&محمد كركوتي

&

"العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني، يمكن أن تفضي إلى ثورة ناجحة" رودي جولياني - المحامي الشخصي للرئيس دونالد ترمب لا شيء يشغل النظام الإيراني اليوم وغدا، أكثر من موجة العقوبات الأمريكية القاصمة الجديدة، التي ستفرض عليه بدءا من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وهذه العقوبات باتت معروفة للجميع، يتصدرها قرار منع تصدير النفط الإيراني نهائيا، والتدخل لدى عدة حكومات بالتوقف عن استيراد هذا النفط، إلى جانب - بالطبع - الخنق المالي المتسارع لهذا النظام الإرهابي. ورغم أن الإدارة الأمريكية تتجنب الحديث عن تغيير نظام علي خامنئي، إلا أن مسؤولين فيها اعتادوا التأكيد على أن التغيير سيحصل نتيجة العقوبات؛ لأن الشعب الإيراني لم يعد يحتمل وجود مثل هذا النظام أكثر من ذلك، خصوصا بعدما حول البلاد إلى خراب يتفاقم يوما بعد يوم. فالكل يعرف الآن الوضعية المعيشية الحقيقية للإيرانيين، وهي تتأرجح بين زيادة سكان الجحور والكهوف وتوقف بعض الخدمات الحكومية الحيوية. يقول رودي جولياني محامي الرئيس الأمريكي الخاص "لا أدري متى سنطيح بالنظام الإيراني"، وهي عبارة لافتة، ولا سيما من قرب مصدرها من دونالد ترمب. والحق أن نظام الملالي لم يترك مساحة أو ممرا لنفسه يسمح له بفتح حوار جدي مع الإدارة الأمريكية، الذي يحدث هو العكس تماما،

علما بأن واشنطن لم تغلق باب الحوار، ولكن يجب أن يكون على أساس عقد اتفاق جديد حول النووي الإيراني. وبصيغة أوضح، تريد العاصمة الأمريكية معاهدة مع إيران وليس اتفاقا؛ لأنها ستكون ملزمة لكل الأطراف، بعيدا عن تلك الاتفاقات التي تتضمن ثغرات مثلما تتضمن من بنود. ولا توجد مؤشرات عن إمكانية تراجع الرئيس الأمريكي عن توجهه هذا، بصرف النظر عن المحاولات الأوروبية البائسة لإنعاش اتفاق باراك أوباما النووي بأي ثمن. محامي ترمب تحدث بوضوح بعيدا عن "البلاغة" الدبلوماسية. والملخص أنه لا يمكن العمل مع نظام خامنئي؛ لأن هذا الأخير لا يريد أن تكون بلاده جزءا طبيعيا من المنطقة والعالم، ولأنه لا يتعلم - كما هو واضح - من التجارب السابقة، ولأنه يعيش أوهاما ستنال منه،

ولأنه يعتمد منذ وصول الملالي إلى الحكم استراتيجية طائفية ظالمة بغيضة، لا يمكن أن تكون مقبولة لدى المجتمع الدولي. فحتى بعض الإشارات الإيجابية، التي أطلقتها إدارة ترمب تجاه الحوار مع طهران، أسرع مساعدو خامنئي لضربها إعلاميا. والحق أن إيران لم يعد لديها سوى تصريحات لا تخرج عن كونها فقاعات صوتية، مواقف كلامية لا أكثر، تمنيات بائسة ليس إلا. والحقيقة الواحدة التي تملكها الآن ليس سوى أوهامها. واللافت أيضا على الساحة الآن، ما أعلنه مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي نفسه، أن بلاده حذرت طهران من مغبة استخدام قوة بالوكالة لمهاجمة المصالح الأمريكية.

فالرد سيكون قويا وفاعلا، ليس فقط على الوكيل، بل على الفاعل الرئيس. هكذا بكل وضوح قال بومبيو. فالعصابات التابعة لنظام الملالي متعددة، منها ما هو نائم على الساحتين الأمريكية والأوروبية، فضلا عن التهديدات التي يطلقها مسؤولون إيرانيون بين الحين والآخر لضرب المصالح الأمريكية هنا وهناك. إيران التي يجري خنقها ماليا واقتصاديا الآن، أثبتت للعالم أنها دولة الإرهاب الأولى. فبدلا من أن تعيد النظر في سياساتها التخريبية للحفاظ على ما تبقى من كرامة شعبها، تطلق التهديدات يمينا ويسارا. وبصرف النظر عن صوتية هذه التهديدات، لكنها تحسب على النظام، وبالتالي تعجل من زمن محاسبته الكاملة. ورغم هذه التصريحات، لا بد من التأكيد دائما على أن علي خامنئي ونظام العصابة الذي يسيطر عليه يعاني كثيرا جراء الحصار الأمريكي، والخنق المالي المتصاعد.

&

فحتى عصابة حزب الله أعلنت رسميا أنها تعاني شح التمويل الإيراني، وكذلك يعاني سفاح سورية بشار الأسد ونظامه هذا الشح نفسه. ولم تعد تنفع الطرق الملتوية التي تمارسها طهران للحصول على الأموال، فكل يوم يكتشف العالم مؤسسة أو شركة أو حتى أفرادا يعملون لحساب خامنئي وعصاباته. وفي كل مرة، تتراجع الأموال في خزائن النظام، الذي استهلك كل ما تم الإفراج عنه من مال في فترة وجود باراك أوباما في السلطة بالولايات المتحدة، في حين لم تنفع المبالغ التافهة التي يحصل عليها من هذه الدول الأوروبية أو تلك. القضاء على النظام الإيراني يبقى دائما هو الحل الأمثل. وشعب إيران يتحين الفرصة بالفعل للتخلص من نظام جلب له الخراب، ووضع بلاده على رأس قائمة الدول المارقة. وهذا الشعب لا يترك فرصة إلا وينقض فيها على هذا النظام بأشكال مختلفة، رغم الوحشية الفظيعة التي يتعرض لها على أيدي حراس النظام الإرهابي. ومما لا شك فيه، فإن الخنق المالي المستمر سيزيد من الضغوط الشعبية، إلا إذا أخطأ النظام مجددا واستهدف المصالح الأمريكية، فستكون نهايته حتمية، وهذا ما يتمناه الإيرانيون قبل أي شعوب أخرى.

&