إيلاف من نيويورك: تداعيات تقرير نيويورك تايمز عن اقتراح نائب وزير العدل، رود روزنستاين بالتنصت على دونالد ترمب، وعزله عبر تفعيل التعديل الخامس والعشرين، لم تنته بعد، الجميع مشغول بما كشفته الصحيفة، وتوقيت التقرير يصعب من مهمة الخروج باستنتاجات وخلاصات.

الغيوم السياسية تتلبد فوق أجواء الولايات المتحدة الأميركية من التحقيق الروسي الى الاتهامات التي استهدفت مؤخرا مرشح ترمب للمحكمة العليا، بريت كافانوه، والانتخابات النصفية، وجاء تقرير الصحيفة الأميركية الأشهر ليصب الزيت على النار اكثر، بعد اقل من شهر على نشرها افتتاحية وُصفت بالمتفجرة والتي جعلت موظفي البيت الأبيض يشكّون حتى في أنفسهم.

لماذا الإنقلاب؟

تساؤلات كثيرة طُرحت مساء اول من امس، هل كانت الولايات المتحدة بالفعل على موعد مع انقلاب دستوري مفاجئء يخرج ترمب من البيت الأبيض، ولماذا يعمد احد اركان الإدارة (روزنستاين) الى تنظيم انقلاب على رئيسه، وهل المخطط المنشور لا يعدو عن كونه مزحة اطلقها نائب وزير العدل، ام انه كان جديا ولكن العوامل التي من شأنها المساهمة في انجاحه كانت مفقودة فعمل اركان وزارة العدل الى تسخيف الامر ووضعه في خانة المزحة.

أصل العلاقة السيئة

المطلعون على السياسة الأميركية يدركون العلاقة السيئة بين ترمب ووزارة العدل بشخص الرجل الأول جيف سيشنز ونائبه رود روزنستاين، الأخير يعتبر ان الرئيس الأميركي استخدم اسمه والمذكرة التي رفعها اليه بعد تعيينه في منصبه أوائل شهر مايو 2017 لتبرير قرار طرد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، جيمس كومي، وان سمعته تلطخت بسبب هذا الامر، اما ترمب فينظر الى روزنستاين بوصفه المسؤول عن تعيين روبرت مولر في منصبه كمحقق خاص، ومنحه صلاحيات مطلقة أودت حتى الان بعدد من اركان حملة ترمب الى السجن، وأيضا الى تسليط الأضواء على افراد عائلته كنجله دونالد ترمب جونيور، وصهره جاريد كوشنر.

فخ منصوب لترمب؟

لكن بين الانقلاب والعلاقات السيئة، خرج عدد من اقرب حلفاء ترمب ليطالبوا رئيسهم بعدم اتخاذ أي تدبير بحق روزنستاين في الفترة الحالية، معتبرين ان ما جرى هو فخ نصب للرئيس يهدف الى استدراجه لطرد نائب وزير العدل ثم قيام معارضيه باتهامه بعرقلة العدالة جراء قراره مما يوقع البلد في ازمة لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

التخلص من الرائحة الكريهة

وكان ترمب قال في تصريحه الأول عقب تقرير التايمز، "انظروا إلى ما يحدث في وزارة العدل وفي مكتب التحقيقات الفيدرالي.. هناك أشخاص سيئون جداً" مضيفاً: "رأيتم ما يحدث في مكتب التحقيقات الفيدرالي، لقد ذهبوا جميعاً، لقد ذهبوا جميعاً؛ ولكن لا تزال هناك رائحة كريهة متبقية، وسنتخلص منها أيضاً"، اما نجله فصوب مباشرة على روزنستاين قائلا، "لم يتفاجأ أحد بأن هؤلاء الناس يبذلون كل الجهود لتقويض رئاسة ترمب".

تعارض وجهات النظر

وبات جليا ان المقربين من ترمب خصوصا الإعلاميين يتوافقون على طرد روزنستاين ولكنهم يختلفون حول التوقيت، فمذيعة فوكس نيوز لوار انغراهام غردت مباشرة بعد نشر التقرير داعية الى طرد نائب وزير العدل اليوم، بينما قدم زميلها في الشبكة ذاتها، شون هانيتي نصيحة مغايرة الى الرئيس.

عملية استدراج

هانيتي الذي تقول وسائل الاعلام انه يتواصل مع ترمب بشكل يومي، تحدث عن مؤامرة وراء التقرير تهدف الى استدراج الرئيس لطرد روزنستاين مباشرة وتحويل الامر سياسيا الى مجزرة ليل الجمعة، في إشارة إلى مجزرة ليل السبت عام 1973 حين طرد الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون المدعي العام آرشيبالد كوكس، الأمر الذي أدى لاحقاً إلى عزله من الرئاسة.

لعبة الاعداء

المذيع المحافظ، مارك ليفين، طالب زملاءه بعدم الاستعجال والخروج باستنتاجات حول تقرير نيويورك تايمز، وحذر من أن أعداء ترمب ربما يحاولون إرغامه على طرد روزنستاين قبل الانتخابات النصفية عن طريق تسريب معلومات من مذكرات نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق أندرو ماكابي.

هذا ما يريدونه

واعتبر، "ان ماكابي، أو روبرت مولر، أو نائب مولر، أندرو فايسمان لديهم دوافع واضحة لتسريب الادعاءات عن روزنستاين إلى صحيفة التايمز"، مشيرا، "الى انهم لا يمتلكون أي شيء ضد ترمب، وان مكتب المحقق الخاص لا يود سوى قيام الرئيس بطرد المشرف على عمل مولر (نائب وزير العدل) ليوجه اليه اتهامات بعرقلة العدالة بشكل فعلي، والتأثير على التحقيقات."