منذ وعينا الأول على وجه الحياة، ومنذ فتنتنا الأولى بالفرح الجماعي الأول، حيث (العيد) الذي نلتقي به مرتين في العام.. (عيد رمضان)، و(عيد الحج).. إذ لا معرفة لنا بما يسمى (عيد الفطر)، وذلك الذي يسمى (عيد الأضحى).. فتسمية (عيد الفطر) جاءت ارتباطاً بزكاة الفطر، وتسمية (عيد الأضحى) التصقت بأضحية العيد، ومع ذلك، لا نعرف، نحن جيل الستينات من القرن العشرين، سوى (عيد رمضان) ارتباطاً بشهر رمضان، و(عيد الحج) ارتباطاً بالركن الإسلامي الخامس (حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا).. فما بالك بالأجيال التي سبقتنا.. جيل الخمسينات مثلاً، أو جيل الأربعينات، أو الجيل الثلاثيني، أو ما إلى ذلك من أجيال سبقتنا بعشرات السنين.

هكذا نحن الجيل الستيني ضمن الحدود المعجمية المجتمعية آنذاك، حيث (زكاة الفطر) التي في معجمنا الاجتماعي تسمى (الفِطْرَة) التي تُوزع على الفقراء من قوت البلد (تمر، أرز...)، أو ما إلى ذلك من سلع غذائية من قوت أهل البلد.. يتبادلها الأهالي والجيران، ونحن الأطفال نحرص على الاستجابة لأوامر الوالدين وعموم الأهل بإيصال (الفِطْرَة) إلى مستحقيها ممن كُلِّفْنا بالذهاب إليه وتسليمها إيّاه.

إذاً، هكذا كانت (الفِطْرَة)، أو (زكاة الفطر) التي أوجبها الإسلام بمقتضى الحديث النبوي: «عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ».

على ضوء الحديث هذا، والأحاديث الصحيحة الأخرى المتعلقة بزكاة الفطر، يقول الإمام ابن باز «رحمه الله»: (الله جلَّ وعلا شرع لعباده ختم صيام رمضان بهذه الزكاة، وبصلاة العيد، وبالتكبير، والذكر، تعظيماً لله عز وجل وشكراً له على نعمته، بإكمال الصيام والقيام، وهي زكاة خفيفة، لكنها تنفع الفقراء والمساكين، وهي بحمد الله ليست ثقيلةً على مخرجيها، بل هي خفيفة، صاع واحد عن كل فرد من قوت البلد، من طعامهم، على الذكر والأنثى، والحرِّ والمملوك، والصَّغير والكبير من المسلمين، تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قبل صلاة العيد، إغناءً للفقراء).

على ضوء ذلك القول، وحيث البعض منا باستطاعته الوصول إلى مجموعة من الفقراء ممن يعرفهم أو على دراية بهم وبأحوالهم المعيشية وبوضعهم الاقتصادي، فإن البعض الآخر لا يمكنه الوصول إلى الفقراء ممن يستحقون زكاة الفطر.. لذلك، فإن الجمعيات الخيرية المعتمدة رسمياً في دولة الإمارات، بإمكانها إيصال الزكاة إلى مستحقيها.