تتبادل الهند وباكستان انتقادات لاذعة بعد أن نشر تقرير إخباري أن دلهي نفذت ما لا يقل عن 20 عملية قتل خارج نطاق القضاء في الدولة المجاورة.

ولم ترد الهند رسميا على هذه المزاعم التي نشرت في صحيفة الغارديان الأسبوع الماضي، لكن وزير دفاعها قال يوم الجمعة إن الهند ستقتل أي شخص يهرب إلى باكستان بعد زعزعة السلام في البلاد.

وكان رد فعل باكستان حاداً، ووصف مسؤولون التصريحات بـ"الاستفزازية".

وتسود علاقة متوترة بين الدولتين اللتين خاضتا ثلاث حروب منذ استقلالهما في عام 1947.

ووصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في عام 2019، عندما نفذت الهند غارات جوية على معسكرات للمتشددين في منطقة بالاكوت الباكستانية رداً على هجوم انتحاري أسفر عن مقتل 40 جندياً في كشمير، الخاضعة للإدارة الهندية.

وأعلنت الجماعة، التي تطلق على نفسها اسم "جيش محمد"، والتي تتخذ من باكستان مقرا لها مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في مقاطعة بولواما.

منذ ذلك الحين، ساد هدوء نسبي بين البلدين.

وبدأ أحدث تصاعد للتوترات يوم الخميس الماضي، بعد أن زعمت صحيفة الغارديان في تقرير أن الهند متورطة في قتل ما لايقل عن 20 شخصاً في باكستان منذ عام 2020 كجزء من سياسة أوسع نطاقاً "لاستهداف الإرهابيين الذين يعيشون على أرض أجنبية".

وقبل أشهر، اتهمت كندا أيضاً الهند بتنفيذ عمليات قتل دون حكم قضائي في البلاد، وهي تهمة تنفيها دلهي.

يأتي هذا في وقت تفصل الهند أسابيع عن الانتخابات العامة، التي من المقرر إجراؤها اعتباراً من 19 أبريل/نيسان.

ويقول محللون إن السياسيين، وخاصة من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم ، غالبا ما يستخدمون ما يجري كخطة استطلاع قومية لكسب تأييد الناخبين.

أشارت الصحيفة في التقرير إلى أن "مسؤولين كبار من وكالتين استخباراتيتين باكستانيتين منفصلتين زعموا أن وكالة التجسس الهندية - جناح البحث والتحليل متورطة بشكل مباشر في الاغتيالات".

وزعم المسؤولون الذين لم يكشف عن أسمائهم أن الاغتيالات التي تنفذها الهند في باكستان والغرب "زادت بشكل كبير" منذ عام 2023 وأن دلهي استلهمت عملياتها من وكالات تجسس أجنبية أخرى، والتي ارتبطت بعمليات قتل خارج نطاق القضاء على أرض أجنبية.

جستن ترودو
Getty Images
رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو اتهم الهند بتنفيذ عمليات اغتيال دون أحكام قضائية

ويمضي التقرير إلى قول بمسؤولين هنديين لم يذكر اسميهما، إن الهند قررت استهداف المنشقين في الخارج بعد هجوم بولواما في عام 2019.

ونقل التقرير عن عميل استخباراتي هندي لم يذكر اسمه أيضاً قوله: "بعد بولواما، تغير النهج المتبع بخصوص استهداف العناصر خارج البلاد قبل أن يتمكنوا من شن هجوم أو إحداث أي اضطراب".

وقال: "لم نتمكن من وقف الهجمات لأن ملاذاتهم الآمنة كانت في نهاية المطاف في باكستان، لذلك كان علينا الوصول إلى المصدر"، مضيفاً أن مثل هذه العمليات "تحتاج إلى موافقة من أعلى مستوى حكومي".

ولم ترد الهند على الفور على مزاعم الصحيفة، على الرغم من أن التقرير يقتبس من وزارة الخارجية نفيا سابقا لوزير الخارجية إس جيشانكار، أكد فيه أن عمليات القتل المستهدفة في بلدان أخرى "ليست سياسة حكومة الهند".

لكن وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ قال يوم الجمعة إن "أي إرهابي يحاول إثارة الاضطرابات في الهند لن ينجو".

وأضاف سينغ لقناة سي إن إن نيوز 18 التلفزيونية ردا على سؤال حول تقرير الغارديان: "إذا هربوا إلى باكستان، فسوف ندخل باكستان لقتلهم".

وبعد ساعات، أصدرت وزارة الخارجية الباكستانية بيانا وصفت فيه تصريحات سينغ بأنها استفزازية. وقال البيان: "مثل هذا السلوك قصير النظر وغير المسؤول لا يقوض السلام الإقليمي فحسب، بل يعيق أيضا احتمالات التفاعل البناء على المدى الطويل".

وزعمت إسلام أباد أنها قدمت "أدلة دامغة" تربط الهند بعمليات القتل خارج نطاق القضاء على أراضيها ودعت المجتمع الدولي إلى "محاسبة الهند على أفعالها غير القانونية".

وأضاف البيان أن تأكيد الهند استعدادها لإعدام المزيد من المدنيين خارج نطاق القضاء، الذين يصنفون بشكل تعسفي بأنهم "إرهابيون" داخل أراضي باكستان، يشكل "اعترافاً واضحاً بالذنب".

ولم ترد الهند بعد على أحدث مزاعم باكستان.

وفي سبتمبر/أيلول، ادعى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن هناك "مزاعم موثوقة يحتمل أن تربط الدولة الهندية بقتل الانفصالي هارديب سينغ نيجار".

ونفت الهند هذه المزاعم وقالت إن كندا لم تكشف عن "أدلة ملموسة" لدعم هذا الادعاء.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قالت الولايات المتحدة أيضا إنها أحبطت مؤامرة مزعومة من قبل مواطن هندي يدعى نيخيل جوبتا، لاغتيال الزعيم الانفصالي جورباتوانت سينغ بانون.

ونفت الهند أي تورط لها لكنها قالت إنها "تتعاون" مع السلطات الأمريكية بشأن هذه القضية.