تثير ظاهرة منع الكتب في الكويت غضبًا في أوساط الناشطين الشباب والكتاب الكويتيين، الذين يعتبرونها نوعًا من "الوصاية"، مع منع نحو أربعة آلاف كتاب خلال السنوات الخمس الماضية.

إيلاف: مع اقتراب الدورة 43 من معرض الكويت الدولي للكتاب المقررة في نوفمبر المقبل، يؤكد كتّاب وناشطون وغيرهم أن أسباب المنع في الغالب غير منطقية، وتأتي بسبب كلمة واحدة في بعض الأحيان.

عالمية وعربية
وخرج نشطاء وكتّاب كويتيون في تظاهرتين خلال هذا الشهر للتنديد بمنع الكتب. ويغرّد ناشطون على موقع تويتر مع وسم #ممنوع_في_الكويت، لانتقاد الرقابة ومنع الكتب، إضافة إلى وسم #لا_تقرر_عني.

تضم قائمة الكتب الممنوعة في الكويت روايات عالمية، مثل "أحدب نوتردام" لفكيتور هوغو، و"مئة عام من العزلة" لغابرييل غارسيا ماركيز، وكتبًا أخرى لمؤلفين عرب، وكتبًا دينية إسلامية.

تقول الروائية الكويتية ميس العثمان لوكالة فرانس برس "للأسف ظاهرة منع الكتب بدأت تتفاقم". حجزت رواية العثمان "الثؤلول" من قبل وزارة الإعلام الكويتية منذ 2015. الرواية التي تدور حول فتاة تعرّضت للاغتصاب إبان الغزو العراقي للكويت، تم التحفظ عليها بسبب مضمونها.&

عملية مجتزأة
ترى العثمان أن هناك ما تصفها بـ "قسوة" في المنع. تضيف "للأسف يتم ذلك عن جهل تام، لأن الرقيب موظف، ومهمته هي البحث فقط عن الكلمات المحظورة بشكل مجتزأ، حتى وإن تعلّق الأمر بكتب دينية إسلامية".

وبحسب العثمان، تم تسريب وثائق رسمية صادرة من لجنة الرقابة الكويتية صدمت الرأي العام بسبب عدد الكتب وطبيعتها، وكون بعضها روايات عالمية متداولة في الكويت.

يؤكد وكيل قطاع الصحافة والنشر والمطبوعات في وزارة الإعلام الكويتية محمد العواش لوكالة فرانس برس أن "المنع هو الإستثناء، والإجازة هي الأصل"، مشددًا على أن وزارته تقوم فقط بتطبيق قانون النشر والمطبوعات الذي صادق عليه مجلس الأمة في 2006.

معايير متغيرة
بحسب العواش، فإن القانون "وضع 12 سببًا للمنع، بينها المسّ بالذات الإلهية أو الرسول أو الصحابة أو ازدراء الأديان والنسيج الإجتماعي أو الوحدة الوطنية" وغيرها.

ويقول الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي لفرانس برس إن من أسباب المنع المحتويات "الخادشة للأداب". يضيف "هذه محاذير فضفاضة ومرنة وتتغير (...) هذه المعايير تتغير عبر الزمن".

تختص لجنة الرقابة في وزارة الإعلام بإجازة الكتب. ويقول محمد العواش إن سبعة من أعضائها التسعة، هم أكاديميون من غير موظفي الوزراة لضمان شفافية عملهم.

"مخدرات" منزلية!
أثار منع كتب كانت متداولة في السابق في الكويت، مثل رواية ماركيز وغيرها، استغرابًا شديدًا في أوساط الشبان الكويتيين. كتبت إحدى الكويتيات في تغريدة على موقع تويتر ساخرة: "في بيتي مخدرات" مرفقة بصور لكتب ممنوعة في الكويت، بينها رواية لماركيز.

في تغريدة أخرى، قالت الكاتبة الكويتية بثينة العيسى "- ما هو سبب المنع؟ - الجهل". يشرح العواش أن السبب هو "إختلاف الترجمة ودار النشر وتضمّن الترجمة الجديدة محاذير قانونية".

كانت هذه الدولة الخليجية الصغيرة تشهد حياة ثقافية نشطة، وصدرت فيها مجلات عربية مهمة كثيرة، مثل "العربي" و"عالم المعرفة"، التي كانت منتشرة بشكل كبير في العالم العربي. وتعد الكويت أكثر دول الخليج العربي تحررًا في الحياة السياسية.

يرجّح الكاتب الكويتي عقيل يوسف عيدان، الذي منعت الرقابة الكويتية اثنين من كتبه، أن أحد أسباب المنع يعود إلى "صفقات وضغوطات تمارسها بعض التيارات الدينية على عدد من المؤسسات الفكرية لحماية وزير القطاع من أداة الإستجواب في مجلس الأمة".

ورأى في حديث لفرانس برس أن "الرقيب يحاول اليوم تشويه سمعة الكويت الثقافية، من خلال منع الكتب بسبب كلمة أو جزء من صورة".

لا ضغوطات إسلامية
لكن وكيل قطاع الصحافة والنشر والمطبوعات في وزارة الإعلام الكويتية محمد العواش، نفى وجود أي ضغوط على الوزارة &أو وزير الإعلام. وقال إن "المسطرة الوحيدة التي نتعامل وفقها هي قانون النشر والمطبوعات فقط".

ويرى الأمين العام للحركة التقدمية أحمد الديين أن على الكويتيين أن يركزوا الآن على مسألة إلغاء القيود التي يتضمنها قانون المطبوعات. يتابع "هذه القيود، وبينها المساس بالدين وإثارة &البلبلة حول الوضع الاقتصادي، قابلة للتفسير بطرق شتى، وهناك فرق بين كتاب إباحي، وآخر يتناول الجنس من الناحية العلمية، وفرق بين كتاب يزدري الدين وآخر يتضمن بحثًا علميًا عن الأديان".

من جهته، أشار الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي إلى أنه لم يحصل أبدًا أن أدين أي شخص في الكويت بسبب بيع كتب ممنوعة. إذ تتم في العادة مصادرة الكتب وعدم إدخالها إن لم تحصل على ترخيص مسبق من وزارة الإعلام الكويتية خاصة قبل معرض الكتاب، حيث يتم التدقيق على شحنات دور النشر الأجنبية.

وترى العضو في الحركة الليبرالية الكويتية إيمان جوهر حيات أن أسباب المنع "غير منطقية في بعض الأحيان"، مشيرة إلى أنه "في بعض المرات يتم منع مُؤلّف بسبب كلمة واحدة" في كتابه.

تتابع "بعض الكتب مجازة في المملكة العربية السعودية وممنوعة عندنا، وهذا معيب بالنسبة إلى الكويت"، مؤكدة أنه "ليس لأحد أن يفرض علينا الوصاية".
&