات المعارضة، وتنطلق من تدرج الإطار الجغرافي بعيدًا عن أيديولوجيات تدعو إلى التفرقة، مذهبية أو قومية أو حزبية، كما يوضح الباب الثالث من الميثاق، والذي يرحب بجميع السوريين عضوية ومساهمات".

كما لفت الموقعون إلى أنه لم يدّعِ المؤسسون "تمثيل دمشق وريفها، بل أوضح الميثاق واجب أبناء دمشق وكل السوريين للعمل لتحرير سوريا &وعاصمتها دمشق المحتلة من النظام المجرم وداعميه الذين أمعنوا في سياسات التغيير الديمغرافي وإخفاء معالمها وهويتها الثقافية الأصيلة والتشويه المتعمد لعمرانها وتركيبتها الاجتماعية، كما هي الحال في معظم المحافظات السورية" على حد قول البيان.

وأكد الموقعون أخيرًا أن الميثاق يدعم مطالب الثورة ويحملها في كل منبر كواجب وطني وأخلاقي وإنساني لا حياد عنه، وأن سياسة التخوين أصبحت متداولة في الأوساط الثورية السورية في حالة تدمير ذاتي يستفيد منها نظام الأسد قبل أي جهة أخرى.

انتقادات&
وأعلن المعارض السوري مروان العش ممثل اتحاد تنسيقيات السوريين، الذي كان مشاركًا في تأسيس الميثاق، انسحابه منه، ورفضه التوقيع عليه، وذلك لعدم ذكر دور الثورة في مواجهة النظام، وعدم الإشارة إلى محاسبة النظام على أفعاله وجرائمه دوليًا ومحليًا، الأمر الذي اعتبر أنه "أفقده روح الثورة".

أضاف العش أنه كان قد قدّم اقتراحاته من تعديلات وملاحظات حول الميثاق، إلا أن القائمين على الميثاق تجاهلوا ذلك. كما أعلن الكاتب سعد الدين البزرة رفضه التوقيع على الميثاق لاعتراضه على "المنحى الدمشقي الضيق البحت في كل مرافق الميثاق"، الذي "لا يتجانس مع متطلبات الوقت الحاضر بتشاركية الآلام والأحلام والمصير بين كل أبناء الوطن في كل المحافظات"، كما نشر على حسابه في فايسبوك.

وكتب المحامي أنور البني على حسابه &في فايسبوك "من يدّعي تمثيل دمشق الحرة ويصدر ميثاقًا (تاريخيًا) باسمها يقزّم مطالب ثورة الحرية والكرامة بإخراج الأجانب، ويتناسى الاحتلالات من الدول"، معتبرًا أن الميثاق يجعل من مطلب الحرية مجرد إصدار قانون أحزاب وإلغاء قوانين "تحت شعار دولة ديمقراطية مدنية، الذي يحمله حتى النظام المجرم".